ترامب يشن حربا كلامية ضد روسيا.. تهديد أم احتواء؟
يبدو أنه زمان الحرب الكلامية، وهو الأمر الذي يبدو واضحا في السياسة التي يعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في التعامل مع من يعدون بمثابة خصوم لبلاده، حيث أصبح موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، هو منصة الإطلاق التي يستهدف بها ترامب الدول المناوئة له، ربما ليس من أجل تهديدهم، ولكن بالأكثر لتهدئة الرأي العام الداخلي.
ولعل التغريدات التي أطلقها ترامب اليوم الأربعاء، والتي استهدفت روسيا، هي أحد النماذج الواضحة، على اعتماد إدارة ترامب على سلاح الحرب الكلامية، باعتبارها وسيلة مهمة للضغط على خصومه، وإجبارهم على الخضوع من جانب، بينما في الوقت نفسه تمثل طريقة لتحسين صورة الإدارة في الداخل، في ضوء اتهامات تلاحقها حول الخوف من المواجهة مع الخصوم الأقوياء.
صراع مستبعد
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطلق تغريدات صباح اليوم الأربعاء، مهددا روسيا بالصواريخ الأمريكية التي سوف تستهدف سوريا، في تحد صارخ، وربما غير مسبوق من ترامب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، خاصة وأنها تأتي بعد تهديدات سابقة بـ"رد قوي" من الولايات المتحدة، على الهجوم الكيماوي المزعوم، والذي يشتبه في تورط نظام الأسد فيه، السبت الماضي.
إلا أنه بالرغم من حدة التغريدات ربما مازال مستبعدا أن تدخل الولايات المتحدة في صراع جاد مع روسيا، سواء في الملف السوري، أو حتى أيا من القضايا الخلافية الأخرى بين البلدين، في ضوء العديد من المعطيات التي تدور في معظمها حول عدم وجود رغبة حقيقية لدى ترامب في تحدي روسيا أو رئيسها، خاصة وأن موسكو أصبحت صاحبة النفوذ الأكبر في عدد من هذه الملفات، وعلى رأسها الملف السوري.
إجراءات غير كافية
الرئيس الأمريكي تحاشى الصدام مع روسيا في العديد من الملفات التي أثيرت في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها قضية تسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال، وذلك بالرغم من الاتهام المباشر من قبل بريطانيا للنظام الروسي في التورط في محاولة قتله، على أراضيها.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات شبيهة لتلك الإجراءات التي اتخذتها العديد من حلفائها الغربيين، وعلى رأسها طرد عدد من الدبلوماسيين الروس من الأراضي الأمريكية، إلا أن تلك الإجراءات لم تكن كافية، لطمأنة هؤلاء الحلفاء، في ظل تخلي الإدارة الأمريكية عن اتخاذ المبادرة ضد روسيا، بينما تركت هذا الدور لدول الاتحاد الأوروبي، في إشارة واضحة لرغبة أمريكا في التواري خلف حلفائها الأوروبيين، فيما يتعلق بالإجراءات ضد روسيا، وهو الأمر الذي أعطى انطباعا بأن أمريكا ربما تخلت عن حلفائها.
وسيلة احتواء
سلاح الحرب الكلامية في سياسة ترامب يبدو أنه أحد وسائل الاحتواء، فقد سبق وأن استخدمه في الحرب ضد زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، عبر منصة "تويتر"، عندما هدد صراحة بما أسماه "النار والغضب"، وهو الأمر الذي أعطى مساحة كبيرة للتنبؤات حول احتمالات نشوب حرب عالمية بين كوريا الشمالية وحلفائها من جانب، والمعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة من جانب آخر.
ولكن في النهاية، لم يكن الأمر كذلك، حيث كانت التغريدات العدائية التي أطلقها ترامب ليست أكثر من محاولة للرد على انتقادات الداخل الأمريكي، في حين أنها كانت في الواقع تخفي تنسيقا دوليا لتدشين مرحلة جديدة من المفاوضات الأمريكية - الكورية الشمالية لإنهاء القضية النووية، وهو ما تمت ترجمته فيما بعد بالإعلان عن قمة مرتقبة بين ترامب وكيم جونج أون، من المقرر أن تعقد في مايو القادم.