فضائح التجسس على المستخدمين..هل نعيش زمن انهيار الفيسبوك؟
هل نشهد انهيار الفيسبوك
شرع محققون بريطانيون في تفتيش مكاتب شركة "كامبريدج أناليتيكا" وفقا لمذكرة تفتيش وافقت عليها المحكمة العليا، واستنادا إلى ادعاءات مكتب المعلومات بأن الشركة البريطانية التي تعاقدت معها حملة ترامب الرئاسية عام 2016، قد تكون استغلت البيانات الشخصية لمستخدمي فيسبوك بهدف التأثير على ناخبين محتملين.
مارك زوكربيرج
تفجرت فضيحة التجسس على مستخدمي فيسبوك منذ بضعة أيام، واعتذر مارك زوكربيرج عن إساءة استخدام هذه التطبيقات ومطوري البرامج لموقعه، وأعلن اتخاذه خطوات لمنع وصول هذه التطبيقات إلى بيانات المستخدمين، لكن ذلك جاء بعد التجسس على بيانات خمسين مليون مستخدم من مستخدمي فيسبوك حول العالم.
منذ بضعة أيام على خلفية هذه الفضيحة، كتب أحد الأصدقاء على الفيسبوك، خطوات تجعلك تغلق الميكروفون في هاتفك المحمول، الذي يتيح لفيسبوك التقاط معلومات عن طريق رسائل الأوديو "الرسائل الصوتية"، وعلى الرغم أن تشغيل "الميكروفون" ضرورة تكنولوجية تتيح لك إرسال الرسائل الصوتية، إلا أنه أيضا سلاح ذو حد آخر، إذ يتسبب التقاط الحوار الدائر بين الأشخاص واستخلاص المعلومات التي يقولونها، لهذا يتساءل مستخدمو الفيسبوك: لماذا كلما تحدثنا عن شيء وجدنا الفيسبوك يطرح إعلانه أمامنا في صفحتنا؟
مارك زوكربيرج يحتفل بمرور 10 سنوات على انضمام شيري ساندبرج الرئيس التنفيذي للفيسبوك
باتت حياة الناس منتهكة، وبات الفيسبوك نافذا، أصبح الفيسبوك هو صانع الميديا، وكما قال أحدهم: ثلاث شركات عالمية لم تمتلك أصولا، لكن الكل يعمل عندها، الفيسبوك جعلنا جميعا ناشرين عنده، وصحفيين، و"أوبر" لم تمتلك سيارة واحدة، لكن الناس يعملون عندها سائقين بسياراتهم، و"أمازون" لا ينتج أو يمتلك سلعة، لكنه يبيع كل شيء من الإبرة حتى الصاروخ.
ولكن هل يعني هذا أن الفيسبوك ينتهي؟ هل نعيش عصر حصار وسيلة التواصل الاجتماعي الفعالة والناجحة؟
لا ريب أن الفيسبوك مر بأوضاع صعبة، وأثيرت حوله نقاشات أخلاقية عديدة، منها استخدامه مؤخرا في التأثير على الناخبين في الانتخابات الأمريكية، وهي الفضيحة التي لم يزل التحقيق فيها جاريا في الولايات المتحدة، ولكن ثمة أسئلة عن الوقت الذي نخصصه للفيسبوك، ونمنحه لهذا الموقع من حياتنا، وعما إذا كان ذلك مفيدا وكذلك عن ماهية التواصل..هل التواصل الذي يحققه الفيسبوك حقيقي؟ أم وهمي؟
ثمة أسئلة كثيرة أيضا يطرحها إشكالية الفيسبوك عن قضايا الخصوصية، منها ما هو الحد المسموح لك بنشره على صفحتك الخاصة؟ هل من حقك أن تضع صورا لأطفالك؟ بالتأكيد من حقك، ولكن ألا ينتهك ذلك خصوصيتهم هم أيضا، بوصفهم ذوات من حقهم التعبير ورفض وضع صورتهم دون إذنهم، هناك أيضا تلك الإشكالية المطروحة باستمرار: أين تبدأ حريتك وأين تنتهي؟ خاصة حينما تتدخل بالتعليق على موضوع مثار على صفحة أحد أصدقائك، أو على صفحتك، كل هذه الموضوعات طرحها الفيسبوك، منح الفيسبوك أصواتا لمن لا أصوات لهم، أثار هذا غضب نخبة سياسية استهجنت أن تكون هناك آراء معارضة لآرائهم، وأثار غضب نخبة ثقافية، إذ جعل الكاتب الإيطالي الشهير إمبرتو إيكو يصف الفيسبوك بأنه منح حق الكلام لفيالق من الحمقى.
أمبرتو إيكو
الكاتب السويسري يوناس لوتثر لم يحتمل أن يكون لديه حسابا على الفيسبوك، بعد شهور من تدشينه، والتواصل مع أصدقائه الذين اكتسبهم في العالم العربي، أغلقه، هكذا بدون مقدمات، ولم يترك رسالة وداع، ولم يترك إيميله لمن يرغب في التواصل معه، حينما التقيته بعد أشهر من غلقه صفحته على الفيسبوك، كشف لي أنه أغلق الصفحة مدفوعا برغبته في التخلص من كل الجدل المفتوح على الفيسبوك، جدل وثرثرة، واستعراض تفاصيل حياتية ليس لها ضرورة ولا معنى، وأناس يهتكون خصوصيتهم بأيديهم، وآخرون يضعون أطباق وأطعمة يلتهمونها، وسلوكيات بغضها يوناس، وشعر أنها تقتحم رأسه، وتحتل فيها مساحات، وتشغل تفكيره، حتى بعدما يقوم بالخروج "Log out" وهو ما جعله يوقف صفحته نهائيا، ويتخلص منها.
يوناس لوتشر
العديد من المحظورات ارتكبها مستخدمو فيسبوك أنفسهم، وليست التطبيقات، أو بعض الشركات التي تملك تلك التطبيقات، فاستخدم كثيرون الفيسبوك وسيلة لتهديد البعض، واستخدم آخرون الفيسبوك لمطاردة زملاء عمل، أو للتجسس عليهم، وتحول الموقع الذي كانت وظيفته التواصل، إلى أداة ضغط ووسيلة للتشهير، والانتقام، والتصيد، وبدأت شركات تطرد موظفيها لأنهم يدونوا على صفحاتهم أشياء غير لائقة، وتثير سخط المديرين، ورؤساء العمل، وعلى الرغم أن الفيسبوك مهم، إلا أن مزاياه العديدة بدأت تتراجع في مقابل السلبيات والكوارث العديدة التي تسبب فيها، وعلى رأسها التجسس على حسابات المستخدمين، وتوجيه آرائهم تجاه أفكار معينة، وأحزاب بعينها.