التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:27 ص , بتوقيت القاهرة

معرض الكتاب الخمسين..اقتراحات لا انتقادات..لا تنقلوه إلى التجمع الخامس

ما أسهل أن ننتقد، ما أسهل أن نصوب سهام النقد كما اعتادوا القول، وما أسهل أن نجلس في مقاعد المسؤولين ونلومهم افتراضيا، بعبارات من قبيل: لماذا فعلوا كذا..ولم يفعلوا كذا..كان من الأجدى أن يفعلوا كذا، لكنهم وضعوا الشيء في غير موضعه..إلى آخر سيل الانتقادات التي لا تحل شيئا ولا تربط، ولكنها لا تساعد، بل تضيف إلى المكلمة المفتوحة، وكأننا نراكم مكلمة فوق مكلمة، ولا نضيف إضافة جديدة.


منذ أسابيع هاتفت الدكتور هيثم الحاج علي رئيس الهيئة العامة للكتاب، وسألته عن استعداداته لمعرض الكتاب في يوبيله الذهبي، فأجابني أنه يرغب أولا في أن يسمع مني اقتراحاتي، وأفكاري، وبصرف النظر عن أهمية أفكاري واقتراحاتي لدى الدكتور هيثم الحاج علي، فاستعداد مسؤولين بوزارة الثقافة لسماع الأفكار والاقتراحات من الجمهور، هو شيء إيجابي كبير، ومحاولة تنفيذ أكبر قدر من هذه الأفكار يعبر عن الرغبة الموجودة لدى بعض المسؤولين في التغيير.


هيثم الحاج على


مطاعم الأكل..فوضى عارمة وخدمة لا يمكن التخلي عنها


الحضارة يشوهها التدافع، وموائد الطعام لا تتجانس مطلقا مع إطعام العقول، ومع ذلك لا ينكر أحد أننا بحاجة لخدمة مطاعم الأكل، والكافتيريات في معرض الكتاب، لأنها خدمة ضرورية لزوار يقضون يوما كاملا وبعضهم يأتي من محافظات، أي أنهم على سفر.


من بين الأفكار الكثيرة المهمة التي يجب أن تلتفت إليها هيئة الكتاب بينما تستعد لتنظيم الدورة المقبلة لمعرض الكتاب، هي الشكوى المتكررة من انتشار أماكن الأكل، والكافتيريات العاملة في بيع المأكولات لرواد المعرض،  ولا أحد بوسعه أيضا إنكار الفوضى الهائلة التي أحدثها الانتشار الهائل لباعة الأطعمة في دورة المعرض الأخيرة، يقول رئيس هيئة الكتاب في تصريحات له خلال مشاركته بندوة عن معرض الكتاب في صحيفة الأهرام- منشورة أمس الأحد- أنه تم توزيع أماكن بيع الأطعمة في 6 نقاط، أقول لما لا يتم تجميع هذه الكافتيريات جميعا في موضع واحد "Food court" يتحدد على خريطة المعرض، ويحج إليه المرهقون من طيلة الطواف بين أجنحة المعرض، فلا تعطلنا روائح الأطعمة عن التجوال بين الكتب، ولا نسمع أصوات الأغاني وضجيجها الذي يشوش على ويشوشر على الندوات ومنظميها والمتحدثين فيها، وتصل إلينا أصوات الباعة بينما يعلنون عن بيع الساندوتشات والفطائر وغيرها.


خريطة المعرض..كيف نضع في يد كل زائر رسما وبرنامجا بكل شيء


يبدو أن فكرة المتطوعين التي تم تنفيذها في الدورة الأخيرة، لم تنجح بنسبة مأمولة، إذ شابتها بعض السلبيات، وعليه لماذا لا تجرب هيئة الكتاب وضع خريطة لمعرض الكتاب عند مواضع دخول الزوار، وجدول بالأنشطة المهمة يوم بيوم، عند بوابات الدخول المختلفة- طبعا يتم تجديدها وطباعتها كل يوم- بحيث يتناول زائر المعرض أثناء دخوله الخريطة مطوية بحجم الجيب، بما يسهل حملها، وتداولها، ويحمي زوار المعرض من التيه، والتخبط.


جناح الأزهر بمعرض الكتاب


أجنحة المعرض..الخيام رثة ..الخيام تغرق


حالة الخيام التي يتم نصبها كل عام لاحتواء أجنحة دور النشر رثة، وتبعث عن الشفقة، وإذا كان بمقدور هيئة المعارض بناء أجنحة فاخرة مثل جناح الأزهر، فلماذا تترك سائر الناشرين في خيام بالية، تنتهكها الأمطار كل عام، وتكلف الدولة صرف تعويضات للناشرين الذين تفسد كتبهم، أليس الأفضل والأجمل حضاريا، أن تكون كافة أجنحة المعرض تحمل طابعا واحدا ولقد رأينا أن ذلك ممكن التحقق، مثلما شيدت جناحا فاخرا لمشيخة الأزهر الشريف، دعونا نصارح أنفسنا، أنه إذا منحنا جائزة لأفضل صالة عرض في معرض الكتاب الدورة الماضية، ستنالها صالة المشيخة، فمن أشرف على جعلها أجمل صالات عرض المعرض؟ هل هيئة الكتاب هي السبب، أم أرض المعارض؟


