التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:13 م , بتوقيت القاهرة

القول الفصل فى أكاذيب الإخوان حول ديون مصر.. المؤسسات الدولية تشهد بالاستقرار وتثبّت التصنيف الائتمانى.. سداد 11.6 مليار دولار خلال 2020 وضخ 70 فى مشروعات وفرت ملايين الوظائف وحققت نموا مرتفعا وخفضت البطالة

مشروعات قومية عملاقة
مشروعات قومية عملاقة

بات معتادا من إعلام الإخوان أن تصادف كل يوم خطابا سطحيا. الأمر يتجاوز حدود الشائعات والأكاذيب، ويدخل فى باب الارتجال والعشوائية وغياب الوعى والمعرفة، هنا يفقد الخطاب أية جدارة بالتلقى أو أخذه على محمل الجد، لكن يظل التفنيد أمرا مهما لأنه يكشف حجم التلفيق وسواد النوايا لدى فريق يحسب نفسه على مصر، لكنه لا يضمر لها إلا كل شر!

أحدث تلك الإطلالات جاءت من خلال ياسر العمدة. الاسم الذى لم يُعرف له طوال عمره فى مصر أى حضور سياسى أو إعلامى، وحتى بعدما انتقل مع الإخوان إلى تركيا ظل على هامش التنظيم، والإنجاز الوحيد الذى يفخر به أنه حصل على الجنسية وجواز السفر، وبات يعتبر نفسه مواطنا تركيا يسير فى قطيع حزب العدالة والتنمية، ويُسبح بحمد أردوغان ونظامه. ياسر الذى يقول عن نفسه إنه شاعر، ودعا من قبل إلى تظاهرات واحتجاجات فشلت جميعا، قرر فجأة أن يكون إعلاميا، وأن يناقش موضوعات الاقتصاد والمالية والسياسة الخارجية وغيرها من الأمور التى لا يفهم فيها، مستعينا بآخرين من دولاب التنظيم، لا يختلفون عنه فى النوايا أو محدودية الوعى!

حلقة طويلة أذاعها ياسر العمدة مؤخرا، مستعينا برجل أعمال محسوب على الإخوان، انطوت على مغالطات لا حصر لها، بعضها مقصود بالضرورة، وأغلبها نابع من جهل وعدم دراية. وعلى مدى 45 دقيقة كاملة أطاح "العمدة" وضيفه الذى لم يحقق نجاحا يُذكر فى أنشطته الاقتصادية، ولم يدرس أمور المالية والاستثمار، وترك وراءه ديونا ضخمة لأحد البنوك المصرية قبل هروبه للخارج، بكل ما يفرضه المنطق والعلم والخبرة الحقيقية من اشتراطات وضوابط لتناول أمور الاقتصاد، وبالحقائق والأرقام، وشهادات المؤسسات الدولية وتقاريرها. حصة طويلة من الكلام "الفارغ" الذى لا يسنده وعى أو دليل، ولا يراهن على شىء إلا سطحية المستمعين من جمهور الجماعة الإرهابية ومن يتابعون إعلام الإخوان بدافع العداء والحقد!

 

 

جلسة من لا يعلم وحديث من لا يعرف النجاح
 

خلال اللقاء المذكور، ادّعى الضيف أنه رجل أعمال وخبير اقتصاد، لكنه لم يُحسن استعراض مؤشرات المالية العامة والاقتصاد الكلى وميزان المدفوعات، وبدا جاهلا تماما بالاصطلاحات والتفاصيل الفنية. الأمر نفسه كان عنوان أداء الإخوانى ياسر العمدة، متوسط التعليم والمعرفة ومحدود الثقافة حتى أن دوائر الإخوان نفسها لا تثق فيه، ولم يستعينوا به فى قنواتهم وبرامجهم الرسمية.

من هذا الباب العشوائى فى الحديث، أشاع الضيف صاحب الأعمال الاقتصادية المحدودة والديون المصرفية الضخمة، أن سياسة الاقتراض تقوم على تدبير تمويلات لسداد تكاليف خدمة تمويلات سابقة، متجاهلا الفارق الضخم بين التدفقات النقدية الواردة وحجم الأقساط وأصول الدين المسددة، فضلا عما أنجزته الدولة من مشروعات قومية عملاقة فى مجالات البنية التحتية والمرافق والخدمات والعمران وتطوير العشوائيات والرعاية الاجتماعية. الأهم أن المقدم والضيف من حيث أرادا استعراض موضوع فنى دقيق متخيلين قدرة ذلك على زيادة الشك حول مسار الاقتصاد والتنمية، كشفا عن مستوى متقدم من انعدام المعرفة بأمور الاقتصاد. وأبرزها إهمال مصادر النقد الأجنبى البديلة مثل السياحة وقناة السويس والتدفقات الاستثمارية المباشرة، والافتقار للمعرفة بمكونات الاقتصاد الكلى والمالية العامة، وعدم الدراية بميزان المدفوعات، وتقديم تقديرات جزافية غير دقيقة لمحفظة الدين، وادعاء تجاوز الحدود الآمنة لمستويات الدين، وربط صندوق مصر السيادى وقانون التصالح فى مخالفات البناء بملف الائتمان من دون منطق أو إشارة مقنعة. باختصار خرج الحوار فقيرا ومضحكا، وأقرب إلى تلميذين فى الابتدائية يناقشان آلية إدارة المفاعلات النووية أو رحلات المركبات الفضائية للكواكب البعيدة!

