احتل الذهب حضورا قويا عند القدماء المصريين، دفعهم إلى اللجوء إليه وقت نقص الفضة، لاستخراجه من مناجم الذهب، وبه قادوا الحروب التي مولت معدات المحاربين للانتصار على الأعداء وتوسعة الأراضي التي سيطر عليها الجيش المصرى قديما في البلدان المجاورة من أجل الفتوحات التي كللت معظمها بالنصر. 

مناجم ذهب اكتشفت قديما على يد أجدادنا المصريين وما زالت مستقرة في محافظات وربوع مصر المحروسة، تؤرخ لرحلة  المصريين القدماء في التعدين عن الذهب والبحث عنه، وفي ظل تلك الرحلة ظل تساؤل يؤرق الأجيال المقبلة: "ليه المصريين عندهم ذهب وإحنا لأ..؟".

الذهب كالماء والهواء

يقول الدكتور محمد عبد المقصود، رئيس قطاع الآثار المصرية الأسبق، ومنسق مشروع بانوراما التاريخ العسكري، أن الذهب كان لدى المصريين مثل الماء والهواء، به يتم توقيع اتفاقيات التبادل التجاري، وتمويل الحروب التي يقودها الجيش المصري لافتتاح النوبة والسودان لاستخراج الذهب، الذى احتل حضورا كبيرا عند الملوك المصريين، فلا تخلو مقبرة تابعة لهم من المقتنيات الذهبية، وهو ما جعلهم يقومون بتتويجه ليمثل رؤوس الحكام ليؤرخ لفترة حكمهم، كما قاموا باستخدامه في الرسم على جدران المعابد المصرية القديمة.

وادي الحمامات

يستطرد "عبد المقصود" في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر" أن المصريين اعتمدوا على مناجم الذهب، ونقبوا عنها لدرجة بلغ عدد أعداد مناجم الذهب ما يقرب من  130 منجما على مستوى المحافظات، وتربعت منطقة وادي الحمامات على قائمة المناطق التى كان يتم فيها تعدين الذهب الذي زخر بوجودها.

حضور وقدسية الذهب دفعت المصريين طبقا لسرد "عبد المقصود" إلى أن يقوم المصريون القدماء إلى تكريم الذهب في البرديات المصرية.

وصنع المصريون خرائط طبق الأصل من مناجم الذهب على البرديات تتبع مناجم الذهب، وتعد من أشهر المناجم التي استخرج منها المصريون الذهب تلك البردية التي تعود إلى عام 1150 قبل الميلاد، وتم اكتشافها بالقرب من الأقصر في أوائل القرن التاسع عشر، وتُعرض حاليا في المتحف المصري في مدينة تورينو الإيطالية، وتعتبر تلك الخريطة من أهم البرديات التي تحدد بدقة أماكن الذهب.

يضيف "عبد المقصود" أنه لا يتقبل أن يقول أحد على القدماء المصريين أنهم من أجهزوا على الذهب في مصر، مؤكدا أن علينا أن ننافسهم فى العصر الحالي ونكتشف مناجم جديدة للذهب، ولا نظل نعتمد فقط على المناجم التي ما زالت حتى الآن تشكل خرائط ووثائق حية يتبعها العلماء حاليا.

وأضاف: "المصريون جابوا في كل البلدان المجاورة، وهم يعشقون التعدين، من أجل صنع المشغولات الذهبية ومقابر الملوك والنبلاء، والتبادل التجاري وتمويل الحروب، وهو ما يؤكد تقدمهم الكبير، الذي جعلهم يقومون بتكرير الذهب في مصر القديمة، ولا يحتاجون لمن يكرره بالخارج، حتى يتم استيراده من جديد، وهو ما يثبت المهمة الشاقة التي قادها المصرى القديم فى الولاء لإخراج كنز الذهب والإعلاء من قيمته التي ما زالت مستمرة حتى الآن".

وحول أهم الأماكن التي زخرت بالذهب في عهد الفراعنه، قال" عبد المقصود" إن السودان كانت من أشهر الدول التي نقب فيها المصريو عن الذهب، لأنها كانت زاخرة به، وكان التنقيب عنه يعد ميزة كبيرة في عهد الفراعنة يشهد حضورا وقيمة كبيرة للقائمين عليه، وأن أشهر المتاحف التي تؤرخ لمناجم الذهب في مصر القديمة، المتحف المصري بالتحرير، والذي يتضمن كنوزا كبيرة مثل توت عنخ آمون وعددا من مقتنياته التي صنعت جميعها من الذهب الخالص.

اقرأ أيضًا.. 

حبس تاجر الذهب وإخلاء سبيل طبيب في قضية الاتجار بالعملة

افتتاح معرض "كنوز توت عنخ آمون غير المرئية".. الأربعاء