التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:52 ص , بتوقيت القاهرة

سامية جمال.. ورقة يانصيب عند المأذون تربح مع «الدنجوان»

بكامل أناقتها ورشاقتها المدهشة وأنوثتها الشقية، تتوجه فراشة الرقص والسينما، سامية جمال، في 5 يناير 1970 إلى إحدى دور السينما، ذهبت خصيصا لإعطاء فيلم "كانت أيام" لزوجها رشدي أباظة دفعة ما، دفعة تشجيع ضرورية في ظل ضعف الإقبال وتدهور إيراداته بشدة مما يؤذن بفشل ذريع، ورغم أن الشحرورة صباح تشاركه البطولة، إلا أنها عصرت على نفسها ليمونة وخضعت لواجب الزوجية الذي يملي عليها مناصرة زوجها، قاومت بضراوة مشاعر الغيرة التي اعتادتها مع "الدنجوان"، كتمت غيظها ورسمت بحرفية ومكر على وجهها الأسمر المنحوت ابتسامة أتقنتها آلاف المرات، وقررت أن تسايس أمورها وتدير حالها بالحكمة والرشد الذي اعتادته من نفسها، فلتكن ليلة تمثيل وبروفة حية، ألم يقل رشدي أباظة إنها رقاصة لكنها ممثلة درامية شاطرة، وتتمتع بطاقة تمثيل رهيبة!


اعترف رشدي اباظة بأن فراشة السينما والرقص سامية جمال حبيبته الوحيدة


بمجرد أن طالعت صورتهما، الدنجوان والشحرورة، على شاشة السينما، حتى عادت إليها الذكرى الأليمة، حقا تتناسى المرأة لكنها لا تنسى أبدا، وهل بمقدورها أن تنسى إهانة كرامتها وشعورها بالقهر والاحتقار لدى نشر خبر زواج رشدي زوجها من صباح، لم يكن خبرا عاديا، الشيطان يكمن دائما في التفاصيل كما يقولون.


الملل يجتاح قاعة السينما ويصيب الجمهور بالضجر والضيق من قصة الفيلم المعادة والمكررة، إلا أن أحد الحضور حاول كسر الجو الرتيب، وأخذ يعدّد القبلات في الفيلم ويندب حظه البائس ومع كل قبلة يتنهد ويحسد "الدنجوان" على حظه من النساء الشقراوات والسمراوات، ولم ينس بالطبع تحية كاريوكا، وما إن بدأ حتى شاركه الجمهور بالضحك والقهقهة ولم يتوقفوا حتى انتهت وصلة القبلات الحارة غير المسلية إلى "26 بوسة".


جمع فيلم كانت أيام بين الدنجوان والشحرورة


تسلّحت سامية جمال، في مواجهة هذا الإحراج الذي يؤذن بانقلاب العرض كله إلى "مسخرة"، بنوبة ضحك هستيري كانت جديرة بالإفصاح ببلاغة عن علاقتها الاستثنائية برشدي أباظة، والتي كانت مضرب الأمثال في الوسط الفني، كان رشدي يشرد ويشرد ويعود ثانية إلى حضنها، اكتفت به واعتزلت الرقص وشاركت على استحياء في أفلام قليلة، ارتضت به فقط، تهتم بأدق أدق تفاصيله، ترتب له حياته الفوضوية وتضعه دائما على الطريق قبل أن تندهه نزواته، فضلا عن اكتفائها بتربية ابنته "قسمت" والتي كانت أما لها، وأغنتها عن الأمومة التي حرمت منها.


اكتفت سامية جمال برشدي أباظة وقصرت حياتها على الاهتمام به


يحضر شيطان سامية جمال المولع بالتفاصيل، يزكيه كيد النساء الذي يشعر الآن بالاحتقان والغضب، يوسوس لها ويعيد لها شريط رجالها، تبتسم لدى استحضار ذكرياتها مع فريد الأطرش، حبها العنيف له وتقديرها له كرجل فريد، تعتبره حب مراهقة غير عقلاني جرف السدود والحدود وكان طبيعيا ألا يتوج بزواج معلن، لا تتوقف عند متعهد الحفلات الأمريكي الذي أعلن إسلامه ليتزوجها، واكتشفت أنه كان زواج "مصلحة"، أورثها غصة في قلبها قررت على إثرها اعتزال الزواج والرجال، إلى أن دق قلبها لدنجوان الشاشة المصرية رشدي أباظة، منذ أن قابلته مصادفة في روما والشيطان يتلاعب بأفكارها، إلى أن واجهت حضوره القوي الآسر في فيلم "الرجل الثاني"، في أواخر عام 1959، وتوطدت العلاقة وتقاربا حينذاك لدرجة أن سامية كانت تجهز له الطعام بيديها، وانتهى الأمر عند المأذون في 21 سبتمبر 1962.



