"ميرامار، عبث الأقدار، كفاح طيبة، زقاق المدق، الثلاثية، السمان والخريف، أفراح القبة".. مجرد ذكر أسماء تلك الروايات يظهر في الخلفية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، يجتمع الحرافيش في مقهى "قشتمر" ليبدأ "حديث الصباح المساء"، عن السيرة المحفوظية، من كان يتخيل أن الشاب الذي حصل على أول جنيه مصري في حياته على قصة كتبها، وصرفها في أكلة كباب وسهرة مع أصحابه، سوف يخشى الأثر الجانبي لجائزة نوبل التي حاز عليها بعد سنوات من الكتابة وفق نظام رسمه بدقة، ووصل به الأمر إلى السخرية من نفسه قائلًا: " لقد أصبحت موظف نوبل".

في 30 أغسطس 2006، يرحل الأديب العالمي نجيب محفوظ، لكن السبيل الأدبي الذي تركه مازال يروي ظمأ القراء، ولأنه الحكاء المصري الأصيل، رصدت دوت مصر حكايات ومحطات في حياته.

مولده
ولد نجيب محفوظ، في 11 ديسمبر عام 1911، بحي الجمالية بالقاهرة، كان أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته عشر سنوات فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد، التحق "نجيب" بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، ثم شرع في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، حتى بدأ في تغيير رأيه وصولًا إلى التركيز على الأدب.

حضرة المحترم
انضم نجيب محفوظ، إلى السلك الحكومي سكرتيرًا برلمانيًا في وزارة الأوقاف منذ عام 1938 وحتى عام 1945، ثم عين مديرًا لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة نفسها عام 1954، وعمل بعدها مديرًا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة كمديرًا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي عام 1960 عمل مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، ولعل آخر منصبٍ حكومي شغله  الرائي كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما من عام 1966 - وحتى عام 1971، إلى أن تقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.

الزواج السري
بعد ثورة عام 1952 وأثناء توقفه عن الكتابة، قرر نجيب محفوظ "تكملة نص دينه"، وتزوج من السيدة عطية الله إبراهيم، إلا أنه لم يعلن على الملأ بقرار زواجه، ليظل الأمر سرًا على مدار 10 سنوات كاملة، وحين سئل عن رغبة في الزواج أو التفكير فيه كان يتعلل بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة مع عدم قدرته على الانفاق على عائلة أخرى، وفي تلك الفترة بدأ دخل الأديب يزداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام، إلا أن خبر الزواج ظل كما هو، وبعد مضى 10 سنوات كاملة على زواجه نشبت مشاجرة بين ابنتيه أم كلثوم وفاطمة مع زميلة لهما في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وبذلك اسدل الستار عن سر الروائي الكبير.

إثارة الجدل
ظل نجيب محفوظ، يكتب روايته الشهيرة حتى توقف تمامًا بعد كتابة رواية الثلاثية، ودخل من بعدها في حالة صمت، انتقل خلالها من الواقعية الاجتماعية إلى الواقعية الرمزية، حتى قرر اصدار رواية "أولاد حارتنا" بجريدة الأهرام عام 1959 والتي تضمنت عبارات ومفاهيم اعتبرها الكثيرون مخالفة لتعاليم الدين خاصة بعد تحدثها عن الظلم الإلهي الذي حلّ بالبشر وخصوصًا الضعفاء، وبعد اثارة الجدل توقف نشرها مع التوجيه بعدم نشرها كاملة في مصر.

الهجوم على نجيب محفوظ بسبب هذه الرواية لم يقتصر فقط على مشايخ الفترة التي صدر فيها الكتيب، حيث تجدد هذا الهجوم على لسان  عبد المنعم الشحات، القيادة السلفي، واصفًا إياها بأنها روايات تدور حول الدعارة وأوكار المخدرات، وتحمل ما أسماه "فلسفة إلحادية".

اغتيال
رواية "أولاد حارتنا" لم تتسبب فقط في الهجوم اللفظي وتوجيه بعض الاتهامات للأديب، ففي أكتوبر عام 1955  طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شاب قرر اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة، إلا أن القدر كتب لنجيب محفوظ عمر جديد، فقد تسببت الطعنة في إصابة يده وبقي هو على قيد الحياة، بعد طعن الأديب توقع الجميع ردة فعله الغاضبة على المعتدي عليه إلا أنه فاجأ الجميع بتسامحه حيث علق على الواقعة قائلًا: أنني غير حاقدٍ على من حاول قتلي، وأتمنى أن لا يعدم"، إلا أن الجاني تم اعدامه فيما بعد.

جائزة نوبل
أصدرت الأكاديمية السويدية في 13 أكتوبر عام 1988 بيانًا أوضحت خلاله منح الأديب نجيب محفوظ جائزة نوبل للأدب، ونص البيان على: "بموجب قرار الأكاديمية السويدية هذا العام منحت جائزة نوبل للآداب لأول مرة إلى مواطن مصري.

اقرأ أيضًا..

البسي "الطويل" واحفظي الرقم.. 4 نصائح لمواجهة التحرش في العيد

الفشل الكلوي يلاحق الشباب.. والسبب "فورمة الساحل"

سيد قطب كان ماسونيا ملحدا.. ويوم "الفالنتين" تحول إلى إخواني