التوقيت الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024
التوقيت 01:09 ص , بتوقيت القاهرة

صور | عام على رحيل "زويل".. أيقونة العلم في العصر الحديث

لم تكن تدري ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عند دخول العالم المصري أحمد زويل إليها، أنه سيتفوق بعلمه وخلقه على كل ما لديها من علماء، ولكنه أثبت عبقرية وتفوقاً، وأضاف بعلمه إلى العالم وسائر البشرية.


في الثاني من أغسطس عام 2016، رحل عن عالمنا الدكتور والعالم الكبير أحمد زويل، عن عمر يناهز 70 عامًا، بعد صراع مع مرض سرطان النخاع الشوكي، بعد رحلة عطاء عامرة لعبقري مصري خالص تجسدت عبقريته وسيرته الممتدة ولا تزال تتجسد كل يوم، ليس لكونه عالم مصري حصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1999 بجدارة وتميز، بل لأنه ايضًا يعد امتدادا لمصر التي تتصدر الواجهة دائماً في تقدمها في المجالات العلمية والأدبية والفنية، بعد أن تفوق زويل على علماء من أوروبا وأمريكا وكافة دول العالم، ليجعل اسم مصر مشرفًا بين دول العالم.

في ذكراه الأولى يرصد "دوت مصر" أهم المحطات في حياة أيقونة العلم المصري في العصر الحديث الدكتور أحمد زويل.


زويل في طفولته وقد كان لقبه  الدكتور في العائلة


حينما كتب والده على باب غرفته "د. أحمد" 


يروي الدكتور زويل قصة طفولته في كتابه "رحلة عبر الزمن.. الطريق إلى نوبل"، أنه في سن 4 سنوات انتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق وكان الأخ الوحيد لأخواته البنات الثلاث، وكان حلم العائلة أن يحصل زويل على درجة علمية عالية من الخارج ثم يعود ليكون أستاذاً جامعيا.


وعلى باب غرفته وعمره 10 سنوات وضع والده ورقة مكتوبا عليها "د. أحمد"، ويقول :عندما كنت صبيا في مدينة دسوق بمصر، كانت أسرتي تعيش على بعد خطوات من مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، وكنا نسمع الأذان للصلاة 5 مرات في اليوم، وشجعنا إمامنا على الدراسة، حيث كان يخبرني أنا وأصدقائي مرارا وتكرارا بأن الرسالة التي أُوحي بها إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كانت تبدأ بقوله تعالى «اقرأ» حيث إن التعليم هو نسيج وبنيان ثقافتنا وديننا.


زويل وأول شهادة دكتوراة


البداية نحو القمة


ولد أحمد زويل في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، في 26 فبراير 1946، ثم تلقى تعليمه الجامعي في مصر حتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، حيث حصل على البكالوريوس في العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف العام 1967 في جامعة الإسكندرية، وعمل معيدا في الجامعة، ثم حصل على شهادة الماجستير في علم الضوء من الجامعة نفسها.


وسافر بعد ذلك في منحة علمية إلى الولايات المتحدة الأميركية، حصل خلالها على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا الأميركية في علوم الليزر عام 1974، ثم عمل باحثاً في جامعة كاليفورنيا خلال الفترة (1974 ـ 1976) لينتقل للعمل بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتك" أحد أكبر الجامعات العلمية في أميركا.


استلام-الدكتور-أحمد-زويل-لجائزة-نوبل


الفيمتو ثانية التي أهدت زويل نوبل 


استيقظ العالم العام 1999 على خبر فوز أحمد زويل، بجائزة نوبل في مجال الكيمياء وذلك عن أبحاثه في "الفيمتوثانية"، حيث ابتكر نظام تصوير سريع للغاية يعمل باستخدام الليزر وله القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها والتحامها، والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها هذه الصورة هي الفيمتوثانية، التي تعد وحدة معتمدة ضمن نظام الوحدات الدولي، تمثل جزءا من مليون مليار جزء من الثانية، بمعنى أن النسبة بين الفيمتوثانية إلى الثانية الواحدة كنسبة الأخيرة إلى 31.71 مليون سنة.


تكريم العالم احمد زويل


اسمه في قائمة أينشتاين وجراهام بيل 


تدرج العالم المصري في العديد من المناصب العلمية الدراسية إلى أن أصبح مدير معمل العلوم الذرية وأستاذ رئيسي لعلم الكيمياء الفيزيائية وأستاذاً للفيزياء بجامعة "كالتك"، وهو أعلى منصب علمي جامعي في أميركا خلفاً للعالم الأميركي "لينوس باولنج" الذي حصل على جائزة نوبل مرتين الأولى في الكيمياء والثانية في السلام، إلى جانب عمله كأستاذ زائر في أكثر من 10 جامعات بالعالم والجامعة الأميركية بالقاهرة، ونشر ما يقارب  350 بحثا علميا في التخصص،  كذلك ورد اسمه في قائمة الشرف في الولايات المتحدة الأميركية التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأميركية، كما جاء اسمه رقم 18 من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في الولايات المتحدة (وتضم هذه القائمة اينشتين وجراهام بل).


