"العدالة والتنمية" المغربي.. لماذا مصر الآن؟
كتب- محمد العجيل:
لم تكن العلاقة المغربية المصرية ذات إشكالية بعد عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، في 30 يونيو/تموز 2013، إلا ثمة انقلاب مفاجئ طرأ على العلاقات بين البلدين بعد مناوشات إعلامية، آخرها وصف القناتين العامتين في المغرب الحكم في مصر بـ"الانقلابي".
وتحدثت القناة الأولى المغربية بشكل مباشر بأن ما وقع في مصر يعد انقلابا عسكريا، وقالت في تقرير أن "الجيش قام بانقلاب عسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعطل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من المعارضين".
من جانبها أدرجت القناة الثانية ربورتاجا عن تراجع السياحة بمصر، وأوردت أن الأزمة بدأت منذ الثورة على الرئيس حسني مبارك في 2011، وتوالت ما بعد الإطاحة بالشرعية الانتخابية المتمثلة في محمد مرسي من طرف الجيش، حتى وصل المشير عبدالفتاح السيسي إلى منصب الرئاسة في "انتخابات محسومة النتائج مسبقا".
الحديث في هذا الوقت عن الوضع في مصر قد يكون له دافعان، الأول تعاطف حكومة حزب "العدالة والتنمية" الإسلامية مع حكم الإخوان في مصر، أما الدافع الثاني، العلاقات التركية المغربية، التي توجت بزيارة الملك محمد السادس إلى تركيا خلال الأيام الماضية، ما يفتح باب التساؤل عن سر الأسلوب الجديد في الخطاب المغربي تجاه مصر.
جذور الحزب
في بداية عام 2012، أدى أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام ملك المغرب محمد السادس، برئاسة عبد الإله بنكيران، زعيم حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية، الذي فاز في الانتخابات التشريعية، وبمشاركة أحزاب أخرى بينها "الاستقلال" و"الحركة الشعبية".. لكن كيف تشكل حزب العدالة، وكيف وصل لزعامة الحكومة بالمغرب.
حكومة بنكيران "الأولى"، الحكومة التنفيذية الـ30 منذ استقلال المملكة المغربية عام 1956، وكانت أول حكومة يقودها إسلاميون منذ ذلك الوقت، يعتبر حزب "العدالة والتنمية" نفسه "حزبا سياسيا وطنيا يسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي، ومزدهر ومتكافل، مغرب معتز بأصالته التاريخية ومسهم إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية".
ويعود تأسيس الحزب إلى عام 1967، بعد انشقاق داخل "الحركة الشعبية" قاده زعيم الحزب آنذاك ورئيس البرلمان المغربي، عبد الكريم الخطيب، يوم امتنع عن موافقة ملك البلاد لإعلانه حالة الاستثناء، الأمر الذي لم يرق للقصر فقام بالتضييق على الخطيب بالتالي حدوث الانشقاق.
اتجه الخطيب إلى تأسيس حزب "التجديد الوطني" المنبثق عن الجماعة الإسلامية في المغرب باشتراطه أن يكون يكون مبدأ الحزب الإسلام والاعتراف بالملكية الدستورية ونبذ العنف، وفي سنة 1996 عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا لتمكين القيادات الإسلامية من العضوية في أمانته العامة، ثم شارك في الانتخابات التشريعية لسنة 1997، وحقق فوزا حصل من خلاله على 9 مقاعد أغلبها من العاصمة الاقتصادية.
مراحل صعبة
في انتخابات عام 2002، تمكن "العدالة والتنمية" من الحصول على 42 مقعدا، لكنه أُقصي من المشاورات السياسية لتشكيل الحكومة، على الرغم من احتلاله المرتبة الثالثة بفارق قليل عن حزبي "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"الاستقلال"، ما دفعه للتحول إلى المعارضة الأولى بالبلاد.
وبعد هجمات الدار البيضاء عام 2003، أصبح الحزب في وضع صعب، فقد وظفت الهجمات سياسيا ضده، وتوجهت اتهامات باعتباره المسؤول المعنوي للهجمات خصوصا أن منفذي تلك العمليات ينتمون للتيارات السلفية المتشددة.
ورغم إدانة الحزب للهجمات، منع من المشاركة في المسيرة المنددة بالأحداث الإرهابية التي دعت إليها القوى المدنية، وتعالت بعض الأصوات السياسية وأعضاء من الحكومة مطالبة بحله، وتم وضع هذه النقطة على أجندة لقاء المجلس الحكومي، لكن الملك محمد السادس حال دون استمرار هذا الاحتقان السياسي.
وبعد الانتخابات البرلمانية في العام 2011، حصل الحزب على المرتبة الأولى، بالتالي أصبح من حقه تشكيل الحكومة، التي عينها الملك محمد السادس يوم 3 يناير 2012، لكن بعد أن قرر المجلس الوطني لحزب "الاستقلال" الانسحاب ، قدم خمس وزراء من أصل ست استقالاتهم وبدأ عبد الإله بنكيران مشاوراته مع أحزاب المعارضة من أجل تشكيل أغلبية برلمانية جديدة.
حكومة بنكيران الثانية
الحكومة المغربية لـ2013 أو حكومة بنكيران الثانية، هي الحكومة التنفيذية 31 نتجت عن الانتخابات التشريعية المغربية 2011، التي عقبت تعديل دستوري مهم استفتي عليه الشعب المغربي عام 2011.
وتم تعيين هذه الحكومة الائتلافية رسميا من قبل ملك المغرب يوم 10 أكتوبر 2013، بعد أن استمرت مشاورات التشكيل بعد انسحاب حزب "الاستقلال" من حكومة بنكيران يوم 16 مايو/ أيار 2013 إلى 147 يوما.
بعد مفاوضات بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران والتجمع الوطني للأحرار، الحليف الجديد في الحكومة، كشف النقاب رسميا عن التحالف يوم 9 أكتوبر 2013 عقب اجتماع مع صلاح الدين مزوار.