التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 08:01 م , بتوقيت القاهرة

قصة الفكر التكفيري في مصر.. تاريخه ورموزه

بعد أن أسس ابن تيمية للإقصاء والتكفير نظريا، وقسم التوحيد ليسهل التشكيك في إيمان أي مسلم، وبعد أن طبق محمد بن عبدالوهاب هذا الفكر عمليا فكفر وقتل، لم يكن أمام الدولة العثمانية وقتها إلا أن تطلب الاستعانة بأقوى الجيوش الإسلامية، وهو الجيش المصري للقضاء عليها، وإخضاع الحرمين الشريفيين مرة أخرى إلى دولة الخلافة، والقضاء على أفكار ابن تيمية وابن عبدالوهاب التكفيرية.

فخرج محمد علي وابناه طوسن وإبراهيم في حملات متتابعة للقضاء على هذه الحركة التكفيرية، وجاءت تفصيلات هذه الحملة كاملة في الباب الثامن من كتاب "مصر في القرن التاسع عشر" لإدوارد جوان، ونجحت الحملات في القضاء على الوهابيين.



كيف وصل التكفير إلى المصريين؟
محب الدين الخطيب محب الدين الخطيب


رشيد رضا رشيد رضا



وحسب كتاب "الإخوان المسلمون.. متى.. كيف.. ولماذا؟"، الذي أصدرته لجنة البحوث والدراسات بالطريقة العزمية الصوفية، والعهدة عليه، فإن الفكر التكفيري رأى أن دعوته لن تنتصر إلا إذا اخترق مصر، وهي التي لقنه جيشها صنوف العذاب أيام الأسرة العلوية، فتم الاعتماد على الشيخين محب الدين الخطيب، ورشيد رضا لنشر هذا الفكر في مصر.


أولى خطوات نشر الفكر التكفيري كانت بالاتفاق مع مؤسس الجمعية الشرعية محمود خطاب السبكي، بتحويل نشاطه بعد 13 عاما من تأسيس الجمعية عام 1913م، وبث الأفكار التكفيرية تحت مسمى محاربة البدع منذ عام 1926، ثم في نفس العام سهلوا للشيخ محمد حامد الفقي تأسيس جامعة أنصار السنة المحمدية، وكانت مهمتها نشر مؤلفات ابن تيمية وابن عبدالوهاب، والمهمة الثانية تكفير الصوفية، وهم أغلبية الشعب المصري وقتها.


ويضيف الكتاب أنه تم تأسيس جمعية الشباب المسلمين عام 1927 بتخطيط من محب الدين الخطيب، وتولى رئاستها عبدالحميد سعيد، وكانوا يبحثون عن شاب بصفات معينة من شباب الجمعية لمهمة أكبر، فما أن وجدوه قاموا بمساعدته لإقامة جماعته الجديدة "الإخوان المسلمين" عام 1928، وهو حسن البنا.

الأفكار التكفيرية المصرية:

- حامد الفقي


فى تعليقه على كتاب فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد لابن عبدالوهاب، ينتقد محمد حامد الفقي، مؤسس أنصار السنة، علماء الإسلام لأنهم قالوا بإن "كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول فهو مسلم حرام دمه وماله وعرضه، فهذا يتعارض مع ثوابته التيمية والوهابية بأن هناك مسلمون مبتدعون ومشركون، وفي تعليقه على كتاب العقيدة الوسطية لابن تيمية يصف الصوفية بأنهم "دين خارج الإسلام"، وكفر الفقى الإمام أبي حنيفة النعمان، وشهد بذلك الشيخ محمد الغزالي في كتابه "سر تأخر العرب والمسلمين".


سر تأخر العرب والمسلمين ص49


 



 


- محمد خليل هراس


اعتمد زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في تفكيره على فتوى الشيخ السلفي محمد خليل هراس، رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية الأسبق، والتي أفتى فيها بردة النظام المصري، وذكر نص الفتوى في كتابه التكفيري "التبرئة".



 


- عبدالرحمن عبد الخالق


يعتبر الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق من أهم أركان الفكر السلفي في مصر، وكانت أفكاره لاذعة ومكفرة بشكل كبير، فالمسلمون في مصر ينقسمون إلى صوفية وسلفية، فركز جم تكفيره على الصوفيين، فقال في كتابه "فضائح الصوفية" أفظع الكلمات عن التصوف.


فضائح الصوفية ص17


 

 

 


-  حسن البنا


 



ثار الجدل حول مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، لأنه لم يعرض كل أفكاره في كتبه، بل كان ينفذها في حياته وفي إدارته للجماعة، ولذلك سنستعين ببعض أقوال المنشقين عن جماعته، والتي أدلوا بها لوسائل الإعلام.


يقول ثروت الخرباوي إن حسن البنا أول من وضع ملامح المجتمعين، مجتمع الإيمان الصحيح- الإخوان- ومجتمع الباطل وهو باقي المسلمين، حيث تضمنت رسائل البنا، خاصة رسائل التعاليم، العديد من اللمحات للأمة بأنها كافرة وغاب عنها الإسلام، وأن الله سخره وجماعته ليعيد الإسلام لها".
حسن البنا صاحب مقولة "سنستخدم القوة عندما لا يجدي غيرها، وسننذر أهلها قبلها، وسنكون شرفاء ونتحمل النتائج"، والتي أطلقها في رسالة المؤتمر الخامس للجماعة، كان يستخدم منهج الخوارج، فعندما يتحدث عن جماعته يستشهد بآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن المؤمنين، وعندما يتحدث عن خصوم الجماعة يستدعى آيات المنافقين والمشركين، كما أعلن القيادي المنشق سامح عيد، ولذلك فإن جماعة الإخوان لم تتورع عن قتل المنشقين والمخالفين لها طوال تاريخها.

- سيد قطب


كانت المدرسة القطبية هي التطور الطبيعي لأفكار حسن البنا وأفعاله، والتى أسس دعائمها سيد قطب، القيادي الإخواني الشهير في الستينيات، فمهد الطريق بشكل كامل للإهارب والعنف، فقطب رأى أنه يعيش في مجتمع جاهلي، حيث رأى الإسلام حدث به ارتداد إلى الجاهلية مرة أخرى، فقال:


ظلال القرآن  ص16


 


 


 


 


وفى كتابه "معالم في الطريق" يؤكد مرة أخرى أنه يعيش فى عصر جاهلي فيقول:معالم على الطريق ص5



 


 


 


 


ثم يكفر الجميع، ويعتبر أن قضيته قضية كفر وإيمان وأنه جاء ليرجع الناس إلى الإسلام، كما قالها قبله ابن عبدالوهاب، فيقول:معالم على الطريق ص98


 

منابع الإرهاب لم تجف


بعد إعدام سيد قطب ورفاقه لم تهدأ منابع الإرهاب، وبدأت الجماعات الإرهابية في الانقسام والتشتت، وخلق جماعات من بطون جماعات، ولكنهم ظلوا يعتمدون على الأفكار والكتب التي عرضناها وما تشابه معها، ومع الوقت بدأ الإرهاب يتطور ويتوحش شيئا فشيئا، حتى أقام له دولة في العراق وسوريا "دولة داعش".