سعاد كفافى.. سيرة ومسيرة.. نكشف سر وصية رائدة التعليم الأولى فى مصر لابنها الدكتور خالد الطوخى فى ذكراها.. وكيف تحول حلمها الصعب إلى واقع مبهر فى 45 عاما من الجهد والعمل.. ولماذا رشحت إلى جائزة نوبل
سعاد كفافى وجامعة مصر
الإثنين، 20 يوليو 2020 12:28 م
قبل أن يأتى أمر الله وتذهب إلى ملكوته الواسع، كان لها كلمة أخيرة أسرّت بها إلى ابنها العزيز كرغبة أخيرة ووصية واجبة النفاذ، ولم تكن تلك الوصية خاصة بمال أو عقار، ولم تكن رغبة ملحة فى شيء إضافى لها أو لأبنائها، لكنها كانت وصية ورسالة كاشفة، ربما يمكن أن نعتبرها مفتاح شخصيتها وإرث حياتها، فقالت حسبما ذكره ابنها خالد الطوخى: لا تزيدوا فى مصروفات الدراسة على الطلاب ولا تغالوا فيها، ولا تنسوا منح التعليم المجانية للطلبة المتفوقين غير القادرين، فالجامعة فى الأساس خدمة وطنية وإنسانية واجتماعية، ولا تدخروا جهدا فى جعل الجامعة هى المكان المحبب للطلاب، ولا تجعلوا بينكم وبين الطلبة حجابا ولا حاجزا.
كانت تلك كلماتها الأخيرة، وكانت تلك وصيتها، وفى ذكراها اليوم يجب أن نستعيد تلك الكلمات الطيبة التى خرجت من هذا الفم الطيب ووقرت فى عقل ابنها الطيب الدكتور خالد الطوخى وعمل بها فكانت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا برغم المستوى التعليمى العالمى الذى تقدمه أرخص الجامعات المصرية الخاصة وأرقاها فى مستوى الخدمة، بل وصنعت حالة وجدانية راقية فى نفوس طلابها جاعلة من تلك الجامعة المكان الأقرب والأكثر جاذبية للطلبة لتكتمل روح العملية التعليمية بالحب والإخلاص والخدمة الراقية.
هذا ما صنعته الراحلة الكريمة «سعاد كفافى» التى ولدت فى عام 1928 وتوفيت عام 2004، تاركة وراءها خمسة وأربعين عاماً من الجهد المتواصل لتحقيق أهدافها، وهى تعد واحدة من الرواد فى تاريخ التعليم فى مصر، وحققت شهرة ليس لأنها رائدة التعليم الخاص فحسب، لكن لأن عملها حمل رسالة إنسانية ووطنية من الطراز الأول، فقد أسست نجاحها على الخبرة والمعرفة والالتزام، وتميزت بالحماسة والثقافة، وحرصت على الدقة المتناهية فيما يتعلق بأعمالها الأكاديمية والإدارية لذلك استحقت أن يطلق عليها لقب «قاهرة المستحيل».
تواريخ مهمة فى مسيرة الدكتورة سعاد كفافى الأسطورية، لكن ربما يبقى تاريخ تأسيسها لجامعة مصر للعلوم التكنولوجيا سنة 1996 هو الأهم، وقد تحولت هذه الجامعة إلى صرح تعليمى متكامل، حيث ضمت عدداً من الكليات مثل كلية الطب ومستشفاها التعليمى، كلية الصيدلة والتصنيع الدوائى، كلية طب جراحة الفم والأسنان، كلية العلاج الطبيعى، كلية العلوم الطبية التطبيقية، كلية التكنولوجيا الحيوية، كلية الهندسة والتكنولوجيا، كلية تكنولوجيا المعلومات، كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال، كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال، كلية اللغات والترجمة، كلية الآثار والإرشاد السياحى، كما أسست جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا معهدين للتعليم العالى فى مدينة السادس من أكتوبر أيضا، هما المعهد العالى للسياحة والفنادق الذى تأسس عام 1990، والمعهد العالى للهندسة المعمارية وإدارة الأعمال الذى تأسس عام 1993. وحينذاك تغلبت الدكتورة سعاد كفافى على سلسلة من الصعوبات الحادة التى صاحبت البدايات الأولى لتحقيق الأهداف والأحلام.
