التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 05:09 م , بتوقيت القاهرة

فيديو.. "طريق الكباش الفرعونى" بين العمل الجاد وأزمات تحيط به من كل جانب

مازال طريق الكباش الفرعونى بمحافظة الأقصر، يحتاج للوصول لكلمة النهاية خلال الفترة المقبلة وسط الأزمات التى تحيط به من كل حدب وصوب، وكلما تم وأد أزمة وإنهاؤها تظهر أخرى لتهدد المشروع التاريخى الذى تنتظره محافظة الأقصر ويتمنى الجميع من الأهالى، أن يكون مصدراً للخير بجلب أرقام ضخمة من السائحين بالمواسم السياحية المقبلة.

ولعل أبرز الأزمات التى واجهت طريق الكباش الفرعونى تمثلت فى قرار المسئولين بالأقصر وعلى رأسهم المحافظ بعدم إقامة كوبرى ثالث على الطريق فى المنطقة المواجهة للسنترال والتى كان يعبر منها أهالى البر الغربى من معدية الأهالى إلى شرق المدينة لقضاء مصالحهم اليومية فى شرق الأقصر وطريق الكباش، وتسببت تلك الأزمة فى حالة من الرفض الشعبى بمدينة الأقصر بسبب إلغاء إقامة الكوبرى الثالث فوق طريق الكباش وبعد تحركات ومطالبات مختلفة من الأهالى والقيادات الشعبية بالمحافظة وصل الأمر لمطالبة أهل المدينة بإقالة المحافظ، حيث تصاعدت حالة الغضب والاستياء بعد تجاهل مطالب القطاع السياحى والأحزاب والنقابات ونائبين بالبرلمان، بإقامة الكوبرى كما كان مخططا له من قبل، حسبما يقول النواب وقيادات الأحزاب والنقابات المختلفة.

من جانبه، صرح محمد صالح منسق اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية وأحد المتبنين لحملة الدفاع عن إقامة كوبرى طريق الكباش الثالث من أبناء البر الغربي، والتى تضم أطيافا من الأحزاب والنقابات والقوى الشعبية فى الأقصر، أن المحافظ أصر على موقفه الرافض لإقامة الكوبرى، بهدف تقصير مدة تنفيذ مشروع كشف وإحياء طريق الكباش، ليكون المشروع أحد أدوات المحافظ للبقاء بمنصبه خلال التعديلات المرتقبة فى مجلسى الوزراء والمحافظين، موضحاً أن تراجع نسبة المؤيدين لبقاء محافظ الأقصر فى منصبه تعود إلى أزمة إلغاء إقامة الكوبرى الثالث فوق طريق الكباش الفرعونى، الذى يربط بين معبدى الكرنك والأقصر بطول 2700 متر.

وأضاف محمد صالح لـ"اليوم السابع"، أن استطلاعا للرأى جرى عبر مواقع التواصل الإجتماعى، بواسطة اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية، أظهر رفض كبير من الأهالى  لبقاء المحافظ، موضحاً أن تلك اللجنة تضم أحزاب ونقابات تنضوى فى تحالف شعبى تأسس بهدف الدفاع عن مطالب مواطنى الأقصر بإقامة الكوبرى الثالث فوق طريق الكباش، وتزامن إعلان نتائج استطلاع الرأى، مع صدور مذكرة حزبية للحكومة، وقع عليها أحمد جاويش، عن حزب الوفد، ورمضان بغدادى عن الحزب العربى الناصرى، وحشمت يوسف القيادى بحزب التجمع التقدمى الوحدوى، ومحمود أبوالليل عن حزب مصر 2000، وممثلون لنقابات وأحزاب منضوية ضمن تحالف احزاب ونقابات وفى الأقصر المطالبة بإقامة كوبرى الكباش، حيث اتهمت المذكرة المحافظ بتجاهل مطالب مواطنى المحافظة بشأن الكوبرى، كما أطلقت اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية بالأقصر، حملة لجمع توقيعات من مواطنى المحافظة ، تطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقالة محافظ الأقصر، من منصبه خلال حركة التغييرات الحكومية المرتقبة.

صورة توضح وجود الكوبري الثالث في أوراق طريق الكباش الفرعوني قديماً

وكشف النائب أحمد إدريس، أن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، برئاسة المهندس أحمد السجينى، وضعت على أجندة أعمالها، عقد جلسة خاصة لأعضاء اللجنة، لمناقشة أزمة كوبرى الكباش بالأقصر، والقيام بزيارة ميدانية لدراسة أبعاد الأزمة على أرض الواقع، عقب إنتهاء إجازة عيد الفطر ويجرى انتظارهم لحل تلك الأزمة نهائياً خلال الأيام المقبلة.

