التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:08 ص , بتوقيت القاهرة

ماذا يريد المصريون من سائقي التاكسي الأبيض؟ أن يقفوا ويهزوا رؤوسهم إيجابا

التاكسي الأبيض
التاكسي الأبيض

كيف فقد العديد من المواطنين الثقة في شريحة كبرى من مقدمي خدمات النقل الخاصة؟

حدث ذلك  نتيجة لغياب أي رادع، أو مراقب، وكذلك لغياب أي تشريع يضبط العلاقة بين المواطن المستفيد من الخدمة، وبين مقدمها.

ينطبق هذا الكلام على خدمات النقل الخاصة، التي يعمل فيها العديد من السائقين، وخاصة خدمة "التاكسي" ولا توجد مدينة كبرى تستطيع أن تعتمد وحدها على خدمات أبليكيشين ذكية، ولا توجد شركات عالمية، أو محلية، أو عربية يمكنها أن توفر لجميع أبناء القاهرة الكبرى سيارات "أوبر" و"كريم".

الجدال الدائر منذ الحكم القضائي الصادر من المحكمة الإدارية بإيقاف نشاط الشركتين، عاد مرة أخرى، بعدما كان هذا الجدال استعر من قبل، ولكن القصد من هذه السطور مناقشة فكرة التنافسية، والإتاحة، فالأصل في أي شيء ليس المنع، أو المصادرة، بل الإتاحة، وتوفير أكبر قدر من الخدمات للمستهكلين المختلفين، الذين ينتمون إلى شرائح متعددة، وطبقات مختلفة.

ولماذا يخشى بعض أصحاب التاكسي الأبيض من شركات تعمل في مجال النقل الخاص، مثلهم، ويتجهون إلى ساحات المحاكم لمقاضاة الشركات الخاصة؟ أليس أصحاب التاكسي الأبيض هم أيضا يمتهنون مهن حرة، ويمارسون عملا خاص؟

لن أتطرق إلى الجدال الشائع الذي يقول أن السائقين الذين يعملون في أوبر وكريم لا يدفعون ضرائب، لأن هذه السطور لا ترغب أن تتحدث عن هذا الجدل الذي لا ينتهي، بل هدف هذه السطور مناقشة السلوكيات الإيجابية التي فرضتها شركتا أوبر وكريم على سائقيها، وبالتالي نالت شعبية واستحسانا من مستخدمي الخدمتين.

لأول مرة نمتلك طريقة للمحاسبة، أقصد حق المستهلك في تقييم الخدمة التي يحصل عليها، سواء سلبا وإيجابا، وبالتالي فإن إيجاد وسيلة لتقييم الخدمة المقدمة، أو إيجاد وسيلة للحكم عليها، ومحاسبة مقصري تقديم الخدمة، يمنح المستهلك نوعا من الرضا، كما إن قدرة المقصر أو المسؤول عنه على تعويض المستهلك المتضرر من الخدمة السيئة، تجعل إقبال نفس المستهلك على الخدمة مرة أخرى مضمونا، لأنه يعرف أنه كل مرة تُساء معاملته فيها، سوف يمتلك قدرة على الشكوى، وسوف يكون بوسعه أن يتلقى تعويضا.

كل ما نطلبه من سائقي التاكسي الأبيض أن يقفوا لنا، وأن يهزوا رؤوسهم إيجابا، وقبولا بالمنطقة التي نطلب أن يوصلونا إليها.

ولا داعي للردود المتعجرفة، ولا داعي للإيماءات غير المهذبة إلى أن السيارة ملك السائق، وليست ملك الزبون.

إشكالية سائق التاكسي الأبيض حتى لو لم يمتلك سيارته، تكمن في شعوره أن مستهلك الخدمة، الزبون، تحت أمره، بينما العكس هو الصحيح، إذ أن سائق التاكسي يعمل من أجل رزقه، والمستهلك طالب خدمة، وليس أكثر من ذلك، وطالب الخدمة ليس من حقه أن يطلب أكثر منها، ومقدم الخدمة يجب أن يقدمها، لأنه يعمل من أجلها، فلماذا الأسلوب الانتقائي المستفز الذي يتبعه سائقو التاكسي الأبيض مع عملائهم مرتادي الخدمة؟ لماذا ينتقي سائق التاكسي زبونا ويترك آخر، ثم يهرع إلى المحكمة لتأميم التنافسية، وإلغاء الإتاحة التي تفرضها قواعد السوق الحر؟ لماذا يعامل مستخدمي التاكسي وركابه معاملة سيئة، ويرفض اصطحابهم إلى شوارع ومناطق وأحياء بعينها ثم يهرع إلى المحكمة لإلغاء التنافسية والإتاحة؟ لماذا يرفض سائقو التاكسي الانصياع لرغبة العملاء بعدم التدخين، ثم يشكون حينما يتوقف هؤلاء عن الركوب معهم؟ لماذا يرفض سائقو التاكسي تشغيل التكييف صيفا، ويتحججون باستهلاك البنزين، ثم يشكون من انصراف كبار السن والمسنين وكل من لديه مشكلات في الجهاز التنفسي عن الركوب معهم ويلجئون إلى خدمات المنافسين لهم الذين يستجيبون بكل تهذيب واحترام لعملائهم.