فيديو.. "إله الحرب والصحراء".. ما لا تعرفه عن "دنقلا" عاصمة السودان الثقافية
وسط احتفاء مصري سوداني، شهدت العاصمة المصرية بالقاهرة برعاية عبدالمحمود عبدالحليم سفير السودان بجمهورية مصر العربية، ورئاسة جمعية "دنقلا" للثقافة والتراث النوبي مكتب القاهرة، وبحضور عبدالناصر وزير العمل السوداني، وزين السادات رئيس هيئة الصداقة المصرية السودانية، وحمدي بشير الأمين العام لجمعية "دنقلا"، وست البنات حسين رئيس جمعية "دنقلا" للثقافة والتراث، اختيار "دنقلا" عاصمة للثقافة السودانية 2018 والتي تمتدد إلى 3 سنوات.
دنقلا
"دنقلا" هي مدينة تقع في شمال السودان على الضفة الغربية من نهر النيل على ارتفاع 227 مترا "745 قدما" فوق سطح البحر، وهي عاصمة الولاية الشمالية وتبعد مسافة 530 كيلومترا "329 ميلا" شمال الخرطوم العاصمة، وتعد من أقدم المدن في المنطقة، حيث تتوسط منطقة غنية بآثار الحضارات السودانية القديمة.
لفظ "دُنْقُلا" مشتق من الدنقل "بضم حرف الدال وتسكين النون ورفع القاف"، وهو الطوب الأحمر باللغات النوبية، وسميت كذلك لأن مبانيها كانت تبنى من الطوب الأحمر على خلاف ما جاورها من أمصار مشيدة بالطوب اللبن - والطوب النيء (أي طوب الطين المجفف بالشمس قبل حرقه)، وهناك من يقول بأن دنقلا كلمة نوبية تتكون من مقطعين هما "دونقي" أي المال، و"لا" (النافية) أي انعدام المال، وبذلك يشير لفظ دنقي "لا" إلى مكان "بلا مال".
وتطلق الكلمة أيضاً على كل ما هو قوي وصلب، ولهذا ينسب البعض اسم المدينة إلى صفة ملكها الدنقل أو "دو- إن " و"قل" بالنوبية أي "القوي المقيم في قلعة كبيرة على النيل"، بل أن البعض يرى بأن "دونقلا" هو تحريف لكلمة دور القلاع أو "دار القلعة" نسبة إلى قلعة كبيرة في المكان كانت مطلة على النيل.
دمقلة
تسمي أيضاً بالبندر، أو بندر دنقلا، أي دنقلا المدينة، وورد اسم دنقلا في كتابات المؤرخين العرب باسم "دمقلة"، وفي حقيقة الأمر توجد هنالك 7 مدن باسم دنقلا في أمريكا الشمالية، 6 منها في 6 ولايات في الولايات المتحدة وهي ولايات أركنساس، الينوي، كنتاكي، أنديانا، ميسوري، وكالوفورنيا والسابعة في مقاطعة أنتاريو في كندا وأشهرها هي التي بولاية الينوي، وسميت على دنقلا الحالية التي بالسودان وتوجد بمقاطعة يونيون، وسكانها حوالي 860 شخصا.
دنقلا العجوز
يقصد بها المنطقة التي تحتوي على الآثار القديمة لعاصمة مملكة المقرة المسيحية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل على بعد 105 كيلومترات جنوب مدينة دنقلا و30 كيلو مترا شمال مدينة الدبة، وبها بقايا آثار كنسية وقلعة وعدد من الأديرة، كما يوجد بها أيضا مسجد عبدالله ابن أبي السرح، وهو مسجد أثري يعتبر أول مسجد بني في السودان.
معابد «أبادماك»
شهدت حضارة ما قبل التاريخ واشتهرت بمعابد "أبادماك" إله الحرب والصحراء عند الكوشيين، وتعتبر مركزا للحضارة النوبية كما يتضح من الآثار الموجودة فيها بما في ذلك الأهرام وغيرها مما تبقى من آثار اتفاقية البقط (المسجد) التي أبرمت مع المسلمين العرب في مصر.
