تعرف إيه عن المنطق يامرسي؟.. "سقراط" وآخرون قتلتهم الحكمة
"تعرف إيه عن المنطق يامرسي..؟ أنا أعرف إللى يقع ما يحطش منطق".. مشهد كوميدى للفنان سعيد صالح لا يغيب عن المتفرج، كلما شاهد مسرحية "مدرسة المشاغبون"، للهروب من الإجابة عن سؤال معلمة الفلسفة، لكن عددًا كبيرًا من الفلاسفة لم يمتلكوا الحس الفكاهى لسعيد صالح، للهروب من المحاكمة فى الرد على السؤال، ليعانق رؤوسهم حبل المشنقة، ويُتهموا بالهرطقة لدفاعهم عن منطقهم فى التفكير، ليواجهوا السجن والحرق والموت حبسًا.
وهو المصيرالذى خضع له الفيلسوف "سقراط"، الذى تتزامن ذكرى وفاته اليوم، بعد أن لقى مصرعه بالسم بسبب أفكاره، التى قادته للحبس.
حُكم على سقراط بالقتل، بعد أن مد الحارس يده إليه بسم" الشوكران" ليتجرعه جزاءًا على العداء الذي نشأ بينه وبين حكام اليونان، بسبب قناعاته الفلسفية المطالبةً بتوفير العدل بين فئات الشعب، وهو ما كان يرفضه حكام اليونان بشكل مستمر، ليخوض معهم صراعًا كبيرًا حول مفهوم الحكمة.
كما خاض "سقراط "عدة معارك ضد السوفسطائيين أيضًا، والذين أرادوا تبديل قواعد الحق والباطل فى المجتمع، واعتمدوا فى ذلك على براعتهم فى قلب الحقائق، وحارب أيضًا كل من تمسكوا بالخرافة والجهل وأرادوا نشرها فى مجتمعه، وتوفى عام 399 قبل الميلاد، ولم يكن "سقراط" هو الوحيد الذى واجه الموت والقتل، ولكن انضم إليه عددًا كبيرًا من الفلاسفة اللذين قتلتهم الحكم.
بينهم الفيلسوفة "هيبتا" اليونانية التى قتلت هى أيضًا بسبب دفاعها عن الفلسفة والتساؤل، ومعارضتها للإيمان المجرد، وقد هُدِّدَت بالقتل عدة مرات إذ لم تتوقف عن تدريس الفلسفة ،ولكنها لم تلقِ بالاً لهذه التهديدات وأصرت على نشر الفلسفة الأفلاطونية. حتى قُتلت علي يد حشد من الهمجيين بعد اتهامها بممارسة السحر والإلحاد والتسبب في اضطرابات دينية.
وكان من بين الفلاسفة اللذين لقوا مصرعهم نتيجة الحكمة الفيلسوف الإيطالى "جوردانو برونو"، الذى اشتهر كفيلسوف لامع ومميز، ولكنه لم يستطع أن يتقبل إملاءات الفكر الكنسى الذى امتدّت محرمّاته إلى شؤون الحياة، لينشر فكرة فى عددًا من الدول الأوربية رافضًا فكرة الكهنوت التى اندلعت بينه وبين الكنيسة، ليتأجج الصراع الكبير بينه وبين الكنيسة التى قامت بحرقه بعد أن اشتهر كتابه "اللانهائي والكون والعالم"، وكان نظريته تعتمد على أنه إذا لم كانت الأرض مركزًا للكون، فلابد أن تكون هناك أعدادًا لا تحصى من الكواكب الشبيهة بأرضنا فى الكون، التي ربما سكنتها مخلوقات تشبه البشر أيضًا، وهو ما جعله يُتهم بالهرطقة.
ولم يسلم العالم "جاليليو" من الموت أيضًا بعد سجنه الانفرادى، نتيجة غضب الكنيسة عليه، بعد اتهامه بالهرطقة نتيجة نظريته التى أكدت أن كوكب الأرض يدور حول الشمس، وهو ما رفضته الكنيسة التى كان تريد منه أن يقر أن الأرض لا تتحرك على الإطلاق، وأنها ثابتة كما يقول علماء عصره، ما اضطر الكنيسة إلى حبسه انفراديا ليواجه الموت خلال فترة سجنه