التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:51 م , بتوقيت القاهرة

الجريمة الأخلاقية في الجماعات المسلحة

كان القيادي في الجماعة الإسلامية، والذي تم عزله من كل مناصبه بعد ذلك، محمد يحيى، يُدرِّس للمعتقلين بابا سماه الجريمة الأخلاقية، وهو جزء مما يُسمى الدورات التأهيلية لأعضاء الجماعة، وكنت إلى هذا الوقت، لا أفهم معنى ما يقصد، إلا أنني أدركت فيما بعد أنه يقصد كل فعل مخالف ?وامر التنظيم يُعتبر فاعله مرتكبا لجريمة أخلاقية، توجب عليه التعذير، وقد يصل ذلك للفصل، إلا أن الدولة الإسلامية داعش، وضعت الجريمة الأخلاقية موضعها الطبيعي، إذ إنها تحدثت بما لا يدع مجالا للشك عن الجرائم الأخلاقية مثل التحرش داخل القاعدة، في عددها الأخير من مجلة "دابق" التي صدرت خلال هذا الأسبوع.


اتهمت داعش القاعدة، بأن جريمة اللواط وقعت بين أبناء قادة التنظيم، مشيرة لعدم اهتمام القادة بتربية أبنائهم، ومادحة في الوقت ذاته المبايعين للبغدادي، بحسن أخلاقهم وتربيتهم!!


الجريمة الأخلاقية، داخل الجماعات الإسلامية، وتحديدًا، التحرش واللواط، موجودة على اعتبار أنهم مجتمعٌ بشري وليس ملائكيا، به الإيجابيات كما به السلبيات، لكن أن تقوم معركة كلامية وتشتعل بين تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية "داعش" بوجود جرائم أخلاقية وقعت بينهم في السودان، كان أبطالها، أبناء القادة هناك، فهو الغريب الذي لم يتوقعه أحد، من الوصول للخلاف إلى التلاسن بالجرائم الأخلاقية، على صفحة مجلة المفترض أنها تخاطب الغرب باللغة الإنجليزية.


القصة التي حدثت في السودان رواها القيادي هاني السباعي، في حلقات نشرتها إحدى الصحف العربية، ولم يلتفت لها المراقبون كثيرًا، وكانت واقعة حدثت بين ولدين من أبناء قيادات التنظيم أحدهما مصعب ابن أبو الفرج اليمني أحد قادة "الجهاد" وهو مصري وليس يمنيًا، وناقشت القاعدة الناحية الشرعية في الموضوع، ونصبوا المصري مرجان سالم قاضيًا، والذي حكم بقتل الولدين، وتم قتلهما، وعندما جاء الشيخ أبو الفرج وعلِم بإعدام ابنه ذُهل."


هذه هي القصة التي رواها السباعي، والتي استغلتها داعش لتشويه القاعدة، وبالطبع ما طفا فوق السطح، غير ما هو موجود تحته، وأنا شخصيًا كان يشغلني كيف توصل الأمن المصري، إلى رئيس الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في التسعينيات، طلعت ياسين همام وعلمت فيما بعد، أنه توصل إليه عن طريق "ع.م" أمير منطقة إمبابة، الذي ضبطته الجماعة ذاتها وهو يرتكب جريمة أخلاقية.


هذا وفي سجن ليمان طرة، كان القيادي "ع.ص" تأتيه امرأة غريبة، فلما سئل قال إنها زوجة أخيه المتوفى، ولم تكن كذلك، وبعد فترة ادعى أنه سيتزوجها، لكنّها في مرة أحضرت ابنتها معها، فأعجبته?? وقرر الزواج من ابنتها، فحكت البنت لأمها، التي جاءت، وصرخت فيه بين الزائرين لأولادهم، وفضحته.


يُمكن أن يكون ذلك بسبب خطورة الوضع في الأماكن المغلقة كالسجون، هكذا تصور المعتقلون في التسعينيات، ولذلك اعتبروا كل معتقل يصغر عن 23 عامًا، هو من الشريحة المراهقة، التي تخضع لقوانين الحجب، واعتبارهم أطفالاً يتم مراقبتهم، ومراقبة رسائلهم، ومع من يجلسون، وأذكر أن أحدهم من محافظة سوهاج رأيته يلبس سترتين في عز الحر من قماش الكتان السميك ويلبس بنطلونين فسألته فقال لي:


- الأخ المسؤول هو الذي نبه علينا بذلك.


قلت :
-ألاَ يخلع أحدكم قميصه أمامنا ويبدو عرياناً فهذا شيء طبيعي، وأن لا يبدي جسده فهذا وارد، ولكن أنت بهذه الطريقة? مثلي الجنسية.


واستطاع أمراء الغرف نشر هذه القوانين، وأخرجوا بابًا من الفقه يسمى "سد الذرائع"، وجعلوا لأي شاب صغير السن مكانا محددا للنوم بجوار أخ أمير أو متزوج، بل وفرضوا عليه أن يخيط غطاءه كشوال، أو عباءة ليدخل فيها ساعة النوم، وكذلك ألا يقعد ساعة الطعام بجوار من هو في نفس سنه، خوفًا عليهم من الوقوع في اللواط!!


لقد قررت الجماعة عزل عدد من قياداتها بسبب هذا الأمر، إمّا بسبب تورطهم في جرائم من هذا القبيل، وإما بسبب ممارستهم لتلك القوانين.


الغريب، أن بعضهم الآن يتصدر المشهد، والأغرب أن تتجرأ دولة البغدادي لأول مرة، وتكشف عن جزء من هذه الحوادث، وتتهم تنظيمًا، كانت إلى وقت قريب جزءًا منه، بالجرائم الأخلاقية، لكن كما يقول المثل البلدي "لا تعايرني ولا أعايرك طالما الهم شايلني وشايلك".