التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 11:20 م , بتوقيت القاهرة

حكاية «نص مليون جنيه» تائهة في كواليس رأفت الهجان

أصبحت ثلاثية رأفت الهجان، التي قدمها محمود عبد العزيز (ممثلاً)، صالح مرسي (كتابًة)، يحيى العلمي (مخرجًا)، ملحمة مخابراتية من الصعب استنساخها في قوالب مشابهة، وأزمة لكل نص درامي يدخل عالم الجاسوسية دون أن تتأثر الأحداث بعالم «ديفيد شارل سمحون»، وتحاول الأنامل الموسيقية جاهدةً الابتعاد عن بصمة عمار الشريعي في التترات والمشاهد الداخلية.



 كل ما سبق واقع يتلمسه جيل لم يعاصر الأحداث الحقيقة للبطل الشعبي، أو بداية تصوير الجزء الأول للمسلسل في نهاية الثمانينات، لكن هناك بعض الأحداث في الكواليس تجعلك تدرك أن دراما ما وراء «رأفت الهجان» لا تقل غرابة عن الأحداث التي صنعها المؤلف في الأجزاء الثلاثة.


من الحكايات التي طواها النسيان، أن الفنان محمود عبدالعزيز، كان سببًا في توقف تصوير الجزء الثالث لـ«رأفت الهجان» بعد سفره لمهرجان «كان» الفرنسي عام 1991، ثم رغبته في السفر لأداء فريضة الحج.


وفقًا لرواية السيناريست ممدوح الليثي، رئيس قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري، آنذاك، تسبب سفر محمود عبد العزيز لمهرجان كان السينمائي، إلى توقف تصوير مشاهده في الجزء الثالث لـ«رأفت الهجان»، وتعرض قطاع التلفزيون لخسارة مادية تبلغ الآف الدولارات، ما يوازي نصف مليون جنيه مصري، وبدأت المجلات الفنية والجرائد تتناول تصريحات الليثي باهتمام كبير، بينما عبد العزيز في محفل فني عالمي يشاهد فيلم (بارتون فينك) للأخوان كوين، وعندما عاد من فرنسا كان رد فعله عندما علم بالاتهامات الموجهة ضده صادمًا للبعض.


محمود عبد العزيز وممدوح الليثي


لم يحاول محمود عبد العزيز الرد على اتهامات رئيس قطاع الإنتاج، التزم الصمت ودخل استوديو تصوير «رأفت الهجان»، دون أن يصدر تصريحًا واحدًا للرد على اتهامه بضياع نصف مليون جنيه وتبديد المال العام.


استطاعت مجلة صباح الخير، في يونيو 1991، من نشر حوار كامل مع نجم المسلسل، وحصلت على تصريحات تؤكد أنه لن يسكت عن الحملة الصحفية التي اتهمته بالتسبب في خسارة مادية كبيرة بعد حجز الاستوديوهات وبناء الديكورات، ولن يتراجع عن التقاضي، إلا إذا قال ممدوح الليثي إن التصريحات المنسوبة إليه فبركة صحفية. 


توقف محمود عبد العزيز، قبل أن يبدأ تصوير رأفت الهجان، عن عرض مسرحيته «خشب الورد»، لأنه كان يريد التفرغ للهجان، لكن إعادة كتابة صالح مرسي للحلقات بعد الملاحظات التي قدمها يحيي العلمي استغرقت وقتًا كثيرًا، وفجأة وجد نفسه مرتبطًا بتصوير فيلم «الكيت كات»، وبعد عدة تأجيلات لـ«الهجان»، وأثناء تعمق الساحر في تجسيد شخصية الشيخ حسني، تحدد فجأة تصوير الجزء الثالث لرأفت الهجان، رغم أن التعديلات لم تنتهي بعد، واختصار الجزء الثالث من 20 إلى 14 حلقة، ومع ذلك لم يكن أمام عبد العزيز سوى التصوير تحت ضغط الشخصية الساحرة التي جسدها، ونجاح عمل وطني تنتظره المحطات المصرية والعربية.


«رغبة محمود عبد العزيز في السفر لمهرجان كان الفرنسي، هو بداية الأزمة التي تناولتها صحف التسعينات»


وعندما أراد الساحر أن يسافر إلى مهرجان «كان»، طلب من فريق العمل تصوير مشاهد لا يتواجد فيها لحين عودته، حتى أن مخرج العمل طلب منه دواء خاص من فرنسا، ما يدل أن سفره لم يكن مفاجأة، لكنه وجد تصريحات تهاجمه بترك عمل وطني من أجل المهرجان الفرنسي، ومع ذلك لم يمتنع عن التصوير وفضل الصمت لحين الانتهاء من مشاهده، ثم يتوجه للقضاء للفصل بينه وبين الليثي.


اللافت أن تلك التفاصيل بين النجم والسيناريست، اختفت بعد شهر تقريبًا، بتصريح مقتضب لممدوح الليثي، موضحًا أن أزمة محمود عبد العزيز انتهت، وليس هناك مشاكل معه أو غيره، وأن العمل تم الانتهاء من تصويره.


الحاضر يثبت أن تلك الأزمة التي تداولتها صحافة التسعينات سقطت بالتقادم، لأن الإعلامي عمرو الليثي، نجل السيناريست الراحل لم يتطرق لتلك التصريحات في سلسلة مقالات نشرها في الذكرى الأولى على رحيل محمود عبد العزيز، واختار أن يسجل التفاصيل والأدوات التي كان يبحث عنها الساحر لتخرج الشخصية على أكمل وجه، وغيرها من الكواليس التي تؤكد أن أزمة النصف مليون جنيه لم يعد لها آثر.


اقرأ المزيد


إذا قدمت نسخة 2017 لـ"رأفت الهجان".. من هم الأبطال الجدد؟


أمريكي يتهم "الشريعي" باقتباس رأفت الهجان من موسيقى عالمية