كان شغلها الشاغل تعليم أجيال المستقبل من الأخصائيين والمعلمين والمدربين رفيعى المستوى، فى إطار رؤية على درجة فائقة من الحرص والوعى. وكانت تهدف إلى إثراء المجتمعات المحلية والدولية بالخبراء ورجال الأعمال ذوى الكفاءة فى ميادين عملهم. وكان للدكتورة سعاد كفافى نشاطها الملموس باعتبارها عضوة فى المجالس القومية المتخصصة فى مجال التعليم العالى وفى جمعية أصحاب المدارس الخاصة فى مصر.
ولأن الجامعات لا يجب أن تكون جدرانا ومقاعد فحسب فقد عملت الدكتورة سعاد كفافى على شحن جامعتها بكل سبل المعرفة والثقافة فحرصت على تزويد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بأكبر مكتبة مركزية حديثة بتصميم فريد تعتبر ثانى أكبر المكتبات بعد مكتبة الإسكندرية، ومزودة بمراجع علمية على أعلى مستوى، تهدف إلى دعم المجتمع الأكاديمى من خلال توفير كل السبل لتسهيل البحث العلمى من خلال التعاون مع أعضاء مجتمع الجامعة، وحصلت مكتبة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا على رمز دولى مميز خاص بها من مكتبة الكونجرس الأمريكية وهو EG-SoMUST، يستخدم فى معيار مارك لإنشاء وتبادل التسجيلات الببليوجرافية بشكل معيارى مما يسهم فى تحقيق معايير الجودة التى تسعى لها إدارة المكتبات بالجامعة، كما أسست الراحلة أوبرا جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا والتى تعد صرحا ثقافيا وفنيا كبيرا وأحد أدوات القوة الناعمة، وهى المنارة الثقافية والفنية الوحيدة فى مدينة 6 أكتوبر التى كانت تفتقد لأى نشاط فنى.
أما على المستوى المهنى الشخصى فقد حققت الدكتورة سعاد كفافى رحمها الله شهرة واسعة على مستوى عالمى فى مجال التعليم العالى من حيث القدرة على التطوير الواعد والطموح لمقررات وأساليب تعليمية جديدة وحصلت على عدد من الجوائز والمنح وشهادات التقدير الأكاديمية من دول أجنبية مختلفة. فقد نالت درجة الدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية ومنحت شهادة الدكتوراه الفخرية من أوروبا. وكانت الدكتورة سعاد كفافى من بين المرشحين لنيل جائزة نوبل فى حقل التعليم.
ولأن الصعود إلى القمة صعب تحملت سعاد كفافى الكثير من الصعاب من أجل الارتقاء إلى هذه المكانة، ولأن الحفاظ على هذه القمة أصعب، برز الآن دور الدكتور خالد الطوخى رئيس مجلس امناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الذى جعل أفكار وأحلام التربوية الراحلة تتحول إلى واقع ملموس ويراه الجميع رأى العين، حيث لم يتوقف عند نقطة معينة بل نراه الآن وهو يسير فى كل الاتجاهات لتحقيق تلك الطفرة من حيث الكم والكيف وفق الالتزام بمعايير الجودة العالمية فى نظم التعليم وطرق التدريس، إلى جانب الانفتاح على العالم الخارجى بتوقيع بروتوكولات تعاون مع كبرى جامعات العالم وخاصة جامعات دول الاتحاد الأوروبى لتصبح الجامعة هى أول جامعة ترتبط بتلك المنظومة العالمية، وما يقوم به خالد الطوخى، رئيس مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لم يأت من فراغ، وإنما هو استكمال واستمرار للدور الإنسانى الذى كانت تؤمن به قاهرة المستحيل رائدة العمل التربوى والإنسانى الدكتورة الراحلة سعاد كفافى التى لم تكن بالنسبة له كونها الأم فقط، بل كانت وما تزال وستظل بمثابة القدوة والمثل فى العطاء بلا حدود بل إنه ورث عنها حب العمل الإنسانى والاجتماعى، وخالد الطوخى يجنح دائماً إلى كل ما هو جديد ويحرص بشكل مستمر على خلق وابتكار أفكار خارج الصندوق لتصبح جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا التى أعطتها التربوية الراحلة سعاد كفافى كل حياتها ملء السمع والأبصار وواحدة من أهم وأبرز الجامعات المصرية الخاصة من خلال التجديد المستمر والتطوير الدائم والتواصل مع كبرى جامعات العالم وتوقيع بروتوكولات تعاون دولية من شأنها خلق قيمة مضافة للطالب الذى يدرس فى جامعة مصر لاعلوم والتكنولوجيا، بحيث يصبح قادراً على اقتحام سوق العمل مساحاً بأحدث ما وصل إليه العلم فى العالم.
