التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 02:49 ص , بتوقيت القاهرة

دعاء الكروان في تونا الجبل..فرص عديدة تمنحها الاكتشافات الأثرية الجديدة

"لم يكن يقدر أني سألقاه قائمة باسمة، حين أقبل إلي في ظلمة الليل يسعى كأنه الحية، أو كأنه اللص، ولكنه لم يكد يبلغ باب الغرفة ويتبين شخصي ماثلا في وسطها، وعلى وجهه ابتسامة شاحبة كأنها ابتسامة الأشباح، حتى أخذه شيء من الذعر، فتراجع خطوات، ثم قال في صوت أبيض جعل يأخذ صوته الطبيعي قليلا قليلا: ماذا؟ ألا تزالين ساهرة إلى الآن؟ أتعلمين متى أنت من الليل؟ قلت: لقد جاوزت ثلثه، وما كان ينبغي لي أن أنام قبل أن ينام سيدي".


بهذه السطور، استهلّ عميد الأدب العربي طه حسين روايته المهمة "دعاء الكروان" التي كتبها مستلهما قصة حب "إيزادورا"، الفتاة الأغريقية التي عاشت فى مصر فى  القرن الثانى قبل الميلاد فى عصر الإمبراطور هادريان، وترقد مومياوتها في المقبرة رقم1 بين مقابر منطقة تونا الجبل، ومن قصة حبها للضابط المصري حابي، استوحى عميد الأدب العربي قصة حب "آمنة" وكتبها في روايته المهمة "دعاء الكروان" كما يردد أهالي "تونا الجبل" التي شرفت بزيارتها ديسمبر الماضي، واليوم تتجدد سيرة هذه المنطقة الأثرية الغنية الواقعة في صحراء محافظة المنيا، هذه المرة ليست عن قصة حب جديدة، إنما بعدما أعلنت وزارة الآثار أول من أمس السبت عن كشف أثري كبير في المنطقة.


دعاء الكروان


وتضمن الكشف 8 مقابر فرعونية ضمت 40 تابوتا للكهنة وأكثر من 1000 تمثال للحراس والخدم.


ها أنت ذا أيها الطائر العزيز تنشر في الجو المظلم الساكن نداءك السريع البعيد كأنه استغاثة المستغيث..ما خطبك؟ وما أنباؤك؟ وما الذي يغريك بي ويسلطك علي؟- دعاء الكروان



في إعلانه عن الكشف الأثري الجديد، قال خالد العناني وزير الآثار، إن الكشف عبارة عن جبانة فرعونية قديمة على بعد 4 كيلومترات من متطقة تونا الجبل، وعثر بداخلها على قناع من الذهب وتوابيت مومياوات.


مقبرة إيزادورا-ملهمة طه حسين


عُرفت تونا الجبل منذ الثلاثينيات حينما اكتشف المنطقة سامي جبرة، الذي تحول لدراسة الآثار بدلا من القانون، بعدما غادر مصر إلى فرنسا لدراسته، وهناك حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون حول موضوع تاريخ الملكية في مصر من العصور القديمة حتي العصر العربي".


حصل سامي جبرة على دبلوم الآثار من جامعة ليفربول، وكانت عن "العدالة عند قدماء المصريين" وأكمل دراسته للحصول على الدكتوراه من السوربون عن "مجلس الأعيان عند قدماء المصريين" ، وذلك قبل أن يعمل أمينا للمتحث المصري خمس سنوات، ثم أستاذا للآثار بجامعة فؤاد الأول، ثم عميدا لمعهد الآثار المصرية.


فاروق وسامي جبرا


عام 1931 وافق عميد الأدب العربي طه حسين، الذي كان عميدا لكلية الآداب، على تخصيص مبلغ 500 جنيه للكشف عن جانب من آثار منطقة الأشمونين بمحافظة المنيا، فتوجه سامي جبرة إلى منطقة تونا الجبل، ول يعمل في الحفائر بها سنوات، حتى تمكن من العثور على سراديب الإله "القرد" تحوت" وهي السراديب التي زرتها منذ شهرين، خلال زيارتي لمنطقة تونا الجبل، على هامش مشاركتي في مهرجان "مجراية" الثقافي بمدينة ملوي، محافظة المنيا.


 


استراحة عميد الأدب العربي طه حسين في تونا الجبل


استراحة عميد الأدب العربي في تونا الجبل


مع الصديق حمادة زيدان مؤسس مجراية الثقافية


استراحة طه حسين في تونا الجبل


حينما زرت استراحة عميد الأدب العربي طه حسين الموجودة هناك في منطقة تونا الجبل، التي ترتفع لطابقين، ساءني أن يترك هذا المكان المهم والملهم دون أي اعتناء، ودون أي فكرة من وزارة الثقافة لإعادة استثماره، أو تأهيله، ثمة أفكار واعدة، وحقيقية بمقدور وزارتي الآثار والثقافة أن تتعاونا لتحقيقها، وثمة إمكانيات عديدة يوفرها المكان، تصلح الاكتشافات الأثرية الجديدة أن تكون مناسبة لاستغلالها.