تقليل الفاعليات..سياسة الكيف وليس الكم


عيب كبير عند بعض مسؤولي وزارة الثقافة، أنه تغريهم الأرقام الكثيرة، ويضعونها في سيرتهم الذاتية، وتكون جاهزة دائما للدفاع عن سياستهم باستعراض هذه الأرقام، لكن على الأرض، تضيع الأرقام وسط ضجة الإخفاقات والسلبيات، إذ يتباهى رئيس هيئة الكتاب الدكتور هيثم الحاج علي بتنظيم 1400 فعالية واستضافة 4000 ضيف، هذا كله جميل، لكن سياسة الكيف أهم من الكم، وكان هذا توجها لدي مسؤولي وزارة الثقافة كلما زادت الهنات والسلبيات، ركزوا على تنظيم فعاليات أقل، لكنها كبيرة، ومؤثرة، وكم من الأعمال لا يمكننا تذكرها على كثرتها، وكم من الفعاليات الثقافية المهمة نستطيع تذكرها الآن من دورات معارض الكتب السابقة ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تلك المناظرة المهمة التي جرت بين فرج فودة والشيخ الغزالي في التسعينات، نتذكر ذلك الحدث، ولا نقدر على نسيانه، وذلك بسبب الكم الهائل من الأفكار التي تم طرحها خلال هذا اللقاء، كما أننا لا ننسى المناظرة، لما لحق بها من أحداث دموية، إذ كانت سببا مباشرا في اغتيال فرج فودة بعدها بأسبوع.


فرج فودة


التجمع الخامس..جدل كل عام


يضع الناس أيديهم على قلوبهم خوفا إزاء تجدد هذه الأنباء التي تتحدث عن نقل المعرض إلى التجمع الخامس، وفي الندوة التي عقدتها الأهرام مع رئيس الهيئة وتم نشر تفاصيلها أمس، لم يرد هيثم الحاج علي إذا كان ما سيتم النقل، أم لا، لكنه تحدث عن ضرورة توفير ضمانات ألا يقل زوار المعرض عن الدورة الأخيرة، والذي قدره بأربعة ملايين زائر، أقول هنا أن نقل المعرض إلى التجمع الخامس – القصة المتداولة منذ سنوات- أمر مقلق، ويهدد باحتكار هذا المعرض لصالح طبقة معينة، وحرمان مصريين كثيرين من زيارة هذا المعرض، وهو الطقس الذي يحبه الأطفال، ويكبرون وفي داخلهم ذكرى زيارة هذا الصرح الثقافي المهم، كما أننا إذا نقلنا المعرض إلى التجمع الخامس، أو التجمع الصحراوي، فأننا هكذا نبدد ميزته الكبرى، ألا وهي ما تكلفته الدولة بشق نفق أسفل الأرض بملايين الجنيهات، لربط أرض المعارض، في مدينة نصر، بأرجاء العاصمة المترامية، ألم تتكلف الدولة ملايين الجنيهات، ليركب المواطنون مترو الأنفاق من محطات بعيدة مثل "ضواحي الجيزة" أو "شبرا" أو "المرج الجديدة" ويصلون إلى محطة "أرض المعارض" ، كيف نضحي بهذه الميزة الآن، وننقل معرض الكتاب إلى التجمع الخامس، حيث لا توجد مواصلات جاهزة، وأكيدة، ورخيصة، وسريعة، وغير ملوثة للبيئة، ولا تتعطل في الزحام، بل أن المواصلات التي سيتم توفيرها، ستكون في الأغلب خطوط أتوبيسات لا تغطي أرجاء المدينة، خطوط أتوبيسات مرتجلة تخدم بعض المناطق، وتنسى العديد من الأحياء، وبهذا يفقد معرض الكتاب زواره، وطبقته الشعبية الأكيدة، وملحه، الأطفال والشباب "الطلاب" والرجال والفتيات، الموظفات، الصحفيات، والصحفيين، والعديد من ممتهني المهن الأخرى الذين يشكلون الكتلة الكبيرة من المترددين على المعرض من بين الفئات العمرية الأخرى.


fairzone


خمسون عاما على المعرض..مائة عام على ثورة 1919


اليوبيل الذهبي لمعرض الكتاب، سيصادف مرور 100 عام على ثورة 1919، بهذه الكلمات كشف الدكتور هيثم الحاج علي حقيقة مهمة تكشف أنه ربما يعد مفاجأة لزوار المعرض العام المقبل، وهي من الأفكار الجميلة التي كشفها رئيس هيئة الكتاب في ندوة الأهرام، ثمة أفكار مهمة أيضا كشفها الحاج علي، منها نيته استضافة عدد من رؤساء معارض الكتب المهمين، إذا سمحت ميزانية المعرض العام المقبل، وكذلك عدد من رؤساء اتحادات الناشرين في العالم، وبعض الأدباء الفائزين بنوبل، وأن يصمم جناحا كاملا يضم كل الدول التي حلت ضيوف شرف في المعرض، إلا أن فكرة الاحتفاء بسعد زغلول تظل الفكرة البراقة التي تخطف القلوب، وأتمنى أن ينفذها الدكتور هيثم الحاج علي لإقامة دورة متميزة جميلة وأخاذة وآسرة وناجحة.


زعيم الأمة سعد زغلول


اقرأ أيضا


20 اقتراحا لهيئة الكتاب لإقامة معارض بالمحافظات..عن كسر مركزية القاهرة


ماذا تعني توصية مجلس النواب بزيادة مخصصات وزارة الثقافة ؟