 

التشكيك فى أرقام الدين العام وتجاهل آجال السداد
 

جلسة الأكاذيب التى دشنها "العمدة" وضيفه، انطوت على استعراض موجه وغير دقيق لأمور تخص الاقتصاد، وتشكيك فى الأرقام والإحصاءات المدققة عن الاقتصاد الوطنى، ومنها أرقام عن معدلات الديون الخارجية، فضلا عن أكاذيب حول ملف الدين، لا سيما أن الحقائق عكس ذلك تماما، فالدولة أوقفت الاستدانة الخارجية بهدف إطعام الشعب، وحوّلت تلك التدفقات لإقامة آلاف المشروعات القومية التى توفر ملايين الوظائف وتسهم فى تحسين حياة عشرات الملايين.

الحقيقة التى تشهد بها المؤسسات الدولية أن وضع الدين العام لمصر آمن جدا، والدليل على هذا الكلام هو التصنيف الائتمانى الجيد، وتوقعات النمو الإيجابى وسط مناخ انكماشى حول العالم، إذ نجحت مصر فى التعامل الإيجابى مع هذا الملف رغم التداعيات الكبيرة لجائحة فيروس كورونا العالمية، وهو الأمر الذى انعكس على نظرة مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية، بتثبيت تصنيفها لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة، فى دلالة تعزز آفاق النمو وتؤكد وجود بيئة استثمارية قوية وجاذبة للاستثمار، فضلا عن الثقة فى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية.

معدلات الدين التى أصبحت نغمة يرددها المشككون دائما، ليست مزعجة كما يُروج البعض، وإنما ما تزال فى الحدود الآمنة بالنظر إلى حجم الناتج المحلى، بحسب الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الذى أكد أنه فيما يتعلق بالنمو فإن مصر ضمن عدد قليل من دول المنطقة تحقق نموا إيجابيا منذ بداية 2020 رغم ضغوط أزمة كورونا.

ويضيف الخبير الاقتصادى لـ"اليوم السابع"، أن اتفاقات التمويل التى تحصل عليها مصر لها مدلول جيد جدا، لأنه لن تقوم أية مؤسسة مالية أو مصرفية دولية بإقراض دولة ذات اقتصاد ضعيف، وهنا فإن كل تلك التمويلات تؤكد ثقة الأسواق والمستثمرين فى صلابة الاقتصاد المصرى وقدرته على التعامل مع آثار كورونا، والدفع باتجاه التعافى من آثارها، إلى جانب الحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التى تحققت خلال السنوات الأخيرة بسبب تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى أشادت به كل المؤسسات الدولية.


سياسة الإصلاح ودورها فى الوصول لبر الأمان

إلى ذلك، أثبتت سياسات البرنامج الإصلاحى، خاصة على صعيد الإصلاحات النقدية والمالية، صحة رؤية الدولة فى هذا الشأن، ما ساهم فى خفض كبير لمعدلات التضخم السنوية، وتكوين احتياطيات دولية من النقد الأجنبى كبيرة ومطمئنة، وزيادة صلابة وقوة القطاع المالى والمصرفى، وتحقيق تحسن كبير فى مؤشرات المالية والمديونية، وأهمها تحقيق فائض أولى بالموازنة العامة بنسبة 2% من الناتج المحلى، وخفض معدلات المديونية إلى 90% من الناتج المحلى فى يونيو 2019.

وبالنظر إلى حجم الضخ من الاستثمارات المباشرة لدعم البنية التحتية للاقتصاد، فإنه يتخطى 4 تريليونات جنيه، منها 70 مليار دولار من التمويل الخارجى، فهنا ما تم اقتراضه لم يتم توجيهه وحرقه بشكل عشوائى، لكنه بهدف إقامة اقتصاد قوى شهدت له كل المؤسسات المالية الدولية، ومنها البنك الدولى وصندوق النقد ومؤسسات التصنيف الائتمانى الكبرى.