شيطانها يصر على فتح الجرح الذي ما زال يئن وينبض رغم مرور 3 سنوات. لن تسامح رشدي أبدا، جعلها أضحوكة وراهن على صبرها معه وحبها له وتفهمها لطبيعته المتقلبة المزاجية، جعلها "لبانة" في جلسات النميمة و"هزأة" الصحافة الفنية، تحدى هامش الثقة الذي تكرمت به عليه، ركب دماغه وتحدى أنوثتها مع "صباح"، على سبيل الدعابة تزوجا وذهبا إلى الشيخ المأذون في بيروت، فقط لأن صباح تحدته بأنه لا يقدر على الزواج منها لخوفه من سامية جمال.


زواج بدأ بدعابة وانتهى في غضون أسبوعين


كان الموقف تحديا صعبا لعلاقتهما، إلا أن صبرها ليس له حدود، سمعت بهدوء لمبررات رشدي عبر الهاتف، استقبلته في مطار القاهرة وضمته طويلا إلى حضنها، وتجاهلت القصة تماما، فقط "رجع رشدي إلى بيته، وأهلا وسهلا به"، مجرد "شقاوة رجالة".


يرى رشدي أباظة أن "الفنانين بني آدمين عاديين، زيهم زي أي حد، والتمثيل حاجة والحياة العادية حاجة تانية، بالتالي الجواز ورقة يانصيب زي ما بيقولوا في الأمثال البلدي، وربنا خلق لكل واحد واحدة هي فين هي مين الله أعلم"، ويضيف: "الفنان والفنانة لما يكونوا متزوجين لازم نتعامل معاهم على أنهم راجل وست عاديين، لو توفرت أي دوافع للفشل في الزواج بينهما طبيعي يفشل"، لترد عليه سامية جمال: "التفاهم والحب والثقة أهم حاجة بالنسبة للفنان والفنانة، ولو موجودين الجواز بيكون ناجح وعش سعيد".


يبدو واضحا الاندماج بين الثنائي الفني الفريد


ورقة اليانصيب التي وقعها رشدي أباظة وسامية جمال عند المأذون ربحت بالتأكيد، صمدت ثمانية عشر عاما متحدية تقاليد الوسط الفني الذي كان يرى فيها "معجزة"، يعود الفضل لاستمرار هذه العلاقة لنفسية سامية جمال التي روضت طباع رشدي أباظة الذكورية الجامحة المنفلتة واستوعبت نزواته لدرجة اعترافه بأن سامية جمال المرأة الوحيدة التي أحبها، كانت سامية ترغب بشدة في استمرار العلاقة، أخرجت كل ما في جعبتها من ألاعيب، كانت الزوجة والأم والعشيقة والصديقة، الرباعي المستحيل، إلا أن رشدي انفلت تماما وأفرط في التدخين أدمن على الكحوليات وأصبح عصبيا وحادا، ببساطة صار لا يطاق ولا تحتمله أي أنثى، كان الفراق حتميا وعلى غير رغبتها، وقد وقعت الواقعة في 1977، ورفضت بعد طلاقها من رشدي كل الإغراءات، ارتضته الرجل الأخير في حياتها.


بعد ثلاث سنوات، تقف سامية جمال أمام قبر رشدي أباظة، والذي توفته المنية قبل ثلاثة أيام، وتحديدا في 27 يوليو 1980، ورغم أنها حرصت على حضور الجنازة متخفية وكانت في وداعه، إلا أنها كانت تريد أن تسرّ لرشدي بكلمة أخيرة، وقفت على قبره واستشعرت حضوره حتى في الممات، هيئ إليها أنها تلمسه، وأفضت لعينيه بسرها المكنون: "كان نفسي تموت في حضني يا رشدي، أنت اللي اخترت تموت بعيد عني".


كانت سامية جمال تتمنى أن يموت رشدي اباظة في حضنها


شيرين عبد الوهاب.. مبررات ساذجة لتحضير "سد الحنك"


محمود الجندي.. "فنان فقير" أقلع عن الضحك!


محمد الموجي والعندليب.. ملحن وقع في غرام صدى صوته حتى "الاحتباس"