استنساخ زكريا عزمي بالأزهر !!
في عام 2009 كان فضيلة الإمام أحمد الطيب رئيسا لجامعة الأزهر.. وحدث أن كتب زميل عزيز بالجمهورية خبرًا عن الجامعة بما معناه أن بعض أساتذتها من الإخوان.. هاتفني فضيلته غاضبًا واتهمني بالنيل من سمعة الجامعة العريقة.. هدأته وقلت له إن الإخوان نسيج سرطاني فى المجتمع وانتشر في معظم الجامعات والهيئات والمؤسسات بل وحتى في الصحف وذكرته بالتدريبات العسكرية التي قاموا بها في عهد سلفه الدكتور أحمد عمر هاشم .
لم يقتنع فضيلته.. ثم تم تعيينه شيخًا للأزهر وطلب من الخارجية متحدثا رسميا للمشيخة بعد تعيينه بشهرين فأرسلوا له السفير محمد رفاعة الطهطاوي، وفي أول تصريح له في مايو 2010 كتبت أن المتحدث الرسمي للأزهر من الإخوان.. غضب فضيلته جدا واتهمني بأنني أسيء للأزهر ومكانته وخاصمنى.. سعيت لمصالحته فمقامه كبير وقيمته عالية، ورضي .. المهم أن الأيام أثبتت صحة كلامي وتحليلي .. فجامعة الأزهر تعج بالأساتذة الإخوان والسفير الطهطاوي كان رئيسا لديوان محمد مرسي الرئيس الإخواني السابق.
من طول معرفتي بالدكتور الطيب عرفت أن لرجاله منزلة خاصة في قلبه.. فهو يرى أنه طالما يؤدي المرء عمله بإتقان فلا سلطان لأحد على قلبه أو انتمائه.. أو هكذا يعتقد.. وفضيلة الإمام يميل بحكم النشأة والميلاد لأهلنا في الصعيد، ولعل هذا ما يجعله يتغاضى عن أي شيء يشوبهم طالما أنهم متفانون في عملهم.
لكني مؤخرًا لحظت صعود نجم محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر، الذي أصبح اليد اليمنى للإمام الطيب.. عبد السلام قرار تعيينه تشوبه شوائب عدة ومع ذلك صار نفوذه في الأزهر مهولا .. توقيعه يضاهي في أهميته توقيع شيخ الأزهر نفسه.. سلطاته تمتد إلى أن يعز البعض ويخسف بآخرين الأرض.. الجميع يتودد ويتزلف إليه ويتحاشى غضبه لأنه المعز المذل فى الترقيات والعلاوات والمكافآت.
هو بمثابة د . زكريا عزمي من حسني مبارك.. مُطلع على الأسرار وينقل دبة النملة لفضيلة الإمام.. هو ليس من أهل الفكر أو العلم أو الإعلام ومع ذلك تجده جالسا لجوار شيخ الأزهر في كل مناسبة هامة وآخرها لقاء رؤساء تحرير الصحف المصرية.. قفز على الجميع وأزاحهم من مناصبهم فأصبحوا شاغليها نظريا فقط، أما تسيير الأمور وضبط الإيقاع فبيد السيد محمد عبد السلام " سيدوه " به عليهم لأنه ليس بشيخ أو دكتور أو فقيه ، فتطوعوا بمنحه لقب السيد.
المهم أن كلية أصول الدين بأسيوط أصدرت بيانا دافعت فيه عن عبد السلام عقب انتقادات وجهت إليه فى بعض الصحف.. الانتقادات تعلّقت بمشروعية تعيينه مستشارا.
قالت الكلية إنها تدافع عن الأزهر وليس عبد السلام وكأن عبد السلام تجسيدا للأزهر.. المصيبة أن كلية أصول الدين لم تدافع عن الانتقادات العنيفة التي توجه للأزهر مثل تلك التي زعمت أن العقيدة الأشعرية التى تدرس فى الأزهر تنافى التوحيد وأن مناهجه تربه خصبه لأفكار داعش، وأن المذاهب الأربعة اجتهاد يصح الخروج عنها وأن صحيح البخارى سبب بلاء الأمة.. كل هذه الاتهامات تُقال للأزهر ولا ينتفض أحد دفاعا عنه، لكن عندما تعلق الأمر بعبد السلام هاجت الدنيا، لأنه لا يصح أن نمس شخصًا مقدسًا مثله.
أنني أربأ بالأزهر أن يكون به مركز قوة مثل عبد السلام يمنح ويمنع.. ويعز ويذل.. لن يعود عصر زكريا عزمى ومراكز القوى مرة أخرى.. لقد كان الرئيس الأسبق حسني مبارك ينتقد هو وأسرته ووزرائه ولا أحد يقترب من زكريا عزمي.. لدغته والقبر كما يقولون.. ولا يمكن ان نجد استنساخا آخر منه في أي مكان آخر خصوصا الأزهر.
لم يصدر بيان عن الأزهر وشيخه الأكبر يتعرض للتطاول الذي يصل لحد التجريح ومثله د . علي جمعة وحتى د . حسن الشافعي الذي وصف ثورة 30 يوينو بأنها انقلاب.. لم يتعرض له أحد أو لتوجهه الأيدولوجى .. بل أن كرامة حسن الشافعي الذي نختلف معه سياسيا أبت عليه أن يسبب حرجًا للإمام الأكبر وابتعد عن المشيخة رغم أنه "علميا " أحد المتخصصين القلائل في الأزهر في أركانه الثلاثة الأشعرية والتصوف والمذاهب.
يا فضيلة الإمام الأكبر.. لا يجوز أن يتحكم أحد بالأزهر في وجودك.. لا يصح أن يتصدى لتصريف الأمور من هو دون علمائه ومشايخه وفقهائه وأنت على رأسه بكل قامتك العلمية والفقهية والوسطية.
لا تجعل أحدًا مهما كان يتملك رقاب العلماء والمشايخ .. في عهدك لا يُمكن أن يكون هناك تسلط في الأزهر أو تحكم في الرقاب والأرزاق في المكان الوحيد بالعالم الذي يعلم القائمون عليه أن من كان رزقه على الله فلا يحزن.. ولن تكون أرزاق أهل العلم أبدًا وفقا لعبد السلام !