"بالعزم انتفضت يمناه".. كيف انتصر القناص على صريخ الأمهات بعد 15 عام؟
أتأمل يوميًا بعد صلاة الظهر ساعتي البلاستيكية التي أهداني أبي إياها بمناسبة نجاحي في المرحلة الابتدائية، ليتشتت انتباهي تمامًا عن ما يردده المعلم في الحصة المدرسية الآخيرة، وانتظر بفارغ الصبر موعد قرع جرس "المرواح"، وما أن تنفجر أصواته، أعود متلهفًا إلى منزلي، متجهًا إلى مطبخ بيتنا أجلب منه طبق الغذاء الذي حضرته أمي، وأدخل به إلى حجرتي وأشغل التلفاز وأضبطه على القناة الكارتونية المحببة لدى قلبي، وما أن تستهل بداية مسلسل "القناص" المحبب لدى قلبي بالغناء، أسرع لإغلاق باب الغرفة هربًا من صراخ أمي وهي تقول: "الكارتون ده هيبوظ دماغك.. إنت كبرت خلاص".. مشهد لم أجسد بطولته وحدي، وإنما عاش واقعه كثيرًا من أبناء جيلي.
المسلسل الذي فات على عرضه الأول باللغة العربية ما يقرب من 15 عامًا، يبقى في آذهان كل من تابعوه، ليثبت بعد تقدم أعمارنا أن عبارات أمهاتنا الصارخة التي جاهدت لإبعادنا عن مشاهدة الأعمال الكارتونية في هذا السن، لم تكن في محلها، فالمسلسل المذكور أو غيره كان علامة لما تحمله شخصياتنا من مواصفات في الكبر، لما جمعه من أبطال تباينت شخصياتهم ليؤكد الأن أن متابعة مثل هذه الأعمال قد تكون منبهة لإدراك الصفات الجيدة وتمييزها عن السيئة.
"جون".. صيادًا يرحم فريسته
"صامدًا، مغامرًا، صبورًا، رحيمًا وينتفض من أجل أهدافه"، أنها أبرز المواصفات الشخصية التي ميزت"جون" البطل الرئيسي للمسلسل المكافح من أجل العثور على أبيه المعلم ولم يصاب باليأس رغم كل ما تعرض له من مكائد، فقد أظهره الكاتب الياباني "يوشيهيرو توغاشي" بصورة لائقة ليكون بطل حقيقي قدوةً لمن في عمره، فاتصفت شخصيته برحمة أعدائه واحترام خصومه في الساحة والوفاء لأصدقاؤه.
"كيلوا وكورابيكا ويوريو".. أصدقاء علمونا الوفاء
أبطال أخرون ظهروا بالمسلسل، ليكونوا مثالًا للتحضر الأخلاقي، فقد كان غايتهم طوال المسلسل الدفاع عن صديقهم وإخراجه من المحن، والوقوف أمام المعتدين حتى لو وصل بهم الأمر للتضحية بحياتهم من أجل بعضهم البعض، فضلًا عن إظهار صورة التعاون في حال وقوع أحدهم أو عائلة أي منهم في أزمة ما.
"هيسوكا".. الشر السائر في صورة إنسان
جسد الكاتب، الشر في صورة شخص يتعرف بالأبطال السابقين في اختبارات الصيادين ليحاول إيقافهم ومنعهم عن إحراز التقدم بل والتخلص منهم أيضًا، وتضمنت تلك الشخصية مواصفات تكفل الكراهية من أي متفرج تجاهها، حيث كان ذلك المراوغ شخصًا يجسد أبشع صورة للجريمة والشر.
هؤلاء جميعًا كانوا محور الاحداث بالمسلسل الذي شهدناه في الصغر، وعايشناه في الكبر، فمجتمعاتنا مليئة بالكثير من جون وكورابيكيا ويوريو وكيلوا وهيسوكا أيضًا، ولكن لكل منهم اسم مختلف، فكان المسلسل بمثابة تنبيهًا وتحذيرًا لما يحمله واقعنا في الكبر، فيا ليت الأمهات تركتنا نشاهد ونستمعن في قراءة الأحداث الكارتونية بل ساهمت في تفسيرها إلينا ليتخلص المجتمع من "هيسوكا" المستقبل.