مصدر الخير والرزق والبركة، يعيش المصريون بجواره يعمرون الأرض، على ضفافه أقيمت أقدم وأعرق الحضارات في العالم، إنه نهر النيل منبع الحياة، جمال لآلئه جذب القاصي والداني للعيش بجواره، فتجد القصور، والمنازل وحتى العشش جميع سكانهم يتمتعون بالعيش بجواره، لكن هناك أيضًا من يعيش في نهر النيل وتنوعت مساكنهم منها عوامات الأغنياء والعيش الرغد، ومنها قوارب الفقراء وضيق المعيشة.

أُناس يعيشون في قوارب صيد صغيرة لا تتعدى مساحتها الخمس أمتار طول والمتران عرض، لا يوجد باب يغلق عليهم يعيشون بين السماء والماء، تجمعهم مهنة الصيد يرمون شباكهم وينتظرون رزقهم، حرموا من متاع الدنيا لا يعرفون سوى مياه النهر؛ قليلهم تعلم وحاول التمرد والخروج من القارب والأكثر استسلم ولد ومات داخل قارب في نهر النيل، في الليل يسامرون قمرهم ثم يستدلون ستائر قاربهم ويضع كل واحد منهم جنبه ليخلد فى نومه، ثم تبدأ عجلة الحياة فى يوم جديد.

 أُناس جمعهم الفقر والعوز والجهل منهم "مريم عبد الرحمن" الأم المكبلة حبيسة القارب هي وبناتها "أسماء وإيمان"بعد وفاة زوجها، الذي تركها وحيدة تتحمل المسئولية كاملة، ومنهم "إيمان" بنت النيل صيادة في سن العشرين تحملت مسئولية أسرتها كاملة زوجت أختها وتساعد والدتها على المعيشة، وهناك أسرة كاملة مكونة من 7 أفراد تعيش داخل قارب الأب "كرم عبد الله" يعمل صياد وزوجته " أم زكرى" وأبنائهم الخمس أربعة بنات وصبي صغير.

 على الجانب الآخر من نهر النيل، هناك مصابيح مضاءة تنعكس لآلئ على سطح المياه، ونغمات مرتفعة وأصوات الضحكات تعلوا وتخرج من تلك العوامات المرصوصة على الشاطئ، التي يعيش فيها أناس آخرون يطلق عليهم المجتمع "ناس فايف ستار" فالحياة داخل عوامات نهر النيل مكلفة للغاية.

عوامات بتصميمات رائعة منها الجديد الذي يجذبك ألوانه ومنها القديم الذي يحمل ذكريات الماضي والزمن الجميل، مشاهير كثيرين تمتعوا بالعيش داخل عوامات النيل منهم الأديب نجيب محفوظ، والفنانة منيرة المهدية التي كانت عوامتها منبع للأخبار السياسية والفنية حيث الصالون الثقافي التي كانت تستضيف فيه الرموز السياسية والفنية المصرية في ذلك الوقت، تلك الحياة التي جمعها الجمال والسحر النيل والخيال، في هذا البلد العجيب المحب للخير"مصر" تجد التضاد نيل عظيم يجمع حياة الغنى الواسعة بملذات الدنيا والفقير وأحلامه المحدودة.