التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 09:06 م , بتوقيت القاهرة

فيديو.. فنان جداريات بالإسكندرية: المحجوب حول المدينة لمتحف جغرافى مفتوح

مع توافد السياحة الداخلية إلى الإسكندرية، تجد المصطافين يرفعون هواتفهم المحمولة لالتقاط "السيلفى"، مع جدارية بانوراما محكى القلعة، الموجودة فى منطقة بحرى وبالتحديد فى محيط مدخل قايتباى، كما تتنفس الصعداء حين ترى الفسيفساء والنحت على بوابة الإسكندرية بمدخلها الزراعى، وعلى كوبرى ستانلى يتمتع المارين بفسيفساء جدارية ستانلى، بينما يتذوق الطلبة ورواد العلم بجدارية ثلاثية المعرفة المنحوتة بجامعة الإسكندرية، كل هذا الفن وغيره، الذى تحول إلى متحف جغرافى يتذوقه الذاهب والغادى، من صنع فنان الإسكندرية "محمد شاكر"، والذى نقشت أنامله على الجدران الصماء لتحولها إلى هوية تعبر عن عروس البحر المتوسط وشخصية مدينة الثغر.. وفى هذا الصدد كان لنا معه هذا الحوار التالى، وإلى نص الحوار:

 

ما الذى قمت بنحته وتشكيله فى الإسكندرية ؟

قمت بنحت معظم الأعمال الفنية فى فنون الفسيفساء والزجاج الملون والنحت والتصميمات المعمارية المختلفة فى العديد من الأماكن الرسمية والعامة والخاصة بالإسكندرية، وأيضا القاهرة، والمحلة، وبعض بلدان دول العالم، وأهمها المنارة الأندلسية الموجودة فى منتصف ميدان الكيلو 21، والمسماة بالكوبرى الفرعونى، وجدارية الشاطئ فى منطقة بحرى وثلاثية الحضارة فى ميدان الأنفوشى، وغيرها.

 

من صاحب الفكرة ومن كان الممول.. وما الهدف منها؟

كل هذه الأعمال الفنية، كانت فى عهد اللواء محمد عبد السلام المحجوب، ولأنه وزوجته فنانين فى الأصل، ومؤمن بدور الفن للمجتمع، كان يفتتح أحد معارضى، واقترح على عمل الجداريات، وذهبت إليه بعدد من المقترحات وافق عليها كلها، وكان التمويل يأتى إما من المحافظة، أو من تبرعات رجال الأعمال التى كان يطلبها المحافظ الأسبق، وكانوا يدفعونها دون تردد.

 

وكان الهدف وهو ما حدث، هو أن تكون الإسكندرية، متحف جغرافى مفتوح، وهو الأمر الموجود فى أى مدينة متحضرة، وبالتالى يبقى الجمال كائنًا فى الشارع وفى إمكانية الجميع أن يراه، ونقل قيمة الإبداع فى الجداريات والأعمال الفنية للشارع، والمواطنين يتذوقونه طوال الوقت، ويأخذوا جرعتهم الفنية دون أن يخصصوا من وقتهم أو أموالهم.

 

ولماذا لم تستكمل مهمتك الفنية فى إنشاء الجداريات بعد اللواء عبد السلام المحجوب؟

لم يطلب أحد من المحافظين بعد عبد السلام المحجوب، شيئًا من ذلك، وأعيش بمبدأ أن لا أطلب عملا ولا أرفض تكليفا.

 

صممت مدخل الإسكندرية الزراعى بطريقة فنية عبرت عن المدينة.. ما رأيك فى البوابة المعدنية بالمدخل الصحراوى؟

من فكر فى تصميم مدخل الإسكندرية الصحراوى المعدنى الشكل، له وجهة نظر محدودة وقاصرة ولديه رؤية غير فنية وغير جمالية، وغير دالة على مدينة متحضرة، تعد من أكثر مدائن الأرض أثرا فى تاريخ البشرية، ومرعليها كل حضارات الشرق الأسط والبحر المتوسط، وكان لابد أن يخرج المنتج به كل هذه المعانى، ولكن متخذى القرار هنا خانته حكمة الرجوع إلى المتخصصين من الفنانين والمبدعين.

 

يتهمك البعض بأنك لم تأخذ مواقف لمكافحة القبح فى الإسكندرية ولدى تاريخك الفنى القدرة على الضغط على صناع القرار لإحداث فارق؟

لا أملك أى سلطة على صناع القرار، وأحاول مرارا وتكرارا من خلال كتاباتى ولقاءاتى التليفزيونية مواجهة القبح الذى نراه فى بعض الأماكن، ولكن لابد من اعتبار كلية الفنون الجميلة هى المكتب الاستشارى للجمال فى المدينة، وإذا لم يطلب منها الخبرة، فلا يلام إلا المسئول عما يحدث من قبح فى الميادين والكبارى والطرق العام.

 

ما رأيك فى الجرافيتى الذى يرسمه بعض الشباب على جدران الإسكندرية؟

الجرافيتى مصاحب لظروف معينة وليس منهج للتجميل، أو عمل فنى، بل هو تعبير اجتماعى لأحداث معينة عن طريق الهواة التى ينفذونه بتلقائية وخامات مؤقتة، تضيع مع أول نوة شتاء أو احتكاك، وفى الدول المتحضرة تقنن هذه التعبيرات وتحترم وتخصص لها أماكن معينة، لمن يرغب بها مثل الهايد بارك فى لندن، ونحتاج إلى إدارة مستنيرة تتعلم من هذه الثقافة، فالجرافيتى أحيانا مقبول، وأحيانا يكون سئ جدا يصل إلى درجة البشاعة والتشويه.

