التوقيت الجمعة، 15 نوفمبر 2024
التوقيت 09:09 ص , بتوقيت القاهرة

طهران تقتل شعبها.. 4 أسباب حولت إيران إلى ساحة صراع بين الحكومة والمواطنين

بصرخة ملأ صداها طرقات ثاني أكبر المدن الإيرانية، بدأت موجة الاحتجاج الأخيرة ضد حسن روحاني رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وفي غضون أيام، انتشرت بشكل متسارع في أرجاء إيران، بطريقة تركت الحكومة بحالة صدمة والنقاد في حيرة من أمرهم.


واجهت الحكومة الإيرانية تلك الاحتجاجات بقتل المتظاهرين، لتثبت أنها خصم للثوار وليست مكلفة بتلبية طلباتهم والعمل على تنفيذها، فمنذ اندلاعها الخميس الماضي وحتى أمس الإثنين سقط 12 شخصًا إثر تلك الاحتجاجات، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، فيما سقط 9 آخرين اليوم الثلاثاء، استمرارًا لمسلسل رفض الحكومة ضغط الشعب الإيراني.


لتلك الاحتجاجات عدة أبعاد منها معرفة أسبابها، بالإضافة إلى أطرافها الفاعلين سواء بشكل مباشر أو غير ذلك، وهنا يمكن سرد التفاصيل تلك الأبعاد على النحو التالي...


الشرارة الأولى


لكل حريق يندلع شرارة أولى أوقدته، وقشة صغيرة تحول تلك الشرارة إلى نار، وسوء إدارة يجعل النتائج وخيمة.. ليس يتمثل الخطأ في هذه الحالة هو عدم قدرة نظام الملالي على تلبية مطالب شعبه، ولكن الخطأ الجسيم الذي ترتكبه طهران يكمن في غياب حلقة الوصل بين عمائم القم – الحاكم الفعلي لإيران – وفئات الشعب المختلفة.


سعى نظام الملالي خلال عقود إلى تهميش شعبه، وفرض مناخ قمعي يعتمد على سطوة العمائم الشيعية على حياة المواطنين، من هنا نظرح السؤال.. لماذا تنتفض إيران؟


أولاً: الفساد وسوء الإدارة، وهي أمور كان حسن روحاني، الرئيس الإيراني، حذر بنفسه من مخاطرها، وهو ما أدى إلى حالة من السخط على الحكومة، وهو ما أظهرته الشعارات التي أطلقها المتظاهرون ضد الرئيس مثل "الموت لروحاني" و"الموت للديكتاتور".


ثانيًا: البطالة كانت سببًا في احتجاجات إيران؛ حيث بلغت معدلاتها - بحسب المركز الإحصائي الإيراني - خلال العام المالي الحالي 12.4%، بزيادة 1.4% عن العام السابق.


ثالثًا: ارتفاع أسعار السلع الأساسية؛ حيث تضاعفت الأسعار في الآونة الأخيرة.. بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم ووصوله إلى 8%، حيث لم يؤد رفع العقوبات الاقتصادية بعد الاتفاق النووي مع مجموعة "5+1" إلى تراجع هذه النسبة بالوتيرة المطلوبة.


رابعًا: أظهرت الشعارات المستخدمة وعي الشعب الإيراني؛ حيث أكدت الرفض الشعبي لتدخل طهران في سوريا بالإضافة إلى دعم حزب الله، مثل: "لا غزة لا لبنان.. حياتي في إيران"، وهو ما يؤكد رغبة الإيرانيين صرف نظر الحكومة عن القضايا الإقليمية وتركيز الجهود والأموال على تحسين الوضع الداخلي.


ساحة صراع جديدة


في الوقت الذي تحاول فيه موسكو تهدئة الأوضاع وولفت الأنظار بعيدًا عن حليفتها طهران لتخفيف الضغط دوليًا على النظام الإيراني، تسعى واشنطن إلى سكب الوقود لتوسيع نطاق الاحتجاجات، لإسقاط النظام الذي يمثل تهديدًا لها ولحلفائها.


تمثل دور روسيا – حتى الآن - في تصريح مقتضب لوزارة الخارجية، عبرت من خلاله عن دعمها لحسن روحاني، والذي رفضت فيه أي تدخل في شؤون إيران، مؤكدة أنه سينتج عنه إثارة زعزعة الاستقرار في البلاد، وكأنها توجه رسالة لأمريكا بأن المساس بنظام حليف لها سيكلفها الكثير.


أما الرئيس الأمريكي فلم يهدأ في هذا الشأن، واستغل موقع التدوين المصغر "تويتر" في ضرب كل العصافير بحجر واحد، وشملت الجبهات التي ضربها دونالد ترامب على النحو التالي:


حسن روحاني: رئيس الجمهورية الإيرانية التي تمثل تهديدًا للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، رغم الاتفاق النووي الذي شاركت فيه أمريكا ذاتها، وبزوال نظامه ستهدأ بعض الجبهات المشتعلة التي تخوض فيها الولايات المتحدة الأمريكية حربًا في المنطقة، مثل سوريا ولبنان والعراق.


فلاديمير بوتين: يعتلي قمة القطب الثاني للعالم الذي يناطح التمدد الأمريكي، وهو ما يحاول الرئيس الأمريكي أن يكسر أحد أعوانه وقطع أحد أذرعه – بحسب تعبير محللين أمريكيين – وهزيمته في معركة قبل الانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها في 18 مارس 2018، بالإضافة إلى رد الاعتبار في ملف الرئاسة الأمريكية المتهم فيها روس بإفسادها.


باراك أوباما: يستغل ترامب كل الفرص المتاحة في إظهار سلفة بصورة مدان، فبعد هجومه الضاري على ملف "أوباما كير"، عاد الرئيس الأمريكي ليهاجم أوباما مستغلاً الاحتجاجات الإيرانية، قائلاً: "بدأ الشعب الإيراني التصدي لنظامه الفاسد الذي ينفق أموال الأمريكيين بموافقة باراك أوباما"، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي السابق قدم أموال لنظام أنفقها لتغذية الإرهاب.


كيف تهدأ احتجاجات إيران؟


لن تهدأ الاحتجاجات في إيران سوى بتحقيق مطالب المتظاهرين، وبالتالي يجب على النظام الحاكم في طهران أن يفتح قنوات اتصال مع المحتجين ليس فقط لتلبية طلباتهم ولكن أيضًا لإصلاح تركيبته ورؤيته لمجمل الملفات المطروحة بنظرة أعم وأشمل من نظرة المصلحة التي يعالج بها أزماته.