خالد الطوخى استطاع تحويل الجامعة إلى نقطة إشعاع حضارى وفكرى وفنى وثقافى، وذلك من خلال العديد من الأنشطة المتنوعة التى تحتضنها الجامعة وعلى وجه الخصوص مسرح الجامعة الذى يفيض فناً وإبداعاً بشكل دائم يرتقى بالذوق العام ويغذى الروح بالفنون الجميلة، وهذا ليس جديدا ولا غريباً عليه فقد حلمت ذات يوم الراحلة سعاد كفافى حينما كانت تفكر فى إنشاء هذه الجامعة بأن تحولها إلى مركز للإشعاع الحضارى فأنشأت مسرحاً تم تجهيزه بأحدث الوسائل التكنولوجية من حيث أجهزة الصوت والإضاءة وفنون الديكور وغيرها من عناصر إدارة المسرح.
لم يتوقف دور مستشفى سعاد كفافى الجامعى عند حد كونها واحدة من أهم وأبرز المستشفيات فى مصر بل وفى المنطقة العربية لما لها من مكانة مرموقه وسمعة دولية تدعو للفخر فى المجال الطبى، ولكنها ومن منطلق إيمانها الشديد وحرصها على الالتزام بالمسؤولية المجتمعية أصبحت أيضاً بمثابة مؤسسة وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث شارك المستشفى فى العديد من الأنشطة المجتمعية التى تستهدف فى المقام الأول تقديم خدمات طبية مجانية لغير القادرين فى إطار تفعيل رسالتها فى تحقيق الشفاء وتخفيف آلام جموع المواطنين فى ربوع مصر.
الأنشطة الخيرية التى يقدمها مستشفى سعاد كفافى الجامعى لم تكن مجرد مشاركات فى مبادرات عامة وإنما هى بالفعل مبادرات خاصة بالمستشفى وتتم بشكل احترافى ووفق اعلى معايير الجودة فى الخدمات الصحية ورعاية المرضى وخاصة فى المناطق الشعبية وذات الكثافة السكانية المرتفعة لتؤكد بذلك دورها الريادى فى إثراء المنظومة الصحية من خلال قوافلها التى تحقق هذا النهج بكل الفاعلية والاحترافية.. واستكمالا لدورها فى هذا المضمار، فقد تمثلت أحدث تلك الأنشطة الإنسانية فى «قافلة مستشفى سعاد كفافى الميدانى المتنقل» التى قامت مؤخراً بعلاج المرضى غير القادرين فى قرية شبرامنت بمحافظة الجيزة من خلال تقديم الخدمات الطبية لأبناء القرية والقرى المجاورة لها.
ويأتى هذا التوجه نحو تقديم القوافل الطبية وفق رؤية متكاملة وضعها خالد الطوخى رئيس مجلس الأمناء لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تستهدف التركيز على النشاط الإنسانى استكمالاً للمشوار الذى بدأته التربوية الرائدة الراحلة سعاد كفافى التى كانت تضع نصب عينيها بشكل دائم الإسهام بشكل حقيقى فى خدمة المجتمع والالتزام باعتبارات المسؤولية المجتمعية.
لا يفوتك