لماذا بدأ ولى عهد السعودية جولته الخارجية الأولى بزيارة مصر؟
بعثت زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لمصر، الكثير من الرسائل السياسية والاقتصادية، سواء للداخلين المصرى والسعودى أو للقوى الخارجية الكبرى.
وفى الجانب الاقتصادى، أكد الكثيرون أن الزيارة ستشهد حديثا مباشرا عن جسر الملك سلمان بين مصر والمملكة، واستثمار المملكة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وسيناء، والعديد من المشروعات الأخرى.
ويدعم ذلك جدول زيارة الأمير التى شملت عددا كبيرا من المشروعات، على رأسها أنفاق قناة السويس، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، ومتجع الفرسان، وكلها مشروعات تفتح الطريق لاستثمارات مشابهة فى المنطقة باستثمارات سعودية جديدة.
وهذا التكهن أكده أيضا تصريحات المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن "المملكة السعودية هى المستثمر الأول على مستوى الوطن العربى فى مصر، وتم التباحث فى هذا المجال، وسيتم بلورة هذه المحادثات والإعلان عن تفاصيلها".
كما يدعم هذا الطرح أن ولى العهد الأمير محمد بن سلمان هو مهندس استراتيجية المملكة 2030، والمعنى الأول بتطوير الاقتصاد السعودي، ويسعى لتنفيذ إصلاحات ضخمة به، لتحويله إلى اقتصاد متنوع بدلا من اقتصاد قائم على قطاع النفط فقط، وأعلن بالفعل منذ توليه ولاية العهد برامج لمكافحة الفساد، وأعلن أيضا عن أكبر طرح لشركة أرامكو فى البورصة، وإجراءات ترشيد الدعم، وإنشاء مدينة "نيوم" وغيرها من الإجراءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الضخمة.
وجاءت الزيارة أيضا تزامنا مع قيام القوات المسلحة بتنفيذ العملية الشاملة "سيناء 2018" لتطهير سيناء من الإرهاب، على بعد خطوات من أماكن زيارة الأمير، وهو ما يبعث رسائل كثيرة لكل متابع للزيارة، خصوصا ما يتعلق بالأمن فى المنطقة التى تضمن هذه المشروعات وسيناء.
وتعتبر هذه الزيارة أيضا رسالة قوية لمن كان يروج فى الأيام الأخيرة لوجود خلاف بين القيادة السياسية فى مصر والمملكة، والخاص ببعض الملفات، خصوصا الملف السورى والحرب الدائرة فى اليمن، حيث يوجد لكل من الطرفين رؤية خاصة فى هذين الملفين بالذات، إلا أن العوامل التى تجمع الشقيقان أكثر بكثير من الخلاف فى الرؤى حول هذين الملفين، وهو ما تؤكده الزيارة والاستقبال الحافل واللقاء الحار بين القيادتين.
كما أن مصر والسعودية جزء من تكتل عربى يضم الإمارات والبحرين أعلن في 5 يونيو الماضى عن مقاطعة قطر بسبب علاقتها بالجماعات الإسلامية المتطرفة مثل الإخوان المسلمين وداعش وتمويلها للإرهاب فى عدد من الدول العربية وتقربها من إيران التى تتدخل فى الشئون الداخلية لدول الخليج والعراق وتسعى لتصدير الثورة الإيرانية وتمول الحوثين فى اليمن وحزب الله فى لبنان.
ولا يمكن تجاهل أن هذه الزيارة تأتى ضمن جولة للأمير تشمل كل من بريطانيا وأمريكا وهما قطبا السياسية العالمية، ومحور الملفات السياسية فى العالم، وعلى رأسها الملف السورى والملف الليبى والملف اليمنى، وغيرها، وهو ما يؤكد حرص القيادتان على توحيد الرؤى والتشاور فيما بينهما بشأن هذه الملفات المهمة وبلورة موقف موحد لأكبر دولتين فى منطقة الشرق الأوسط.