تقرير: الموقف السعودي من أزمة النفط يقدم درسا للعالم
ترجمة - بيشوي رمزي
يبدو أن انهيار أسعار النفط في الوقت الراهن سيتحول إلى حدث تاريخي، خاصة وأن سوق النفط العالمي لم يشهد من قبل مثل هذا التدني في الأسعار.
وبحسب ما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في تقرير لها اليوم الثلاثاء، أن هناك اختلافا كبيرا بين الوضع الراهن وما شهدته أسواق النفط خلال عامي 2008 و2009، الذي أدى إلى هبوط كبير في الأسعار.
وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من أن هبوط الأسعار قبل 6 أعوام كان أكثر دراماتيكية، إلا أنها كانت نتيجة لأسباب خارج سوق النفط، حيث كان السبب الرئيسي يتمثل في اندلاع الأزمة المالية العالمية، التي ضربت كافة القوى الاقتصادية بالعالم.
ظروف مختلفة
ووفقا للصحيفة فإن هذه المرة ربما تبدو مختلفة إلى حد كبير، حيث أن انخفاض الأسعار يأتي نتيجة لأسباب من داخل سوق النفط نفسه، ولعل أهمها ارتفاع مخزوناته إلى الضعف بسبب انخفاض الطلب بصورة كبيرة، وهو الأمر الذي تجاهلته منظمة "الأوبك" والمملكة العربية السعودية عندما قررت عدم التدخل بخفض إنتاج النفط لإعادة الأسعار إلى نصابها الطبيعي.
وأوضحت الصحيفة أن أحد أهم أسباب الأزمة الراهنة هو تخلي السعودية عن دورها كأحد أهم منتجي ومصدري النفط في العالم، وهو الموقف الذي يختلف تماما عن الموقف الذي سبق وأن اتخذته المملكة في 2008، عندما دفعت الأوبك لخفض الإنتاج لمواجهة انهيار الأسعار، حسب قولها.
قرار شجاع
وأضافت ربما يكون موقف الأوبك بالاحتفاظ بمعدلات الإنتاج كما هي، في ظل ازدياد إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وهو الأمر الذي كان سببا رئيسيا فيما تعانيه أسعار النفط في المرحلة الراهنة من انهيار، لافتة إلى أنه ما ينبغي الالتفات إليه في هذا الصدد هو قرار الأوبك الذي يعد قرارا شجاعا للغاية لأنه يعكس الخروج عن النظرية التي تقوم على اعتماد منتج النفط دائما على الإيرادات فقط، حسب تعبيرها.
وأدركت المملكة أنه من الضروري أن تضحي بأرباحها على المدى القصير في سبيل الاحتفاظ بحصتها السوقية، على الرغم من التداعيات السلبية لمثل هذا القرار على الاقتصاد السعودي، حيث سيصل عجز الموازنة للعام المقبل إلى حوالي 39 مليار دولار.
درس سعودي
واستطردت الصحيفة، أن السعودية قدمت عدة دروس للعالم من خلال الموقف الذي تبنته خلال قمة الأوبك الأخيرة ومازالت تدعمه، وهو أنه ربما تكون هناك تضحية بأرباح قريبة المدى في سبيل تحقيق أهداف أخرى بعيدة المدى، وهو ما يعني أن نظرة منتجي النفط لا ينبغي أن تكون ضيقة، لكن يجب أن تمتد إلى المستقبل البعيد.
واعتبرت الصحيفة أن النتيجة النهائية هي إصرار الممكلة على استكمال مشروعاتها بأي تكلفة، رغم أزمة النفط الراهنة، وهو ما قد يدفع إلى تنويع مصادر النمو الاقتصادي، بدلا من الاعتماد على مصدر واحد فقط لتحقيق النمو.