حزب الله.. بين سندان سوريا ومطرقة لبنان
أثار الموقف الصامت لـ"حزب الله" اللبناني إزاء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت عناصره جنوبي سوريا، وقتلت 6 منهم، شكوك البعض حول إمكانية الرد على هذا الهجوم، فيما اعتبرته بعض الأوساط السياسية داخل لبنان إجراء متبع من التنظيم حيال الاعتدات الإسرائيلية السابقة عليه.
واعتبر البعض أن الحزب أصبح بين جبهتين، حتى إن لم يشأ، الجبهة اللبنانية الجنوبية وحربه مع الرئيس السوري بشار الأسد، فهو أي حزب الله دائما ما يعلن أنه يملك حق الرد في المكان والزمان المناسبين دون أن يحدد تفاصيل أكثر.
من جانبه، أرجع النائب عن الأكثرية النيابية اللبنانية، مروان الأحدب، في تصريحات لـ"دوت مصر"، عدم قدرة حزب الله على مواجهة إسرائيل في الوقت الحاضر لسببين: الأول انشغاله في الحرب السورية، وشكك في إمكانية تنفيذ أمين عام الحزب، حسن نصرالله، لتصريحاته التي أدلى بها لقناة "الميادين" منذ أيام، بشأن قدرته على الصمود بجبهتي قتال، وكان يقصد وقتها الجبهتين السورية والإسرائيلية.
أضاف أن السبب الثاني، الذي يقوض فرص الرد لدى حزب الله، هو عدم تحمل الوضع اللبناني لأي مغامرات عسكرية في الجنوب في ظل الانقسام السياسي الذي يشهده وضعف جبهته الشمالية المحاذية لسوريا، مضيفا أن اللبنانيين لن يقدموا الدعم والمؤازرة للحزب مثلما فعلو في حرب 2006، وطالب إيران بأن تتحمل مسؤوليتها وتمنع أي أصوات قد تنادي بفتح جبهة مع إسرائيل، مشددا على أن "داعش" في هذه الحالة ستكون البديل لأي عمل سياسي في لبنان.
وأعرب وزير الشباب والرياضة اللبناني، العميد عبد المطلب حناوي، عن قلقه من أن يندفع "حزب الله" إلى الرد على هذه العملية خصوصا أنها "مفجعة"، حسب تعبيره، منوها إلى ضعف موقف الجيش اللبناني وعدم قدرته على سد أي ثغرات قد تخلفها حرب مثل هذه، كما أشار إلى أن الجبهة الشمالية للبنان تحظي بالنصيب الأكبر من تواجد الجيش لما تشهده من توتر متعلق بالعمليات الدائرة في سوريا.
أضاف الوزير اللبناني أن "حزب الله" الآن أصبح بين جبهتيه الجنوبية في لبنان والشمالية في سوريا، مششكا في قدرة الحزب على الصمود والمواجهة فيهما في وقت واحد، أو أن يغامر بما تحقق من تقدم سياسي داخل لبنان بعد المقاربات التي لاحت في الأفق أخيرا بين الفرقاء، والتي يسعى إليها الحزب لخدمة استقراره.
كانت أوساط قريبة من "حزب الله" قالت إن الغارة الإسرائيلية على الجولان السوري، التي أودت بحياة ستة من مقاتلي التنظيم، ستلقى ردا موجعا، معتبرة أن الرد حتمي، لكن الحزب لن يتصرف بانفعال وإرباك ويأخذ الوقت الذي يراه مناسبا لتحديد الخطوة التالية بهدوء وحزم.
ونقلت صحيفة "السفير" اللبنانية عن هذه الأوساط إنه إذا كانت المقاومة قد ردت على استشهاد أحد مقاوميها في عدلون (بجنوب لبنان) بعميلة نوعية في شبعا، فإن استهداف ستة من كوادرها وعناصرها في القنيطرة السورية سيلقى ردا موجعا وغير نمطي بحجم الاستهداف، لكنه على الأرجح سيكون مضبوطا تحت سقف عدم الاندفاع إلى حرب شاملة، مع الاستعداد لأسوأ السيناريوهات في حال تهورت إسرائيل وقررت خوض مغامرة غير محسوبة.
واعتبرت الصحيفة المقربة من حزب الله، أن الثمن الذي دفعه التنظيم بفعل الاعتداء الإسرائيلى كبير، لكن من شأن هذا الاعتداء أن يساعد الحزب كثيرا في تثبيت الصورة الحقيقية للصراع الدائر في سوريا، باعتباره صراعا مع إسرائيل ومشروعها.
وقالت إنه لا التباس بعد اليوم في طبيعة المواجهة التي يخوضها حزب الله في سوريا، بعدما تأكد بالعين المجردة أن إسرائيل أصبحت جزءا عضويا من المعسكر الساعي إلى تغيير دور دمشق وموقعها الإستراتيجى، تمهيدا للإطباق على المقاومة في لبنان، وما ترمز إليه في المعادلة الإقليمية.