بعد موقفه المعارض في سوريا.. هل يطيح ترامب بوزير دفاعه؟
في الوقت الذي تبقى فيه وزارة الدفاع الأمريكية بمثابة الضامن الحقيقي للتوازن داخل أروقة الإدارة الأمريكية، في ضوء دورها الذي تجاوز مؤخرا المسائل العسكرية، ربما لتلعب دورا دبلوماسيا بدا واضحا في التعامل مع العديد من القضايا التي ثارت مؤخرا على الساحة الدولية والإقليمية، إلا أن مواقف البنتاجون، تحت قيادة وزير الدفاع جيمس ماتيس، ربما لا تروق كثيرا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الآونة الأخيرة، وهو ما يضع وزير الدفاع الأمريكي بين الأسماء التي قد تطالها سهام البيت الأبيض في المرحلة المقبلة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ربما حقق رقما قياسيا في عدد الإقالات التي شهدتها إدارته منذ توليه زمام الأمور في البيت الأبيض في شهر يناير من العام الماضي، حيث طالت قرارات الإقالة عدد من أبرز المسئولين داخل الإدارة، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، حيث تم إعفائهما من منصبيهما في شهر مارس الماضي، ليحل محلهما كلا من مايك بومبيو وجون بولتون.
المعارضة ممنوع
يبدو أن الرئيس الأمريكي لا يرغب في وجود أي صوت معارض له داخل الإدارة، خاصة تجاه القضايا الدولية، التي يتبنى تجاهها موقفا متشددا، وهو الأمر الذي بدا واضحا في تعامل البيت الأبيض مع تيلرسون وماكماستر، واللذان اتجها لتبني موقف أكثر توازنا تجاه القضية الإيرانية، وهو ما لم يقبله ترامب، في ظل رغبته في الوفاء بالتعهدات التى قطعها خلال حملته الانتخابية، ربما للحفاظ على ما تبقى من شعبيته في ضوء الحملات الإعلامية التي تستهدفه.
يقول الكاتب روبن جرامر، في مقال منشور له بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن ترامب اتجه مؤخرا لتفريغ الإدارة ممن هم يعارضونه أو حتى هؤلاء الذين حاولوا تبني مواقف متوازنه تجاه قضايا يتبنى هو تجاهها مواقف متشددة، حيث أنه غالبا ما يعتبر أن مثل هذه القضايا خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وبالتالي استبدلهم بأخرين يتبنون مواقف متطابقة لمواقفه تجاهها، موضحا أن بولتون وبومبيو يتوافقون مع رؤية ترامب إلى حد التطابق فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية.
معضلة سوريا
ولعل الموقف الذي يتبناه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس تجاه عدد من القضايا متعارضا مع الرئيس، وأهمها مسألة سحب القوات الأمريكية من سوريا، حيث يرى ماتيس أن بلاده ربما تندم إذا سارت في اتجاه الانسحاب من سوريا في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي أكده في كلمته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي.
إلا أن الرئيس الأمريكي ربما يرى أن الانسحاب من سوريا أمرا ضروريا في المرحلة الحالية، حيث أكد على ذلك في العديد من الخطابات والتغريدات التي أطلقها مؤخرا، وذلك بالرغم من الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة، بمشاركة فرنسا وبريطانيا، وهو الأمر الذي يمثل محاولة لاسترضاء الداخل الأمريكي الذي ربما يشعر بالضيق جراء الأموال الضخمة التي تنفقها الإدارة على الوجود العسكري في الخارج.
عدوانية واضحة
على الجانب الأخر، تبقى المواقف الأخيرة للإدارة تحمل قدرا من العدوانية تجاه وزير الدفاع الأمريكي، ولعل أبرزها تعيين جون بولتون كمستشار للأمن القومي الأمريكي، والمعروف بتشدده، حيث داعبه ماتيس في أول لقاء بينهما أمام الصحفيين بقوله "سمعت أنك الشيطان المتجسد في صورة إنسان.. كنت أرغب في مقابلتك"، في إشارة إلى كونه أحد صقور الحزب الجمهوري المعروفين بتشدده، إلا أن عدوانية الإدارة تجاه ماتيس صارت ربما أكثر وضوحا بتعيين ميرا ريكارديل، كنائبة لبولتون.
نقلت مجلة "فورين بوليسي" عن مصادر مقربة من دائرة الرئيس الأمريكي، أن تعيين ريكارديل يمثل تحديا كبيرا لماتيس، حيث أكدوا أن هناك توقعات أن تكون هناك احتكاكات كبيرة بين وزير الدفاع وفريق الأمن القومي الخاص بالرئيس الأمريكي، خاصة وأن ماتيس كان السبب في استبعادهم من المناصب المؤثرة داخل الإدارة بعد تولي ترامب مقاليد الأمور في العام الماضي.