التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 07:13 م , بتوقيت القاهرة

فيديو .. عبد الحليم محمود.. حكاية إمام الزاهدين

فضيلة الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الأسبق
فضيلة الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الأسبق

إمام الزاهدين، فضيلة الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف الأسبق، تولى مشيخة الأزهر  فى الفترة ما بين 1973 إلى 1978 ميلادى، كان عظيم الصدق مع ربه ونفسه شجاعًا فى اختيار طريقه، عاش حياته يحمل خصائص العلماء ليكون قدوة للناس وإمام المتقين.

12 مايو عام 1910 كان مولده فى عزبة أبو أحمد بقرية السلام مركز بلبيس بمحافظة الشرقية،  من أسرة يشهد لها بالصلاح والفلاح والعدل فكان والده قاضى عرفي، ويشهد لها بالغنى فالجد الأكبر كان يملك تلك القرية والأراضى الزراعية المحيطة بها، حين أتى من صعيد مصر وبنى بيوتها له ولأولاده وأحفاده وسميت القرية من وقتها بـ"أبو أحمد".

تعلم فضيلة الشيخ القرآن الكريم وحفظه فى كتاب القرية، كان والده يحلم باليوم الذى يكون فيه ابنه من علماء الأزهر فألحقه به فى عام 1923 ودعا له أن يكون شيخًا للأزهر، أكمل دراسته فى معهد الزقازيق الديني وحصل على الثانوية عام 1928، ثم أتم دراساته العليا وحصل على العالمية 1932؛ حبه للعلم والتعلم دفعه للسفر إلى فرنسا على نفقته الخاصة وحصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية من جامعة السربون عام 1940، ثم عاد وعمل مدرسًا فى كلية اللغة العربية ثم عميدًا لكلية أصول الدين عام 1964؛ ثم عضوا أمينًا لمجمع البحوث الإسلامية ثم وكيلًا للأزهر الشريف 1970، ثم تحققت دعوة والده له وأصبح شيخًا للأزهر الشريف 1973.

كانت رحلته حافلة بالمواقف التى لا تنسي حيث تصدى لقرار رئيس الجمهورية الذى كاد أن يجرد شيخ الأزهر من اختصاصاته ويمنحها لوزير الأوقاف، ما كان له إلا أن تقدم باستقالته وأصر على موقفه حتى رجع رئيس الجمهورية وقتها الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن قراره.

كان يسمى الأزهر الشريف فى عهد الشيخ عبد الحليم محمود بالعصر الذهبى للأزهر؛ فانتشرت فى عهده الكتاتيب ومكاتب تحفيظ القرآن فأنشأ 6000 مكتب للتحفيظ، وصدر تفسير الوسيط للقرآن الكريم عن الأزهر واول مصحف لأزهر الشريف بالرسم العثمانى المنضبط، وضم للأوقاف 1500 مسجدًا اهليًا، اصدر أكبر مصنف جامع فى الحديث جمع فيه 100 ألف حديثًا.

"كان رجلًا طيب سمح مع الكبير والصغير"هكذا وصفه حسين محمد عبد الحليم محمود حفيد فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود فقال: فضيلته لديه 21 حفيدا من أبناءه جميعاً؛ كان طيب القلب هادئ الطباع، حنين يعطف على الصغير فينا ويحنوا عليه فكان يختلس بعض الوقت ليقضيها معنا، كنا نقضى يوم الجمعة عادة فى منزله، وكان الروتين التقليدى لفضيلة الشيخ يستيقظ لصلاة الفجر ويهتم بأمور عمله فى الأزهر الشريف وكتاباته، حتى تأتى الساعة السابعة والنصف ينزل من بيته متجهًا إلى مكتبه، يسير على الأقدام حتى قصر الطاهرة وهناك تكون سيارة المشيخة فى انتظاره.

"الفرنكفونية" وتأثيرها على فضيلة الشيخ، فقال حفيده: سمعت كثيرًا من عمى الدكتور منيع عبد الحليم محمود مدى تأثر الشيخ بـ"الفرنكفونية" فى شخصيته وشخصية أولاده حيث حرص على تعليم أولاده فى مدارس الليسيه التى تهتم بالتعليم الفرنسي، فطريقة تفكيره كانت متأثرة جدًا بالتفكير الغربي وهذا واضح بكثرة فى الخطابات والكتابات الإدارية فى عمله بمشيخة الأزهر.

وأكمل حديثه عن جده فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود قائلًا: هناك جانب لم يعلمه الكثير أن شيخنا كان متأثرًا بشكل كبير بالشيخ عبد الواحد يحيى يعتبره من أساتذته؛ وهو عالم وفيلسوف فرنسي الأصل أسمه "رينه جينو" كان من الأعلام فى الكتابات فى علوم الرياضيات، والفلسة، والهندوسية، والإسلام ، والماسونية حيث أشهر إسلامه فى آخر أيامه وأتى مصر وعاش فيها وسمي عبد الواحد يحيى.

أما العمدة محمود صالح أبن أخ فضيلة الشيخ فيعيش فى عزبة أبو أحمد حتى الآن يقول: كان شيخنا زاهد من الدنيا وله موقف لا ينسى حين باع ما ورثه من أملاك بمبلغ 3000 جنيهًا ليشترى به سكن يليق به كعالم أزهرى قابله صديق يحتاج هذا المبلغ فأعطاه له، وظل هو فى مسكنه بالإيجار فى 24 شارع العزيز بالله فى حى الزيتون حتى لقى ربه.

وتابع: تزوج الشيخ من إحدى أقاربه وأنجب والدان الأكبر محمد عبد الحليم محمود وكان دبلوماسي فى الخارجية المصرية ووزير مفوض، والدكتور منيع عبد الحليم محمود وكان استاذا فى جامعة الأزهر ولحظه جلس على نفس الكرسي الذى كان يجلس عليه والده فى عمادة كلية أصول الدين.

أما البنات فكانت فهيمة عبد الحليم محمود زوجة الدكتور محمود ابن الشريف أحد علماء الأزهر وأبنها الدكتور الطبيب عاصم الشريف، والأبنة الثانية سناء عبد الحليم محمود زوجة وكيل الأزهر الدكتور الحسينى هاشم، والابنة الصغرى سنية عبد الحليم محمود زوجة الشيخ سيد مصطفى من علماء الأزهر الشريف.

فى 17 أكتوبر 1978 وبعد إجراء عملية جراحية لفضيلة الشيخ فى المرارة وتأكيد الأطباء أنها جراحة ناجحة، توفى فضيلة الشيخ وترك أثرًا طيبًا ونعتته الأمة الإسلامية بأسرها وصلي عليه الألوف من المسلمين فى جامع الأزهر وشيع إلى مثواة الأخير ليسكن فى الضريح الملحق بمسجده بقرية السلام بمدينة بلبيس بالشرقية، رحم الله شيخنا الكريم.