قطار الاصلاح فى محطته الأخيرة.. ترشيد الدعم يمنح الفقراء 149 مليار جنيه.. الدولة تنتهى من أكبر خطة شاملة لضبط الموازنة وإصلاح التشوهات المالية
رحلة طويلة قطعتها الدولة مع الإصلاح الاقتصادى، بمبادرة جريئة قبل خمس سنوات لضبط الهيكل الاقتصادى وعلاج التشوهات المالية والفجوة الواسعة بين الإيرادات والمصروفات، سعيا إلى إصلاح الآثار المتراكمة عن سنوات سوء الإدارة، والتعاطى السلبى مع أزمات الاقتصاد وفجوات التمويل. وهى الخطة التى وصل قطارها إلى محطته الأخيرة، بعدما حقق نجاحات واسعة خلال السنوات الماضية، تتعاظم ويزداد أثرها بالنظر إلى الموازنة العامة الجديدة التى يبدأ سريانها اليوم.
وفق الخطة الحكومية الشاملة لضبط الاقتصاد وتحسين أدائه وتعزيز إمكانات الدولة على إدارة مواردها، تستهدف الدولة توجيه الفوائض المالية المتولدة عن برنامج الضبط المالى وترشيد الدعم وحصار تسربه إلى غير مستحقيه، لبرامج الحماية الاجتماعية ودعم الفقراء والفئات الأولى بالرعاية، إلى جانب ترشيد الإنفاق العام بما يقلص العجز الكلى فى الموازنة، ويعزز الفائض الأوّلى. وفى إطار تلك الرؤية بدأت الحكومة تطبيق الموازنة الجديدة 2019/ 2020 عبر تحويل المخصصات المالية المطلوبة من الجهات المموَّلة من الموازنة، وإصدار تعليمات بمُراعاة ضوابط ترشيد الإنفاق العام، وعدم تجاوز الاعتمادات المخصصة، وتشديد إجراءات الرقابة على الإنفاق العام.
ويُعد ترشيد وإعادة هيكلة منظومة الدعم، أحد أهم الإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية، وتتدخّل المجموعة الاقتصادية المعنية بخفض أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية، وأبرزها الوقود والسلع التموينية، على أن تتحمل الموازنة العامة للدولة قيمة الفارق بين سعر السلعة الحقيقى وما يدفعه المواطن مقابلها.
وتشير الموازنة الجديدة، إلى تسجيل مخصصات الدعم السلعى 149 مليار جنيه، تشمل 89 مليارا لدعم السلع التموينية، و52.9 مليار لدعم المواد البترولية بتوفير قدره 35 مليارا عن العام الماضى، و4 مليارات جنيه لدعم الكهرباء، ومليار جنيه لدعم شركات المياه، و3.5 مليار جنيه لتوصيل الغاز الطبيعى لـ1.3 مليون أسرة. وتلك الحزمة من المساندة الاجتماعية جرى توفيرها بفضل خطة الإصلاح الهيكلى للاقتصاد وضبط المالية العامة، إضافة إلى أن تلك الخطة تضمن استمرار قدرة الدولة على رعاية محدودى الدخل والفئات الأولى بالرعاية.
بالنظر إلى تلك الخطة الطموح وما حققته من إنجازات، فإن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى فى عملية علاج تشوهات الاقتصاد والموازنة، حسبما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، فى أكثر من مناسبة، وهو ما قابلته الدولة بتعزيز برامج الحماية الاجتماعية للتخفيف عن المواطنين، وفى هذا الإطار خصصت 82.2 مليار جنيه مساهمات لصناديق المعاشات، بزيادة 13.2 مليار عن العام الماضى، إضافة إلى 18.5 مليار جنيه لمعاشات الضمان الاجتماعى وبرنامج «تكافل وكرامة».
وتستهدف الحكومة من إعادة هيكلة الدعم، تحسين عمل المنظومة بما يُوقف تسرب الدعم إلى قطاعات واسعة من الأغنياء وغير المستحقين، وصولا إلى الكفاءة التى تضمن تدفق الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين، مع توجيهها إلى البرامج التى تُحسن معيشة المواطنين وتُعزز كفاءة المواطنين، ويترافق مع ذلك تقليص عبء الاقتراض بما يسهم فى سد عجز الموازنة، وتخفيض مستوى الدين العام، بما يدعم قدرة الدولة على الإنفاق الاستثمارى وتوفير احتياجات المواطنين.
الخطة لا تسعى إلى إدارة موارد الدولة خارج المظلة الاجتماعية، وإنما توجه الحصيلة المتولدة عن تحسين كفاءة الإدارة المالية وضبط الموازنة إلى قطاعات حيوية بالنسبة للمواطنين، سواء بتحسين مستوى الخدمات والسلع الأساسية، أو دعم برامج التعليم والصحة ومشروعات النقل، وترقية برامج الحماية الاجتماعية بما يقلص مستويات الفقر ويُعزز كفاءة المعيشة وما يحصل عليه محدودو الدخل من خدمات، مع تخفيف أعباء الديون عن الأجيال الجديدة، وضمان وضع أسس اقتصادية راسخة تدعم جهود الدولة للبناء والتنمية، وتدفع معدلات النمو الحالية التى سجلت 5.6% تقريبا إلى مستهدفات الحكومة بتحقيق 6% خلال العام المقبل، بما يضمن توليد مزيد من فرص العمل، وزيادة موارد الدولة، والتوسع فى المشروعات القومية، وتطوير منظومة الخدمات المقدمة للمواطنين