وقبل وقت قريب، أعلنت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتمانى، تثبيت درجة التصنيف السيادى للاقتصاد المصرى عند مستوى B/B على المديين طويل الأجل وقصير الأجل، مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة. وقالت إن قرارها يعكس تقييم خبراء ومحللى المؤسسة الإيجابى للسياسات الاقتصادية والمالية المتوازنة التى تنتهجها الحكومة المصرية، وكانت المؤسسة قد أشادت باحتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى وقدرته على تغطية بين 5 و6 أشهر من الواردات السلعية والخدمية، فضلا عن جهود الحكومة فى مجال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية مثل برنامج مساندة الصادرات، وتحسين آليات تخصيص الأراضى الصناعية، وقانون المشتريات الحكومية الموحد، واستكمال برنامج "الطروحات العامة" بما يساعد فى سرعة عودة النشاط الاقتصادى المدعوم من خلال القطاع الخاص فى المدى المتوسط.

 

الكذبة الكبرى "مصر غير قادرة على سداد ديونها"
 

ضمن الأكاذيب والشائعات المستمرة عبر القنوات الإخوانية، والتى تكررت خلال لقاء ياسر العمدة بضيفه الذى يدعى الخبرة الاقتصادية على خلاف الواقع، أن مصر ليست قادرة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية فيما يتعلق بسداد الديون المقومة بالعملة الصعبة، بعكس ما تشهد به الجهات والمؤسسات الممولة لمصر، التى تؤكد مرارا وتكرارا أن القاهرة ملتزمة بسداد التزاماتها من أقساط الديون أو مستحقات الشركاء الأجانب فى الشركات الدولية العاملة بالسوق المصرية.

وهنا لا بد من تأكيد حقيقة مهمة عند الحديث عن ملف الدين الخارجى للبلاد، وهى أن النظرة المستقبلية المستقرة للديون تدفع المؤسسات الدولية للثقة فى قدرة مصر على السداد، وتلك المؤسسات الاحترافية لديها وسائل قياس بالغة الدقة، إذ تعتبر نسبة الدين الخارجى قصير الأجل إلى صافى الاحتياطات العامة مؤشرا على توافر أصول وسيولة مالية لدى الدولة تكفل لها سداد التزاماتها على المدى القريب، وقد بلغت نسبة الدين الخارجى إلى الاحتياطات الدولية نحو 24.8% فى مصر بنهاية 2019.

 

 

مصر تسدد 11.6 مليار دولار بالنصف الأول من 2020
 

أظهرت بيانات تقرير الوضع الخارجى للاقتصاد المصرى، أن قيمة الالتزامات الخارجية المقرر سدادها من جانب الحكومة والبنك المركزى خلال النصف الثانى من 2020 تصل إلى 11.6 مليار دولار، بواقع 9.978 مليار دولار أصل الدين، إضافة إلى 1.693 مليار دولار تمثل قيمة الفوائد.

وبحسب تقرير صادر عن البنك المركزى "أكتوبر 2020"، فإن مصر من المفترض أن تكون سددت خلال النصف الأول من العام الجارى نحو 9.219 مليار دولار التزامات خارجية، مقسمة على 7.243 مليار دولار تمثل أصل الدين، ونحو 1.975 مليار دولار خدمة دين، وذكر أنه من المقرر أن تسدد مصر التزامات خارجية تبلغ نحو 13.94 مليار دولار خلال عام 2021، ونحو 12.613 مليار دولار خلال عام 2022.

وحققت الموازنة العامة فائضا أوليا لأول مرة منذ 15 عاما بنحو 2% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى 2018/ 2019، مقابل عجز أولى 3.5% بالعام 2013/ 2014، وتراجع معدل البطالة من 13.3% إلى 7.5%، وارتفع معدل النمو من 4.4% إلى 5.6%، وهو أعلى معدل نمو منذ الأزمة العالمية المالية خلال العام 2008، كما انخفض العجز الكلى لـ8.2% من الناتج المحلى بنهاية 2018/ 2019 مقابل مستوى قياسى مرتفع بلغ 16.5% بالعام المالى 2013/ 2014، بما يسهم فى خفض معدلات الدين إلى نسب أكثر استدامة، بعدما انخفض مستوى الدين العام للناتج من 108% عام 2016/ 2017 إلى 90.5% بنهاية يونيو 2019.

ووضعت وزارة المالية، قبل انتشار فيروس كورونا المستجد، استراتيجية لإدارة الدين متوسط الأجل بالعام 2015، وجرى تعديلها فى 2019، مستهدفة خفض معدلات الدين العام لـ80% من الناتج المحلى بحلول 2020، وخفض العجز الكلى بالموازنة لـ7% فى 2019/ 2020، مع الوصول بنسبة الدين العام ضمن مشروع موازنة 2020/ 2021 إلى 83% من الناتج المحلى الإجمالى، ولم يبتعد المشهد عن تلك المؤشرات الإيجابية المهمة رغم الضغوط القاسية لأزمة كورونا، ما يؤكد نجاح سياسة مصر الاقتصادية، وينسف أحاديث الارتجال والعشوائية والاستهداف الموجه من إعلام الإخوان، وبعض وجوههم ورجال أعمالهم محدودى الوعى والخبرة والمعرفة!