فيديو| ?محمد جمعة.. قتيل في "غية الحمام"
خرجت مسيرة مؤيدة للرئيس الأسبق محمد مرسي في الطالبية، ومرت بشارع الخليفة المتفرع من شارع عثمان محرم، في منطقة الكُنيّسة. كان محمد جمعة في "غية حمام" فوق سطح بيت الجيران يطعم الطيور مع أقرانه.
لاحقت قوات الشرطة المتظاهرين فتفرقوا، وحاول متظاهر الدخول إلى البيت "الحاج درغام" فلاحقته قوات الشرطة وقبضت عليه، ثم لاحظت أن آخرين في "غية الحمام" فأطلقت الرصاص عليهم.
قتل في "غية الحمام" محمد جمعة، وأصيب عاطف عبدالرحمن، 17 عاما، طالب السنة الأولى بكلية التجارة، برصاصة أدت لتهتك ساقه وعظامها، ونال صديقهما محمد درغام خدش في قدمه من طلقة طائشة.
غية الحمام
ترتفع "غية الحمام" عن سطح البيت بنحو 10 أمتار. وهي هيكل خشبي تعلوه غرفة من شرائح الخشب المنظوم بدقة. يربي فيها الغاوون نوعا معينا من الحمام، ويتكاثر، ويطير فيخلق لهم نوعا من البهجة.
محمد جمعة، 21 عاما، سائق، وحاصل على دبلوم سياحة وفندقة، ولم يتمم عام زواجه الأول، فرحل تاركا أرملة في ريعان الشباب، وفي رحمها جنينا لم يكمل الشهر الثالث.
في يوم المسيرة وعقب الحادث، تحدث رئيس مباحث قسم الطالبية، المقدم أحمد الوليلى، لـ"دوت مصر"، قائلا إن منطقة الكُنيّسة شهدت اشتباكات بين عناصر الإخوان والأمن، ما أسفر عن إصابة ضابط في قطاع الأمن المركزي بطلق خرطوش.
وأشار مصدر أمني إلى أن عناصر الإخوان أطلقوا خلال المسيرة أعيرة نارية أثناء تفريقهم، وأن الاشتباكات أسفرت عن مقتل متظاهر، وإصابة مجندين بالأمن المركزي.
كانت السلطات المصرية أعلنت في ديسمبر من عام 2013 جماعة الإخوان "جماعة إرهابية"، وعليه فهي تلاحق أعضاءها وأنصارها لوقوعهم تحت طائلة القانون.
مسيرة الإخوان
بعد صلاة الجمعة من يوم 9 يناير، التقى محمد درغام بصديقة محمد جمعة وقريبه عاطف عبدالرحمن، وطلب منهما أن يصعدا معه لـ"غية الحمام" ليطعما الطيور، في حدث يتكرر كثيرا مع شباب نشأوا في منطقة شعبية تتداخل فيها علاقات القربى والصداقة والجيرة.
يقول جمعة عبدالجليل، الموظف السابق بالشركة الشرقية للدخان، والد "محمد"، وهو أب لثلاثة شباب آخرين وفتاة، إن نجله لم يكن مشاركا في مسيرة الإخوان "ابني مش إخوان ولا يعرف حاجة عن الإخوان خالص..احنا في حالنا ولا نعرف حاجة عن الإخوان".
أصاب رصاص الشرطة "محمدا" وهو في "غية الحمام" فدخلت في عينه وفقأتها وشقت رأسه فظهر مخه، وتصفى دمه الذي كان يضبغ ألواح خشب "العشة" بلون داكن وفارق الحياة على الفور.
حصل "دوت مصر" على فيديو سجله "محمد" وقت أن كانت قوات الأمن تطلق عليه الرصاص داخل "غية الحمام". يظهر الفيديو الذي سجله القتيل ارتباكه وخوفه قبل لحظات من مصرعه بإحدي تلك الرصاصات.
والد صابر
كان والده في قطعة أرض استأجرها ليديرها كموقف قبالة المنزل، وشاهد الواقعة بالكامل، وبعد مغادرة الشرطة سمع الجيران يقولون إن الرصاص قتل أشخاص في "الغية" فهرع لموقع الحادث وناولهم جلبابه ليلفوا به جثمان القتيل.
خرج بعدها نجله "عماد" من "الغية" ليخبر والده أن "محمدا" قد مات. يقول الوالد "عقلي تاه.. نزلت ماشي في الشارع بالكلسون والفانلة.. ماشي أقول انا احتسبتك عند الله شهيد يا محمد". ذكر والد القتيل أنه ابنه كان "رايح يسمع السلاح بتاعه تاني يوم. كان مخلص ورق الجيش".
أرملة حامل
في "غية الحمام" شرح لنا "محمد درغام بالتفصيل كيف تساقط رفقاؤه برصاص الشرطة. كان "درغام" يشرح الأحداث ويمثلها كما حدثت وكأنه يعيشها في كل لحظة داخل "الغية".
أرملة "محمد" كانت متشحة بالسواد. تحشرج صوتها بمجرد أن بدأت الكلام. في أسوأ كوابيسها لم تكن لتحلم بأن يقتل زوجها بعد تسعة أشهر من الزواج، ويترك في أحشائها جنينا يتخلق، تقول "بأي ذنب قتل".
يرقد "عاطف عبدالرحمن"، في مستشفى القصر العيني يتلقى العلاج من إصابة بالغة في ساقه، ويعتزم محمد درغام هدم "غية الحمام" بعدما اتفق مع تاجر خشب، أما أرملة "محمد جمعة" فأوقعها مقتله بين فرح بمولودها المنتظر وحزن لفراق زوجها.