في القرون الوسطى كانت دنقلا عاصمة لمملكة المقرة المسيحية في السودان، وكان موقعها على بعد 80 كيلومترا من ضفة النيل في المنطقة المعروفة حالياً بدنقلا العجوز، وغزتها جيوش المسلمين من مصر بقيادة عبدالله بن أبي السرح، ووفد إليها الفقيه غلام الله الركابي من اليمن في النصف الأول من القرن الرابع عشر لتعليم أبنائها سنن الإسلام، وقد وردت في مقدمة ابن خلدون كمدينة على ضفة النيل.
محمد علي وجون لويس
تأسست "دنقلا" كمدينة حديثة في عام 1812، من قبل مجموعة من المماليك الهاربين من عمليات الاضطهاد والتنكيل التي مارسها ضدهم محمد علي باشا والي مصر بعد استيلائه على السلطة في مصر، وارتكابه مذابح على قادتهم وأفراد أسرهم، وفي عام 1821 أرسل محمد علي باشا ابنه الثالث إسماعيل باشا كامل على رأس جيش كبير للقضاء على فلول المماليك واحتلال بقية ممالك السودان وضمها إلى ملكه، وتوغل إسماعيل باشا كامل في شمال السودان حتى بلغ "دنقلا" وأقام فيها معسكراً لجيشه أطلق عليه اسم معسكر الأورطة وهجر المماليك دنقلا إلى منطقة شندي وما بعدها جنوباً، ووردت دنقلا في كتابات الرحالة الإنجليزي جون لويس بوركهارت الذي زار المدينة في 1814 وقدم وصفاً لها.
وانضمت "دنقلا" لحكم الأتراك وفي عام 1885 وكانت واحدة من أربع مديريات "محافظات" أسسها الأتراك في السودان وعين عابدين بك أول حاكم تركي لها.
وفي منتصف القرن التاسع عشر بلغ سكان دنقلا 6 آلاف نسمة وكانوا يمارسون الزراعة على ضفاف النيل باستخدام السواقي لريّ الأراضي، وتحولت المدينة في تلك الفترة إلى محطة استراحة لقوافل الحجيج القادمة من دارفور إلى مدينة سواكن.
الثورة المهدية
تعتبر منطقة دنقلا مسقط رأس قائد الثورة المهدية محمد أحمد المهدي الذي ولد في جزيرة لبب على النيل القريبة من دنقلا، وخضعت دنقلا لحكم المهدية في الفترة من 1844 وحتى 1896، وعيّن الأمير عبدالرحمن النجومي عاملاً في دنقلا، وأمر بالزحف على مصر ليأخذ مكانه في رئاسة عمالة دنقلا الأمير يونس ود الدكيم، وفي 3 مايو 1899 غادر النجومي دنقلاً متجهاً إلى مصر على رأس 4 آلاف مقاتل، حيث اصطدم بقوات جرانفيل باشا سردار الجيش المصري في معركة توشكي التي انتهت بهزيمته.
روزيقونولي
ووفقاً لما جاء في كتاب روزيقونولي "سنواتي الاثنتي عشر في الأسر وسط الدروايش"، كانت دنقلا في عهد الخليفة عبد الله التعايشي تشكل إحدى إمارات دولة المهدية التي يتولى إدارتها أمير من الأمراء.
بيشبستون
أطلق الإنجليز اسم دنقلا على أحد شوارع منطقة بيشبستون في بريستول Dongola Road، وعلى شارع آخر بالاسم ذاته في منطقة توتنهام شمال لندن متفرعاً عن شارع كتشنر.
وكذلك يطلق البريطانيون على سباق نهري دوري اسم سباق دنقلا Dongola Racing، تيمنا بحملة إنقاذ غوردون باشا حاكم عام السودان وقتئذ، وعرفت بحملة النيل "1884-1885" التي قامت بها وحدة عسكرية بريطانية تم إرسالها إلى السودان لفك حصار المهدي للخرطوم حيث كان يتواجد غورودن، واستخدمت الفرقة مجرى نهر النيل عبر دنقلا نحو الخرطوم جنوباً في سباق من الزمن وضد تيار النهر المنساب من الجنوب نحو الشمال، وعندما وصلت مشارف الخرطوم كان الأنصار قد دخلوها وقضوا على غوردون واتباعه، فعادت الفرقة على أعقابها دون تحقيق الهدف.
اقرأ أيضاً