التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 02:45 م , بتوقيت القاهرة

"بأيدينا قرى من ذهب".. الحرانية قرية الأنامل الذهبية وينسجون الأمل على السجاد اليدوى

صناعة السجاد
صناعة السجاد

فى الطريق إلى سقارة عبر "أبو النمرس" تخبرك تجديدات الطرق السريعة والكبارى عن اقتراب قرية الحرانية بالجيزة، أهم القرى المنتجة للسجاد اليدوى الذى يشتهر بالحرفية والإتقان، بعد أن اكتسب أهلها خبرة طويلة فى المجال الذى دخلوه كجزء من تجربة الفنان رمسيس ويصا واصف عام 1950 ليتحولوا من مزارعين لا يملكون الأرض إلى أصحاب حرفة ارتبطت بالمصرى القديم وروحه.

 

فى قرية الحرانية ترى النساء يلتحفن الشيلان السوداء فوق جلابيبهن السوداء ويسرن فى خطى منتظمة إلى مركز النسيج الذى أصبحوا ركنًا أساسيًا فيه، يعرفن أركانه عن ظهر قلب وتعرف كل منهن مكانها فيه ودورها، فتلملم كل واحدة منهن بعض اللفات الصغيرة من الصوف ذو الألوان الزاهية وتشغل التسجيل إما على ما تيسر من القرآن الكريم، أو على بعض الأغانى وتبدأ فى رحلة هى وحدها من تراها.

 

هذه الرحلة، قد تستغرق شهر أو 6 أشهر وأحيانا من سنة إلى سنة ونصف، ترى فيها أناملها تتحرك بسرعة البرق بين خيطان اشتدت على أقصى درجاتها على نول خشبى، لتنسج لوحة مرسومة فقط فى عقلها ولا يمكن لأحد تكرارها، حتى هى لأنها تخضع لحالتها المزاجية وقت جلوسها على النول وخيالها.

 

"صابرة وثريا وام محمد ومنى" وغيرهن كل واحدة لها بصمتها المختلفة، على هذا الآلة التى تستجيب لها وتطوعها حتى يمكنك أن ترى اللغة الخاصة بين هذه السيدة والنول الذى تجلس عليه. فلا تتعجب إن رأيتها تحدثك وتنظر إليك ويدها تتحرك ممسكة ببعض الخيوط الصوف تعقدها وتمررها بسرعة ويد أخرى تمسك بالموس المغموس فى قطعة خشبية يهذبها لتكون متساوية مع رفيقاتها من الخيوط الأخرى.

 

فى البداية ربما لا يمكنك تمييز ما تفعل تلك السيدة، لكنها بالتأكيد تعى ما تفعل، ربما تغير لون الصوف من زاهى لغامق أو العكس، لكن فى النهاية الغرزة الواحده أصابعها الذهبية هى التى تعرف أين وكيف ولونها.

 

فى هذه الفيديو عايش اليوم السابع رحلة أهالى القرية مع السجاد اليدوى الذى علمهم، رجالاً ونساءً، التروى والفن والإبداع وكيف نجح هذا المهندس المعمارى الفنان رمسيس ويصا واصف ، أن يساعد أهل هذه القرية فى أن تخرج أحلامهم على خيوط النول.

 

مراهنا على المبدع الفطرى بداخل الانسان المصرى، حين اختار قرية ليس لها تاريخ فى صناعة النسيج، ليخوض تجربة مبنية على النسيج باعتباره أحد الفنون الكامنه داخل المصرى، ووفر لها سبل استمرارها من زراعة النباتات الطبية التى تستخرج منها الصبغات لصبغ صوف الأغنام الذى يأتى بألوانه الثلاثة الاسمر والبنى والأوف وايت، لتحوله زهرة الفوة للحمراء والنيلية للازرق بدرجاته والاصفر من شجر عين الجمل وغيره من الاعشاب الطبيعية التى تنتج صبغات لا تتغير بتغير الزمن ولا تبهت لأنها صبغات طبيعية.