وعلى الرغم من أن هناك أخبار تتحدث عن قرار لمحافظ المنيا بترميم الاستراحة، وتجهيزها لتكون متحفا يضم متعلقات طه حسين ومكتبه، وأخبار أخرى تتحدث عن إعلان لوزير الآثار خالد العناني ترميم استراحة طه حسين، واستراحة الأثري سامي جبرة المبنية عام 1933، إلا أنه على أرض الواقع لا يبدو أي أثر لهذين القرارين، إذ لم تكن الاستراحتين متاحتين للزيارة حينما كنت هناك ديسمبر الماضي، ولا أعرف إن كان ثمة قرار بفتح الاستراحتين لزوار معينين، أم أن قرارات الترميم المزمع إجراؤها تسببت في غلق الاستراحتين.


وهذا نداؤك أيها الطائر العزيز، مازال متصلا سريعا بعيدا، كأنك لم توكل بإيقاظي وحدي، وإنما وكلت بإيقاظ الناس جميعا والأحياء جميعا-دعاء الكروان


ريست هاوس سامي جبرة


استراحة سامي جبرة في تونا الجبل


استراحة سامي جبره في تونا الجبل


 


استغلال الاستراحة بفتحها  للفنانين خير من غلقها في وجوه الزوار


تستحق منطقة تونا الجبل بمناسبة الاكتشافات الأثرية الجديدة، أن تتحول لمنطقة جذب سياحي، وثقافي ملهم، يمكن تحقيق ذلك برفع كفاءة المكان، وتهيئة بنيته التحتية، وصيانة دورات مياهه، وكذلك التفكير فيما يمكن أن تحققه أفكار عديدة لجذب المبدعين إلى المكان لتنفيذ مشروعاتهم الفنية، أو الإبداعية.


لماذا لا يتم فتح استراحة طه حسين لاستضافة الكُتاب والمثقفين لفترات قصيرة لتنفيذ مشروعات الكتابة، وإنهاء أعمالهم الأدبية، مثلما استلهم عميد الأدب العربي قصة الحب التي ربطت الفتاة الأغريقية إيزادورا بالضابط حابي، فكتب رائعته "دعاء الكروان".


وعلى غرار استغلال الفنانين لوكالة الغوري في منطقة الأزهر، وإتاحتها كمرسم لبعضهم إتاحة أي من الاستراحتين كمقر إقامة أدبية للكُتاب لإتمام كتبهم الأدبية، أليس ذلك أفضل من غلق استراحة عميد الأدب العربي في وجه الزائرين؟.


فاتن حمامة وأحمد مظهر في لقطة من الفيلم الذي أخرجه بركات


معلومات عن الكشف الأثري الجديد في تونا الجبل


 


عن الكشف الأثري يقول جمال أبوبكر مدير عام آثار مصر الوسطي لدوت مصر: أن منطقة الغريفة الواقعة شمال منطقة آثار تونا الجبل، شهدت أعمال حفائر عامي 2002، و2003، وتم وضع خطة لاستكمالها، العام الماضي.


يضيف أبوبكر: وضعت في الخطة كذا منطقة أثرية، ومنها مناطق آثار مغاغة، والمنيا الشمالية وملوي.


ويؤكد أبوبكر أن أعمال الحفائر في الغريفة، التي أسفرت عن كشف أول من أمس، بدأت يوم 26 نوفمبر الماضي، وترأس بعثة الحفر الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.


وعن مصير القطع الأثرية المكتشفة، يقول أبوبكر، أنه تم إيداعها المخزن، لحين انتهاء العمل، بالموقع، مشيرا إلى أنه يأمل الانتهاء من أعمال المتحف الآتوني هذا العام، ليستقبل هذه القطع الأثرية وما يلحق بها من اكتشافات أخرى.


أسماء أعضاء البعثة الأثرية التي اكتشفت آثار "الغريفة" بتونا الجبل


مصطفى وزيري- رئيس البعثة- أمين عام المجلس الأعلى للآثار


جمال أبوبكر- مدير عام آثار مصر الوسطى


فتحي عوض رياض- كبير مفتشي غرب النيل


محمد وهب الله عبد العزيز- مفتش آثار تونا الجبل


محمد وليد قمر عبد البصير- مفيش آثار تونا الجبل


محمد رجب عبد القادر- مفتش آثار تونا الجبل


حسن أحمد عثمان- مفتش آثار تونا الجبل


سيد عبد العزيز عقيلة – مفتش آثار تونا الجبل


كريمان عبد العليم – مفتشة آثار تل العمارنة


وائل سليمان سيد- مفتش آثار بالمنيا الشمالية


معلومات أخرى


  • الكشف في منطقة آثار الغريفة الواقعة 6 كم شمال منطقة آثار تونا الجبل بمحافظة المنيا.

