التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 05:34 م , بتوقيت القاهرة

بعد تقويض الخارجية.. الدبلوماسية العسكرية وسيلة ترامب لمخاطبة العالم

جيمس ماتيس
جيمس ماتيس

لم تكن وزارة الخارجية الأمريكية، على قائمة اهتمامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير2017، حيث عملت إدارة ترامب على تقليص صلاحيات المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية، سواء من خلال تقليص ميزانيتها أو التخلي عن أكثر الدبلوماسيين الأمريكيين خبرة، واهتم في المقابل بتقديم الدعم لوزارة الدفاع الأمريكي، من خلال زيادة ميزانيتها بصورة كبيرة.

الاهتمام الأمريكي بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لم يقتصر على زيادة الميزانية، وإنما امتد إلى تخويلها لتكون الكيان المسئول عن إطلاق رسائل أمريكا الدبلوماسية للعالم، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات حول ما إذا كان "البنتاجون" أصبح رسميا بمثابة المؤسسة الأمريكية المسئولة عن الشئون الدبلوماسية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عملها باعتبارها المؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة.

عسكرة الدبلوماسية

مواقف البنتاجون الدبلوماسية كانت الأكثر اعتبارا في الإدارة الأمريكية تجاه العديد من القضايا الدولية التي تناولتها الولايات المتحدة في الأشهر الماضية، وعلى رأسها ملف كوريا الشمالية، بالإضافة إلى القضية السورية والخلافات مع روسيا، وهو ما يعني أن هناك اتجاه واضح لدى إدارة ترامب نحو عسكرة الدبلوماسية الأمريكية، أو ربما تبني ما يسمى بالدبلوماسية العسكرية.

المواقف التي تبناها "البنتاجون" كذلك تجاه العديد من القضايا اتسمت بدبلوماسيتها، وهو أمر ربما غير معتاد، تحت قيادة مختلف الإدارات الأمريكية، وهو الأمر الذي بدا واضحا تجاه القضية الكورية الشمالية، في ظل حالة الحرب الكلامية بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، في تصريحات خلال زيارته لكوريا الجنوبية، أن الدبلوماسية تمثل الحل الأمثل للأزمة الكورية.

الذراع الأكثر دبلوماسية

وعندما نشبت المزاعم حول الهجوم الكيماوي في سوريا، كانت وزارة الدفاع هي الذراع الأكثر دبلوماسية في التعامل مع الأزمة، سواء في مرحلة ما قبل الهجوم العسكري الذي شنته الولايات المتحدة بمشاركة بريطانيا وفرنسا، أو حتى بعد ذلك، في الوقت الذي تبنى فيه ترامب موقفا أكثر تهورا خاصة تجاه روسيا قبل إطلاق الهجوم، حيث تمكن "البنتاجون" من احتواء الموقف مع روسيا بصورة كبيرة.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أطلق تغريدة، على حسابه بموقع "تويتر"، متوعدا روسيا بما أسماه الصواريخ الذكية اللطيفة، بينما كان البنتاجون حريصا على التأكيد بأن القوات الروسية ليست مستهدفة من الهجوم، بل وأعلنت حرصها على التنسيق مع الجانب الروسي قبل الهجوم، وهو الأمر الذي أكده فيما بعد عدة مسئولين داخل إدارة ترامب.

تقويض الخارجية

في المقابل تعاني وزارة الخارجية الأمريكية من حالة من التهميش ربما غير مسبوقة، وهو الأمر الذي يبدو واضحا في التعامل الذي يتبناه ترامب تجاه الدبلوماسيين الأمريكيين بدءا من وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون، والذي أقاله الرئيس الأمريكي الشهر الماضي، وحتى مندوبة أمريكا الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، والتي أعربت عن امتعاضها جراء قرار ترامب بعدم توقيع عقوبات على روسيا، وهو الأمر الذي تسبب في إحراجها بصورة كبيرة بعد تصريحاتها حول نية الإدارة فرض عقوبات على روسيا.

حالة الشقاق بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية بدت واضحة في محاولات ترامب إحراج مسئولي المؤسسة الدبلوماسية الأمريكية، فعندما تحدث ريكس تيلرسون عن وجود قنوات للحديث مع مسئولي كوريا الشمالية، خرج ترامب بتغريدة لتوبيخه، مطالبا إياه بالاحتفاظ بطاقته وألا يهدر وقته مع رجل الصواريخ الصغير، في إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، وهي التصريحات التي أعتبرت حينها محاولة صريحة لتقويض مصداقية تيلرسون تمهيدا لإقالته.