"عبد الفتاح القصري".. كوميديان ضاع بصره على خشبة المسرح
جلبابه المعروف، و"إفيهاته" التى أصبحت فيما بعد جزءا من قاموس البسطاء، صديق البطل، أو زوج البطلة، الذي تميز في أداء الدور الثاني في العديد من الأفلام التي شارك فيها، وعلى الرغم من ذلك لم يظهر بطلًا مطلقا لعمل واحد!.
في 15 أبريل عام 1905، كانت السينما المصرية على موعد مع استقبال عبد الفتاح القصري، الرجل الذي نجح خلال فترة قصيرة في خطف أنظار مُحبي الأعمال الكوميدية، ببساطة كلماته، وتعبيرات وجهه التى صنعها القدر، حيث كانت عيناه تعاني من "الحول" لكنها كانت سببًا كبيرًا في شهرته وسمة مهمة من سمات شخصيته وتعلق الجمهور بها.
أشيع أن "القصري" أمي لا يجيد القراءة أو الكتابة، لكن الحقيقة أن الرجل الذي اشتهر بأدوار "المعلم الجاهل" درس بمدرسة الفرير الفرنسية - القديس يوسف بالخرنفش، ومن شدة حبه للتمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي، ثم فرقة نجيب الريحاني، لينتهي به المشوار عضوًا في فرقة إسماعيل ياسين.
ضياع ميراثه من أبيه
الآباء في الغالب آن ذاك كانوا يرفضون عمل أبناءهم في الفن أو لعب كرة القدم، فالتقاليد القديمة كانت تقدس العلم وتراه سلاح الفرد علميًا وماديًا فيما بعد، وغير ذلك فهو مضيعة للوقت. بنفس الطريقة كان والد "القصري" ينظر إلى عمل نجله بالتمثيل، فهدده بحرمانه من الميراث إن لم يلتفت لمستقبله ويتراجع عن هوايته، وعلى الجانب الآخر كان الابن يفكر "أكمل ولا لا لأ"، فالقرار قد يكلفه الكثير.
فضل "القصري" المضي في طريق هوايته، فالميراث قد يضيع لأى سبب، أما الموهبة فتكبر وتنمو باهتمام صاحبها، وبالتالي نصيبه في الميراث "ضاع".
"خلاص تنزل المرة دي"
لعب "القصري" أدوار المعلم "ابن البلد" غير المتعلم، لعل أشهرها دوره في فيلم "ابن حميدو"، مع الفنانين إسماعيل ياسين، وأحمد رمزي، وزينات صدقي، وهند رستم، وخلال أحداث الفيلم كان "المعلم حنفي" شيخ الصيادين، واشتهر بعبارته الشهيرة التي لا زالت باقية حتى الآن "خلاص هتنزل المرة دي"، لأنه كان بمثابة الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته المتنمرة.
كما لعب في وقت متأخر دور المعلم شاهين الزلط، خلال أحداث فيلم "سكر هانم"، مع عبد المنعم إبراهيم، وكمال الشناوي، وحسن فايق، وسامية جمال، وكان دورًا مميزًا للغاية، كما ارتبط بالفنان إسماعيل ياسين في العديد من الأفلام منها : "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين" و"ابن حميدو" و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع".
حصيلته الفنية
قدم "القصرى" 63 فيلمًا، منها من جسد فيه شخصية ابن البلد البسيط، خفيف الظل مدّعى الثقافة، وغيره الذي ظهر فيه زعيم عصابة أو شخص وصولى ولعل آخرها "سكر هانم" عام 1960.
ومن أعماله الأخرى "المعلم بحبح" و"بسلامته عايز يتجوز" و"شيء من لا شيء" و"سى عمر" و"لو كنت مكانى" و"الأستاذة فاطمة" و"من فات قديمه" و"السوق السوداء" و"معلش يا زهر" و"فيروز هانم"، و"تعال سلم" و"حماتى قنبلة ذرية" و"بيت النتاش"، و"على كيفك"، و"عنتر ولبلب"، و"الآنسة حنفي" و"حسن ومرقص وكوهين" و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع" و"ابن حميدو" و"إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين"، كما شارك "القصري" في عدد من المسرحيات منها "قسمتي"، "الدلوعة"، "الشايب لما يدلع"، "الجنية المصري"، "30 يوم في السجن".
نهاية مأساوية
أعشق الشيء يعشقك، مقولة أثبتت صحتها بمرور الوقت وعلى خطاها سار "القصري"، فعشقه لخشبته المسرح، جعل مشواره الفني ينتهي واقفًا عليه أمام جمهوره، فبينما كان "القصري" يؤدي دورًا في إحدى المسرحيات مع الفنان "إسماعيل ياسين"، إذا به يصاب بالعمى المفاجئ على خشبة المسرح، فيصرخ قائلا: "لا أستطيع الرؤية"، الجمهور يظن أن هذا الأمر ضمن أحداث المسرحية، فيزداد الضحك، لكن صديقه إسماعيل ياسين، يدرك الحقيقة فيسحبه إلى كواليس المسرح، لتكتب آخر أعماله من هنا.
فقد البصر لم يكن الكارثة الوحيدة التى لحقت بـ "القصري"، فقد طلبت زوجته الطلاق منه بعد تمكنها من الحصول على ممتلكاته بالكامل، ليصاب الرجل بصدمة جديدة، وأمام هذه الظروف ينهار منزله، فيلجأ إلى العيش داخل حجره بسيطة تحت "بير السلم"، ومن شدة الضغوطات يصاب الرجل بتصلب في الشرايين ثم فقدان للذاكرة، وفي 8 مارس 1964 رحل الرجل إلى مثواه الأخير، لتفقد السينما دور المعلم "ابن البلد".
اقرأ أيضًا..
من "بونجور" إلى "الهارد كور".. تحرش السينما المصرية بين "القصري" وحمدي الوزير
صورة| بـ"النحت".. السوشيال يرحب بـ"ماري منيب وعبدالفتاح القصري"