  • الكشف تم على يد بعثة أثرية مصرية، كشفت جبانة أثرية لمقابر عائلية تضم مجموعة من آبار الدفن وتعود إلى نهاية العصور الفرعونية وبداية العصر البطلمي.

  • بدأت البعثة عملها بالموقع برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار  فى أواخر عام 2017 بهدف البحث عن الجزء المفقود من جبانة الاقليم الخامس عشر من  أقاليم مصر العليا.

  • عثرت البعثة داخل الجبانة المكتشفة على مجموعة من  المقابر الخاصة بكهنة الإله "تحوت" وهو المعبود الرئيسى للإقليم  الخامس عشر وعاصمته الأشمونين، وتخص أحد هذة المقابر  أحد كبار كهنة تحوت ويدعى "حر سا ايسة" وكان يحمل لقب عظيم الخمسة وهو أحد الألقاب  التي كان يلقب بها كبار كهنة تحوت بالأشمونين.

  • تضم المقبرة 13  دفنة، تم العثور بداخلها على عدد هائل من تماثيل الأوشابتى  المصنوعة من الفيانس الأزرق، منها أكثر من 1000 تمثال كامل ومئات أخرى مكسورة فى أجزاء وتقوم البعثة حاليا بتجميعها وترميمها، إضافة إلى أربعة من الأوانى الكانوبية من الألبستر فى حالة جيدة من الحفظ ذات أغطية على هيئة أبناء حورس الأربعة المسئولة عن حماية أحشاء المتوفى حسب عقيدة المصرى القديم.

  •  مازالت تحتفظ هذه الأوانى  بأحشاء المتوفى كما  حفر عليها كتابات هيروغليفية لاسم صاحبها و هو المدعو "جحوتى اير دى إس " احد كبار الكهنة.

  • كما تم العثور أيضا على المومياء الخاصة به مزينة بمجموعة  من خرز الفيانس الأزرق والعقيق الأحمر، وأشرطة من رقائق البرونز المذهب تمثل أبناء حورس، وقناع من البرونز المطلى بطبقة من الجص المذهب إضافة إلى عينين من البرونز المطعمة بالعاج والكريستال الأسود، وأربعة جعارين من الأحجار نصف الكريمة أحدها تذكارى حفر علية نقش غائر  يحمل عبارة: "عام جديد سعيد" إضافة إلى صدرية من البرونز المذهب تمثل المعبودة نوت تفرد أجنحتها لحماية المتوفى.

  •  كما عثرت البعثة على 40  تابوتا من الحجر الجيرى مختلفة الأحجام والأشكال بعضها يأخذ  الشكل  الآدمى  مزينة بنقوش هيروغليفية لأصحابها وهم  من عائلة "جحوتى اير دى إس."

  • كما تم الكشف  أيضا  عن  مقبرة عائلية أخرى كبيرة تضم عددا من التوابيت الضخمة المختلفة  الأشكال والأحجام بها كمية كبيرة من تماثيل الأوشابتى الجيدة الصنع و الكبيرة الحجم تحمل أسماء وألقاب أصحابها وهم أيضا يحملون ألقاب الكهنة، إضافة  إلى مجموعة من القطع الأثرية الجنائزية والتى تعكس مكانة ومنزلة أصحاب المقبرة   وما وصل إليه مستوى الفن  فى تلك الفترة من رقى وازدهار.

  • كانت المنطقة قد  تعرضت فى عام 2002  لأعمال حفر غير شرعية، الأمر الذى دفع المجلس الأعلى للآثار  فى ذلك الوقت لعمل بعض حفائر الإنقاذ  لموسمين قصيرين  خلال عامى 2002و 2003  تحت إشراف الأثرى عطا مكرم، كما تم ضم المنطقة عام 2004 إلى أملاك المجلس الأعلى للآثار ووضعها تحت حراستها حتى استؤنفت أعمال الحفائر الأثرية  بالموقع على يد البعثة المصرية عام 2017 للكشف عن الأجزاء المفقودة من جبانة الإقليم  15 خلال فترة الدولة الحديثة والعصر المتأخر.


 صور الكشف الأثري الجديد


أثناء عمل أحد فريق البعثةصور الكشف الأثريالكشف الأثري 7الكشف الأثري5وزير الآثار خالد العنانيالاكتشافاتتنظيف أحد القطع الكشف الأثري 3الكشف الأثري 5الكشف الأثري 4أحد أعضاء فريق البعثة المصرية5 الكشف الأثري