ومؤخراً ولمواجهة الأزمة التى وقع فيها أهالى البر الغربى بغلق الطريق عليهم ومنعهم من عبور طريق الكباش، أعلن العميد أيمن الشريف رئيس مدينة الأقصر، أنه بناء على تعليمات محافظ الأقصر محمد بدر، بدأ فى أول يوم رمضان المبارك، تفعيل خط سير السرفيس الجديد الذى يضم خط السرفيس الجديد 20 سيارة تحمل استيكر مخصص لهذا الخط وذلك تحت إشراف الادارة العامة للمرور بالأقصر، حيث تم العمل على إنهاء الأزمة بالتنسيق مع العقيد محمد صلاح مدير الادارة العامة لمرور الأقصر، بانشاء خط سير للميكروباصات مستحدث وسمى بالدائري، وذلك بعد الازمة التى تفاقمت مؤخراً وسببت الكثير من الأعباء للمواطنين بسبب طريق الكباش، مؤكداً أن خط السير هو الحل الأمثل والأسرع لمشكلة طريق الكباش، وأنه سوف يخفف العبئ عن المواطنين.

وفى نفس السياق، قال أحمد البدرى "محامى"، إنهم يتعرضون لمتاعب كبيرة منذ عدة أسابيع بعد غلق الطريق فى منطقة كوبرى الكباش التى يتم العمل فيها حالياً بمعرفة وزارة الآثار ومحافظة الأقصر والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حيث تم غلق الطريق الذى يمرون منه بعد الوصول للشرق بالمعدية دون تحذيرات للأهالى وهو ما آثار حفيظتهم لعدم احترام مشاعر ومصالح المواطنين بالتنبيه عليهم قبل البدء فى غلق الطريق أمامهم.

وأضاف المحامى، ابن مدينة القرنة، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنهم طرقوا كافة الأبواب لحل الأزمة والبدء فى إنشاء الكوبرى الموجود بمخطط طريق الكباش منذ 2006 لكن لم يتحرك ساكن لأى مسئول بالمحافظة فى حل الأزمة، والجميع رفض طلباتهم بإقامة أى شكل للكوبرى بمنطقة السنترال لحل أزمة أكثر من 200 ألف مواطن، سواء سلم معدنى أو كوبرى بشكل حديث يضاهى الطريق العالمى الذى يجرى العمل به، ولكن كل المقترحات تم رفضها تماماً.

وأكد المحامى أحمد البدرى، أن كافة أهالى البر الغربى يدعمون مشروع طريق الكباش الفرعونى العالمى الذى سيغير خريطة الأقصر الفرعونية، ولكن الضرر سيلاحق الجميع من موظفين بالمحافظة وموظفين بالهيئات المختلفة القريبة من منطقة السنترال بجانب الضرر الآخر للسياح جراء غلق الطرق فى الشرق والغرب تماماً، مناشداً رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء التدخل لحل أزمة الأهالى والموافقة على إنشاء الكوبرى.

كانت قد صدرت تعليمات بإلغاء إقامة الكوبرى الثالث فوق طريق الكباش، وأكد وزير الآثار الدكتور خالد العنانى، ردا على طلب للنائب أحمد إدريس بشأن الكوبرى، أن المحافظ لم يعرض ضمن مقترحاته إقامة الكوبرى الثالث لخدمة أهالى الغرب، واقتصرت مقترحاته على إقامة كوبريين فقط.

وأعلن نواب وممثلون للأحزاب والنقابات والغرف السياحية، رفضهم لقرار إلغاء الكوبرى، وناشدوا الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس الوزراء، ومساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية المهندس إراهيم محلب للتدخل وحل الأزمة، التى تسببت فى قيام عدد من الشركات المنظمة لرحلات اليوم الواحد من مدن البحر الأحمر، رفع معبد الأقصر من برامج زيارة الأفواج السياحية للمدينة، بسبب صعوبة وصول الحافلات السياحية من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر، بعد إزالة الطريق الذى كانت تسلكه فوق طريق الكباش.

كما تسبب قرار الغاء الكوبرى الثالث فوق طريق الكباش، بحسب بيان لممثلى الأحزاب والنقابات والغرف السياحية والقوى الشعبية بالأقصر، فى عزل المنطقة الواقعة شرق طريق الكباش، عن منطقة كورنيش النيل ومرسى الفنادق العائمة ومنطقة البنوك والكنائس، وسوق سافوى السياحى ومبنى المحافظة، كما تسبب فى معاناة يومية لكثر من 30 ألف مواطن يعبرون من شرق المدينة لغربها، وفى إرتباك وتكدس مرورى كامل بالطريق الواقع شرق طريق الكباش بشكل دائم، وغلق بازارت سوق سافوى، وتراجع أعداد زوار معبد الأقصر من السياح.