وفي أبريل 2009 أعلن البيت الأبيض عن اختيار "زويل" ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأميركي للعلوم والتكنولوجيا، والذي يضم 20 عالماً مرموقاً في عدد من المجالات، كما تم تعيينه كمبعوث علمي للولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط.، كما أصدر عدداً من المؤلفات بالعربية والإنجليزية منها "رحلة عبر الزمن .. الطريق إلى نوبل" و" عصر العلم" عام 2005، و"الزمن" عام 2007، و"حوار الحضارات" عام 2007.


زويل يتقلد أحد نياشينه العلمية


 


31 جائزة دولية 


حصل العالم المصري على العديد من الأوسمة والجوائز العالمية التي بلغت حوالي 31 جائزة دولية من أبرزها جائزة "ماكس بلانك" في ألمانيا، وجائزة "الملك فيصل العالمية" في العلوم وجائزة الامتياز باسم ليوناردو دافنشي و جائزة "كارس" السويسرية من جامعة زيورخ في الكيمياء والطبيعة، وجائزة بنجامين فرانكلين.


كما قامت مصر بتكريمه بعدة جوائز مصرية منها وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس المصري الأسبق "حسنى مبارك" عام 1995، وقلادة النيل العظمى "أعلى وسام مصري"، كما أطلق اسمه على بعض الشوارع و الميادين، وأصدرت هيئة البريد طابعين بريد باسمه وصورته، ومنحته أيضاً جامعة الإسكندرية الدكتوراه الفخرية وتم إطلاق اسمه على صالون الأوبرا.


العالم الكبير احمد زويل وزوجته


المحطة الأخيرة 


أصيب أحمد زويل بسرطان النخاع الشوكي عام 2013، غير أنه أشار في ذلك الوقت إلى تخطيه المرحلة الحرجة، لكن أعلن عن وفاته في 2 أغسطس 2016، وقد أشار وقتها شريف فؤاد المتحدث الإعلامي باسم زويل "إن سبب الوفاة غير معروف، سواء كان السرطان أم أي شيء آخر".


وقال فؤاد للتلفزيون المصري إن زوجة زويل "أبلغتنا أن وصية الدكتور أن ينقل جثمانه إلى مصر وأن يوارى الثرى هناك".



مصر تنعي العالم الجليل 


هذا وقد نعت مؤسسة الرئاسة المصرية في بيان لها العالم الراحل، متحدثة عن أن مصر "فقدت ابنًا بارًا وعالمًا نابغًا بذل جهودًا دؤوبة لرفع اسمها عاليًا في مختلف المحافل العلمية الدولية"، وقد تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر البيان ذاته، بـ"خالص التعازي والمواساة لأسرة الراحل وذويه وكافة تلاميذه ومحبيه من أبناء الوطن وخارجه".


وقال البيان إن الفقيد "كان حريصًا على نقل ثمرة علمه وأبحاثه التي أثرت مجاليّ الكيمياء والفيزياء إلى أبناء مصر الذين يتخذون من الفقيد الراحل قدوة علميةً عظيمة وقيمة إنسانية راقية؛ فحرصت مصر على تكريمه بمنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى ثم قلادة النيل العظمى التي تُعد أرفع وسام مصري".


وتحدثت الرئاسة المصرية أن الراحل "سيظل رمزًا للعالِم الذي كرّس حياته بشرفٍ وأمانة وإخلاص للبحث العلمي، وخيرَ معلمٍ لأجيال من علماء المستقبل الذين سيستكملون مسيرة عطائه من أجل توفير واقع أفضل للإنسانية".


كما نعى الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية- العالم المصري الفذ أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في العلوم، وقال مفتي الجمهورية- في بيان له- أن العالم أجمع قد فقد عالمًا مجدا ومجتهدا قد انتفع آلاف الباحثين بعلمه وما توصل إليه من اكتشافات أسهمت بشكل كبير في نفع البشرية.


داعيًا الله أن يتقبله في الصالحين، وأن ينفعه بما قدمه من علم للبشر كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٌ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".


الرئيس عبد الفتاح السيسي يتقدم الجنازة العسكرية للدكتور احمد زويل


جنازة عسكرية 


ودعت مصر عالمها الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء أحمد زويل في جنازة عسكرية رسمية تقدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث وضع جثمان العالم الراحل على عربة مدفع تجرها الخيول وتقدمها جنود يحملون أكاليل الزهور والأوسمة التي نالها زويل على مدى حياته ولف النعش بعلم مصر


وتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي وأسرة زويل المشيعين في ساحة مسجد المشير طنطاوي بمنطقة التجمع الخامس في شرق القاهرة، كما شارك العديد من الشخصيات السياسية والدينية في تشييع زويل إلى مثواه الأخير، من بينهم الرئيس السابق عدلي منصور و  جراح القلب العالمي مجدي يعقوب، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، ورئيس مجلس النواب علي عبد العال، ودبلوماسيون عرب.


كما اقيمت في وقت لاحق جنازة شعبية شارك بها طلاب وزملاء العالم الراحل بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في منطقة السادس من أكتوبر، وهو المشروع العلمي التعليمي الذي كان يشرف عليه في إطار مشروع مصر القومي للنهضة العلمية.


العالم الكبير زويل إلى مثواه الأخير