التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:38 م , بتوقيت القاهرة

الأهداف الخفية

بغض النظر عن التحليلات التى أطلقها كبار السياسيين المتخصصين فى الشأن الإيراني بخصوص انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران لأنه يراه إتفاق غير حقيقي وجاد ولا يصب فى مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، حاول البعض التفسير والتأويل، إلا أن أحدا لم يجد الجواب على السبب الحقيقي والدوافع المحركة للقرار وإقدام الرئيس الامريكي دونالد ترامب على هذه الخطوة، فهل كان السبب دفع المنطقة إلى حالة من التوتر والصراع، أم هل فعل ذلك ليدفع الإيرانيين للتنويع فى التدابير العسكرية المقلقة لجيرانها فى الجزيرة العربية بما يضمن له إستمرار تدفق أموال صفقات السلاح مع دول الخليج.
 
هل يسعى الرئيس الأمريكي حقا لإعادة فرض حصار إقتصادى على إيران، فيجعلها فى أزمة داخلية جديدة تزيد من تعقيدات الموقف الداخلي فيما يخص البطالة والتنمية، فيسقط الإصلاحيين فى الداخل الإيراني ويعود المحافظون المتشددون ذو الأهداف والأطماع الخارجية إلى السلطة مرة اخرى، فيسهل ذلك على الولايات المتحدة الأمريكية أن تبتز حكومات الخليج بشكل أسرع وأكبر، سعيا وراء السلاح والحماية.
 
لاشك أن الإتفاق النووي الأمريكي الإيراني كان يستند إلى منطق العصا والجزرة، يعطي فرصة للمنظمات الأممية والدولية المعنية بالسلام والطاقة النووية بمراقبة المشروع النووى الإيرانى كما تلتزم إيران بعدم القيام بأعمال تخصيص المواد المشعة بهدف استخدامها كأسلحة من جهة ومن جهة أخرى تحصل إيران على تخفيف تدريجي للعقوبات الإقتصادية المفروضة عليها، وأن يتم إجراء اتفاقيات اقتصادية وتجارية بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص بالشكل الذى يسمح بتصدير واستيراد الأدوية والسيارات وتجميع الطائرات وكافة أشكال الاتفاقيات الاقتصادية التى تساعد إيران على مشكلات التنمية والبطالة وتمنحها اقتصاد قوى، مقابل السيطرة والمراقبة الدولية على الأنشطة النووية الإيرانية.
 
خطاب الرئيس الإيرانى حسن روحانى الذى ألقاه بعد دقائق قليلة من إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن عدم التزامه بالاتفاق النووي، كان أغلبه موجه للشعب الإيراني ليطمئن على الأستقرار وأن معدلات التنمية ستسير كما هو مخطط لها وأن احتياطات الدولة من العملات الأجنبية لن تهتز وما إلى ذلك من رسائل لطمأنة الشعب الإيراني ولكنه فى الرسائل الموجه للخارج، وجه تهديدا مباشرا بان إيران مستعدة للبدء فى إجراءات تخصيب اليورانيوم المشع بأمان وفى هدوء خلال أسابيع قليلة.
 
وبشكل مباشر فإن هذه الأسابيع القليلة ما هى إلا مهلة للأطراف الأوروبية الشريكة فى الاتفاق لتوضيح موقفها من الاتفاقية النووية وكذلك من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التى تم توقيعها بالفعل معهم.
 
كيف يحسم الأوروبيين موقفهم من هذا الاتفاق، وما إذا كانوا يستمروا فى الاتفاق من جانبهم من خلال استمرار اتفاقيات التجارة مع إيران، وكيف سيرضون حليفهم الأمريكى إذا خالفوه الموقف، الأمر شديد التعقيد وأظن أن أغلب الاطراف لا ترغب فى إندلاع حرب يكون أحد أطرافها قوة نووية.
 
إن ما نتمناه أن يكون لدى دول المنطقة القدرة على إلزام الجميع بعدم الانسياق وراء دعوات الحرب والتناحر في ضوء ما تمر به شعوب المنطقة من أزمات وأطماع وحروب خارجية وإقتتال داخلي.
 
والمؤكد أن سعي الدول لبناء اقتصاديات حقيقة وتحقيق تنمية قادرة على استعادة استقرار الشعوب أمر لا يراه البعض فى مصلحته.