التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 05:37 ص , بتوقيت القاهرة

فتاوى قاتلة.. أحلت دماء ولم يعاقب أصحابها

كلمات ينطق بها تحت بند الفتوى، تفتح الباب أمام استحلال قتل الأنفس وتدمير الممتلكات وتكفير المختلفين سياسيا مع مصالح فئات بعينها، "دوت مصر" تعرض لك في الموضوع التالي نصوص فتاوى تسببت في جرائم تتعارض مع صحيح الأديان، ولم يعاقب أصحابها.

قاتل فرج فودة: لم أقرأ كتبه لكنه كافر

لك أن تتخيل أن بضع كلمات تلفظ بها الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن ارتدت رصاصات بصدر الدكتور فرج فودة، الذي دعا إلى فصل الدين عن السياسة، وحذر من خطر الجماعات التكفيرية، فودة تم اغتياله في  8 يونيو عام 1992 بالتزامن مع بيان جبهة علماء الأزهر المنشور في جريدة النور سنة 1992، والذي اتهمه بالردة.


فتوى عبدالرحمن أشارت إلى أنه لا إثم شرعي يقع بقتله، وعند التحقيق مع القاتل سأله المحقق: ليه قتلت فرج فودة؟ فرد المتهم: لأنه كافر، فسأله المحقق: من أي كتاب من كتبه عرفت إنه كافر؟ فرد القاتل: أنا ماقريتش كتبه، فسأله: إزاي؟ فرد: أنا مابعرفش لا أقرا و لا أكتب، أنا نفذت فتوى الشيخ عمر عبدالرحمن.


فتوى شيخ الجماعة الإسلامية لم تكن الوحيدة، فقد أفتى الشيخ الغزالي أثناء محاكمة القاتل بجواز "أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وأن ذلك يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة"، وحسب تعبير 
أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة الدكتور أحمد عبدالظاهر، قال لـ"دوت مصر" إن الفتوى في الأساس اجتهاد شرعي في أمور الدين، يبغى به التيسير من حال المسلمين ولا تجوز في غير موضعها، خاصة لو ارتبطت بأمور سياسية.


وأوضح عبدالظاهر أنها في تلك الحالة تخرج عن مفهوم الفتوى وتستوجب المساءلة القانونية حسب قانون العقوبات ونص المادة 171 التي تشير أن كل من حرض واحدا أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة بقول أو بفعل أو بكتابة يعد شريكا في فعلها، وهو ما ينطبق على عمر عبدالرحمن المحتجز بأمريكا على ذمة التخطيط لعمليات إرهابية.

أمير الجماعة أهدر دم نجيب محفوظ


 


محاولة قتل الأديب نجيب محفوظ عام 1994 وقعت نتيجة فتوى أخرى لعمر عبدالرحمن، حيث اعترف الشاب محمد ناجي محمد مصطفي خلال التحقيقات بأنه حاصل على شهادة متوسطة، واتجه إلى الله قبل أربع سنوات من الحادث، قرأ خلالهم كتبا كثيرة خاصة بالجماعة الإسلامية.


 


وأوضح الشاب أنه حاول قتل محفوظ تنفيذا لأوامر أمير الجماعة، والتي صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبدالرحمن، بزعم أن محفوظ هاجم الإسلام في كتبه لذا أهدر دمه، وعلى الرغم من مسؤولية شيخ الجماعة المباشرة عن تلك الحوادث، سعى الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى إقناع أمريكا بإطلاق سراحه وتعهد بالعمل على ذلك.


فتوى "الخروج عن الملة" قتلت السادات


القيادي الجهادي عبود الزمر المكني بـ"أبو عبيدة"، الذي قضى في السجن 30 عاما على ذمة قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات؛ قال إنه ورفاقه قرروا الخروج على الرئيس الراحل أنور السادات والانقلاب عليه، بعدما أفتى عدد من العلماء بخروجه عن الملة.


 


وكشف الزمر، خلال حوار لصحيفة يومية بتاريخ 16-3-2011، أن عدداً من العلماء أجازوا لهم الخروج على السادات، وفى مقدمهم الشيخ ابن باز والدكتور عمر عبدالرحمن والشيخ صلاح أبو إسماعيل، مضيفاً: "هنا جاء دورى كرجل عسكرى للتدخل وتنفيذ هذا الخروج وفق معطيات الواقع، بعد تحدثه عن استهانته وسخريته المتواصلة من العلماء وإهانته للزى الإسلامي".


وعن ذلك قال أستاذ القانون الدستوري رأفت فودة لـ" دوت مصر"، إن المشرع ملزم بإعداد قانون لضوابط الفتوى وتحديد اشتراطات المؤهلين للإدلاء بها، لحسم الفوضى المنتشرة حالياً والتي يتحكم بها التيارات السياسية لإصدار فتاوى تتناسب مع مصالحهم ولا تخدم صحيح الدين.



فتاوى 30 يونيو: جواز عصيان الجنود وإحراق سيارات الشرطة


قبيل عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بشهور قليلة، انهمرت فتاوى تحرم الخروج بمظاهرات ضد حكمه إلى الشارع المصري، وصلت ذروتها بفتوى الدكتور بجامعة الأزهر محمود شعبان بقتل أعضاء جبهة الإنقاذ المناهضة لسياسات جماعة الإخوان المسلمين آنذاك، والتي أثارت استهجاناً واسعاً لتزامنها مع اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد في تونس.


سيل الفتاوى لم يتوقف عقب عزل مرسي، بل اتخذ منحى مغايرا بخروج آراء شرعية تدعو الجنود إلى عدم الامتثال إلى أوامر القادة، وتارة تدعو إلى قتالهم بتوقيع الشيخ يوسف القرضاوي المقيم بقطر، ووجدي غنيم، أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين، وصولاً إلى فتوى الشيخ محمد عبدالمقصود، أحد مشايخ التيار السلفي، والذي قال إن إحراق مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين سيارات الشرطة وإشعال النار في منازل الضباط جائز شرعاً.


الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، قال لـ"دوت مصر" إن وزارة الأوقاف تعد بالفعل قانونا لتقنين الفتوى وحصرها في الأمور الشرعية، لمنع البلبلة التي تنتشر بين الحين والآخر، وتصدي العلماء فقط لإصدار الفتاوى، مشيرا أن قانون "الفتوى" أول القوانين التي ستقدم لمجلس النواب القادم، لكونه يحتل أهمية قصوى في الأوضاع الحالية.