كما قدم مهندس شاب من الأقصر، فكرة لحل أزمة معدية الأهالى وعبور أهالى مدينة القرنة للوصول لمدينة الأقصر بعد قطع الطريق لإنهاء طريق الكباش الفرعوني، حيث صمم المهندس محمد مصطفى عبد العال كوبرى مشاة بطريقة مميزة تليق بالطابق الفرعونى لطريق الكباش ليكون وسيلة لتنقل أهالى مدينة القرنة التى يزيد عددهم عن 200 ألف مواطن بين الشرق والغرب، وقال المهندس الأقصرى محمد مصطفي: "طبعا كلنا عارفين مشكلة طريق الكباش والأزمه الى سببت مشاكل لأهل الأقصر، ده اقتراحى المتواضع لكوبرى عبور مشاه فوق طريق الكباش، الكوبرى من فوق زى ما موضح فى الفيديو عملت فيه لاند سكيب واماكن جلوس وانتظار عشان يحقق عدة وظائف مش وظيفة واحده التى هى عبور المشاة، ومن تحت أخذت نفس روح وطابع معبد الأقصر الأثرى عشان السائح أو أى حد بيمشى فى طريق الكباش ميحسش إنه فى حاجة غريبة زى الكوبرى اللى هما عاملينه، يعنى تبقى أنت ماشى فى طريق أثرى تبص فوقيك تلاقى كوبرى حديد".

ومنذ أيام نشرت الجريدة الرسمية، قرار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى رقم 201 لسنة 2018، بشأن "مشروع نزع ملكية العقارات المتداخلة التى تعوق استكمال كشف طريق الكباش بمحافظة الأقصر"، حيث نص القرار على ما يلى: "يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع نزع ملكية العقارات المتداخلة التى تعوق استكمال كشف مسار طريق الكباش وحرمه بمدينة الأقصر بمساحة 1941.89م بحوض المحكمة نمرة 2 زمام ناحية الأقصر ومساحة فدان واحد و18 قيراط و4 أسهم بمنطقة نجع أبو عصبة بحوض بربة الآثارات نمرة 67 حديثًا ونمرة 16 قديما بالأقصر"، كما نشرت الجريدة أسماء ملاك الأراضى التى سيتم نزعها ومساحة كل أرض منفصلة فى جدول موضح به كافة التفاصيل".

ويعتبر مشروع إحياء طريق الكباش الفرعونى، من أهم المشروعات الموجودة على الساحة الأقصرية خلال الفترة الأخيرة، حيث إنه من المقرر الانتهاء من العمل بالمشروع خلال الأشهر المقبلة حيث تصطف على جانبى "طريق الكباش" (طوله 2700 متر وعرضه 70 متراً) مئات التماثيل الأثرية الشهيرة، فقبل أكثر من خمسة آلاف عام، شقّ ملوك مصر الفرعونية فى طيبة (الأقصر حالياً) طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب، تتبعه عليّة القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحمّلة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق يرقصون ويهللون فى بهجة وسعادة، وبادر إلى شقّ هذا الطريق الملك امنحوتب الثالث، بالتزامن مع انطلاقة تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز "طريق الكباش" يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية (آخر أسر عصر الفراعنة).

ويتيح طريق الكباش للسائحين الأجانب والمصريين التمتع على طول الطريق بين معبدى الأقصر والكرنك التمتع برؤية 1200 تمثال، نحت كل منها فى كتلة واحدة من الحجر الرملي، وهى فى هيئتين: الأولى تتخذ جسم أسد ورأس إنسان، والثانية لها جسم كبش ورأسه، علماً أن الأسد يرمز، فى التاريخ الفرعوني، إلى الشمس التى قدّرها الفراعنة كثيراً، أما الكبش فيعود إلى "خنوم" - أحد الرموز الرئيسة فى الديانة المصرية القديمة وهو، بحسب معتقدات ذاك الزمان صانع الحياة، وكانت تحيط بهذه الكباش أحواض زهور ومجارٍ للمياه لريّها، ووسط التماثيل أرضية مستطيلة (120X 230 سنتيمتراً) من الحجر الرملي، وبين كل تمثال وآخر فجوة قطرها أربعة أمتار، إضافة إلى ما دونته الملكة حتشبسوت على جدران مقصورتها الحمراء فى الكرنك، بأنها شيدت سبع مقصورات خاصة بها على طول هذا الطريق، ومع مرور آلاف السنوات إختفت تماماً معظم معالم هذا الطريق المقدس، ليظهر بدلاً منها بيوت ومنازل عشوائية وأراض زراعية حجبت عن السائحين الملامح التاريخية لواحد من أهم الطرق الأثرية فى العالم وأجملها، ودفنت التماثيل الفرعونية ودمرتها مياه الرى والصرف الصحى التى كانت تغمر تلك الأعمال الفنية التاريخية