التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:51 ص , بتوقيت القاهرة

ورشة لتصليح السيارات بالإسكندرية عمالها طلاب "تعليم الفنى"

فى السابعة من صباح كل يوم، يذهب طلاب مدرسة الشاطبى الصناعية الميكانيكية، لمدرستهم كل يوم، يحملون الكتيبات التى تحوى بين طياتها كل أنواع السيارات القديمة والأحدث طراز منها، ليتعلموا الميكانيكا الخاصة بها، وطرق صيانتها وتركيبها، وما خلف الأوراق والفصل الدراسى والسبورة المدرسية.

يرتدى الطلاب "أوفرول" لينزلوا إلى الورشة الملحقة بالمدرسة، والتى يقف أمامها العشرات ممن قرأوا لافتة "هنا ضبط زوايا وإتزان السيارات بالكمبيوتر" ليتفاجئوا بعد ذلك أنهم يصلحون سياراتهم داخل مدرسة للتعليم الفنى، وأن من يقوم بذلك ليسوا سوى طلبة يطبقون عمليًا ما درسوه نظريًا.

التقينا بالطالب عبد الرحمن حسن الذى أصبح الآن فى السنة الثالثة من الثانوية الصناعى، ويخطط لمستقبله بالورقة والقلم -على حسب قوله-، من خلال التحاقه بعامين فى دراسة بأحد المعاهد، بعدها يجد مستقبله فى كلية الهندسة.

يقول عبد الرحمن "كان حلمى يقتصر على دخول كلية الهندسة، وعرفت أن أقصر الطرق لذلك وأضمنها هو الالتحاق بالتعليم الفنى، لأنه هناك بعض المواد فى الثانوية العامة صعبة جدًا، وتحتاج إلى دورس خصوصية مكلفة، ولكن سنوات المدرسة الثانوية التى أمضيتها غيرت تفكيرى من الاقتصار على دخول الكلية التى أحبها، إلى التفكير فى إنشاء ورشة حرفية، لصيانة وإصلاح السيارات، بعد أن تمرست فى العمل على يد الأساتذة الموجودين بالمدرسة".

ويضيف عبد الرحمن "بدأت دراستى بمنهج أكاديمى يشرح كل تفاصيل الحرفة، حتى استطعت أن اطبقها بشكل عملى، أثناء دراستى داخل الورشة، وانتظار السيارات التى تأتى إلينا وكلها ثقة بأن ما نفعله يكون على أسس علمية وليس مجرد عمل فنى أو حرفى فقط".

ويكمل عبد الرحمن "مع استمرار الدراسة العملية، بدأ عملاء الورشة يميزوننا، ويأتون إلينا من كل فج عميق، متأكدين أن صيانتنا هى الأفضل، ولذا أضفت إلى أحلامى إنشاء ورشة حرفية، أستطيع من خلالها الإنفاق على دراستى بكلية الهندسة التى أحلم بها، وتستمر معى إلى ما بعد حين".

 ويضيف عبد الرحمن: دراستى بالمدرسة الميكانيكية، علمتنى كيف أساعد من تتعطل سيارته فى أى مكان، وبدأ أهالى المنطقة والجيران يستعينون بى فى كل شئ يخص سياراتهم، ويطلقون على لقب"البشمهندس".

ويقول عبد الرحمن "اكتشفت أن احتراف صنعة وحرفة أفضل من أى شئ آخر، وأفضل من الحصول على مؤهل عالى أكاديمى، يؤهلنى فقط للوقوف فى طابور البطالة، فالمهنة الحرة، ستكون قادرًا من خلالها على إنشاء أسرة، مع ضمان حياة ومستقبل أفضل".

ويتحدث عبد الرحمن عن أهم مكتسباته فى الدراسة العملية لميكانيكا السيارات قائلًا "لم أتعلم فقط المهارات الحرفية، ولكن اكتسبت خبرة التعامل مع الزبائن والعملاء، تعلمت كيفية الحفاظ على سلامتى الشخصية ومظهرى وطريقة حوارى".

ويقول عبد الرحمن، أن ما اكتسبته سمعة التعليم الفنى، من تعاطى طلابها المواد المخدرة و الكحوليات، والتلفظ بألفاظ سيئة، ما هو إلا من وحى بعض الاستثناءات التى يعلقونها على شماعة التعليم الفنى، ولكن الحقيقة، أن كل هذه الفئات موجودة فى التعليم الفنى والثانوى العام وغيره، وحتى طلبة الكليات، بل العكس تمامًا فإن طلاب الصناعى، يتعلمون فى ما يطلقون عليه مصنع الرجال، لأنه كل طالب يكون مسئول أمام نفسه وأمام معلميه و العملاء الذى يتعامل معهم، حتى ينجز عملًا يستحق عليه ما يتقاضاه، ويرفع عن كاهل أسرته الكثير والكثير.

أما أحمد حسنين فهو مدرس أول قسم السيارات بمشروع رأس المال، فى مدرسة الشاطبى الثانوية الميكانيكية، فيقول أن المشروع أفاد الطلاب والمدرسين كثيرًا، فهو يعمل على رفع مستوى الأداء التعليمى للطلاب عن طريق مزيد من التدريبات العملية، وإكساب المدرسين أيضًا مزيد من الخبرات، بالإضافة إلى الاستفادة من القوى البشرية والإمكانات المادية الموجودة فى مدارس التعليم الفنى، للمساهمة فى خطة إنتاج الدولة، لصالح الاقتصاد القومى، وزيادة دخل الطلبة والمدرسين عن طريق إثابتهم عن أعمالهم بقدر إنتاجهم.

ويقول حسنين "الورشة التى تم إنشاءها بالمدرسة تخدم حتى المواطنين الذين يأتون إلينا، ويحصلون على خدمة مدروسة بأقل الأسعار، ومقسمة على قسمى ضبط ضبط الزوايا والاتزان، وقسم الغسيل وتشحيم السيارات".

وأوضح حسنين أن جمع الطلاب يأتون إلى الورشة، سواء الطلبة الجدد أو القدامى، ويدرسون صيانة كل أنواع السيارات، وفى نهاية كل شهر يحصلون على مرتب متغير حسب إنتاجهم، يساعدهم على رفع الأعباء عن كاهل الأسرة ورب المنزل، وبالتالى يصبحوا رجالًا منذ سنوات عمرهم الأولى، ويعتمدون على أنفسهم.