التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:56 م , بتوقيت القاهرة

"حماده" جاء من الصعيد بصندوق مسح أحذية بحثا عن رزق حلال بالشرقية

حماده
حماده

حين تراه ممسكا بصندوق البوية تعرف كيف يعتز به ويفخر بحمله فيحكى لك كيف يختار الفرشاة والألوان بعناية، وكيف يختار لون الفرشاة إن كان بنيّا أو أسمر والفرق بين الفرشة الخشنة والفرشة الناعمة، فكيف يعرف أنها مصنوعة من شعر الحصان العربى أو مضروبة، فهو ينزل يشتريها مخصوص من صعيد مصر لرخص ثمنها، كل أحلامه الستر والصحة والوفاء بالتزاماته ناحية أسرته، ويؤمن أن العمل شرف مهما كان، وأرض الله كلها رزق، فقط تحتاج البحث عنه والعمل فيه وتهون كل الالم والتعب حين يرى ابنتيه اللتين لم يتجاوز عمرهما 5 سنوات، وكل ما يسعى له الإبرار بأهله وتجهيز ابنتيه وأن يمنحه الله أخا لهما يكون لهما سندا .

 

الرجولة تغرس بالطفل قبل أن ينحت الزمن رجولته، هكذا عاش وتعلم حمادة البطل فى قرية جرنوس ببنى مزار محافظة المنيا، فهو ابن لأسرة بسيطة، لا يوجد بينهم عاطل، فهم ستة رجال بما فيهم والدهم، وثلاث سيدات بما فيهن الأم ولم يكن  حمادة يعلم أن رزقه يبعد عن قريته آلاف الكيلومترات، فى مدينة العاشر من رمضان، تلك المدينة الجديدة، التى تحمل بين مصانعها وشوارعها العديد من الأحلام، لم يكمل تعليمه مثل أشقائه، وعمل فى العديد من المهن فتارة نجار وأخرى سباك وأحيانا كثيرة عامل زراعى، أو عامل يومية يداه وجسده هما كل أدواته، واستقر به الحال ماسح أحذية، يجمع رزقه من تحت أحذية البشر.

 

 

 

 

 

حمادة الذى لم يتجاوز عمره الـ32 عاما تزوج وأنجب طفلتين ذهب ومريم تزوج ببلدته الصغيرة بالمنيا، وضاق به الحال وأقنعته زوجته وأهلها بالذهاب لمدينة العاشر فبها العديد من فرص العمل، فحمل صندوق البوية وجهازه وزوجته وأولاده واستقر مساكن عثمان، وعملت زوجته فى أحد مصانع الشيكولاتة، ولم يمر عليه عام فى العاشر، لكنه أصبح له ذبائنه، وحين يضحك له ثغر الرزق يمكن أن تكون يوميته 100 جنيه لكن لو غير ذلك يمنحه فقط من 50 إلى 70 جنيها، والرضا بلقمة العيش يجعل الحياة تسير وتمر فى هدوء.