 

يحدث فى الإسكندرية هذه الأيام تعدى على الجمال وهوية وحجب الرؤية عن البحر بالكافيهات والمبانى وغيرها .. ما رأيك وموقفك؟

لا أترك باب تجميل أو بعث قيمة من القيم المرتبطة بالتحضر والجمال، إلا وقلت رأى سواء فى المقالات أو الكتابات الخاصة، ألوم فيها كل المسئولين عن عدم احترام التراث الثقافى والفنى، وكان لى رأى واضح فى حجب رؤية البحر عن الإسكندرانية، وعاتبت بخبرة المثقف فى هذا المجال المسئولين وقلت أن ما يحدث خطأ، ولكن لا أحد يعتنى بالرأى العام أو التخصصى.

 

وماذا عن ترميم الأعمال الفنية الموجودة بالميادين العامة فى الإسكندرية؟

الأعمال الفنية فى الشارع تمثل ثروة قومية، وكان هناك تعاقد أيام عبد السلام المحجوب للصيانة الدائمة لهذه الأعمال، وكان ينفذها الفنان بنفسه، لتعود كأنها جديدة بطرق علمية صحيحة، ولكن الصيانة توقفت تمامًا منذ عام 2010، وبالتالى نالتها أيدى العابثين، وهى الأعمال التى دخلت التاريخ، وتم عمل عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة عنها، والخوف أن تتحول هذه الأعمال إلى أطلال.

 

معروف عنك أن مجامل وقد يخرج من تحت يديك فنانين دون المستوى؟ 

إذا ثبت دعمى لأى فنان دون المستوى فهنا أطالب بمحاسبتى والتحقيق معى لذلك، ولكن ما أفعله هو تشجيع تجارب الهواة، وأشير لهم على الصحيح لفعله، فعملى الأساسى التعليم، ولا أستطيع أن أخبرهم بطريقة فجة أنهم خطأ فالكلمة الطيبة صدقة فى كل الأحوال، ولكنى لست مجاملًا فى الباطل.

البعض من تلامذتك يقلدونك وبالتالى يخرج العمل الفنى نسخة مقلدة عن أعمالك..هل تقبل ذلك؟

هذا الأمر موجود فى كل العصور أن التلميذ يتأثر بأستاذه، ويسير فى ركابه لسنوات، ويتبع مدرسته، ولكن فى النهاية لا بد أن يتبع أسلوبه الشخصى، لأنه سيتلقى النقد من جمهوره فى كل الأحوال.

 

كنت عميد لكلية الفنون الجميلة وقدمت كثير من الإنجازات التاريخية فما هو تقييمك لتجربتك كعميد وتقييمك للوضع الراهن ؟

لا أحد يستطيع تقييم نفسه والتاريخ، ومن جاء بعدى هو من يقيم، أما تقييم من أتوا بعدى، فذلك يأتى فى حدود المتاح لهم من قدرات وطاقات وإمكانيات، خاصة وأنهم عاصروا فترة قاسية جدا بعد انتهاء فترة عمادتى، بدت مصر فى ثورة 25 يناير بما فيها من إيجابية وسلبية وبعدها ثورة 30 يوليو، وما بينهما فترة حكم الاخوان المسلمين التى وإن كانت قصيرة ولكنها أكثر الفترات قساوة على النظام الإدارى فى الدولة، وكان صعب فيها تحقيق الإنجازات، ولأننا حتى الآن نعانى من هذه الظروف، وننتظر محاولات القيادة السياسية المرور من ذلك والخروج بمصر إلى بر الأمان.

 

كيف كان وضع الكلية والفن فى الإسكندرية فى عهد جماعة الإخوان؟

وقت جماعة الإخوان الإرهابية، كانوا يغطون التماثيل على الكورنيش وفى الأماكن العامة "والعيب من أهل العيب ليس عيب"، ومن لا يتذوق الجمال فهو مصيبة، ويرتكب رذيلة فلو قرأ القرآن الكريم، وعرف أن العظمة فى دور الفن فى حياتنا، ولكنهم لا يفقهون فى الدين، فهم عصابات جاءت للتخريب من أجل تقوية شرائح الجهلاء المهتمين فقط بالأكل والشرب.

 

كيف كان موقف الفنانين فى هذا الوقت؟

فى عز عهد جماعة الإخوان، كنا نهاجمهم داخل محاضراتنا وحتى خارج الكلية، وأكدنا على أن التفكير فريضة إسلامية، وأن القرآن به 4 آلاف آية تدعم الحياة بالمثل العليا وأهمها احترام الجمال فى قوله تعالى "قل من حرم زينة الله"، وتاريخ الإسلام معروف، حتى أن الله تعالى شكر آل داوود على صنيعهم للتماثيل حين قال "يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملو آل داوود شكرا"، إنما فكرة أن التماثيل حرام، فهى كانت لأن الجاهليين كانوا يعبدوها، وليس من المنطق الآن أن يعبد عاقل تمثال، وأفضل شئ حدث فى مصر أن تولى الإخوان الحكم، لأنهم قتلوا أنفسهم سريعا وأظهروا أن أيديهم ملوثة بالخيانة، وأنهم أجيرين لدى القوى العظمى، ومستعدين لبيع أنفسهم للشياطين من أجل المصالح الخاصة، ولم يؤمنوا بوطن اسمه مصر.

 

ما هو الدور المطلوب فعليًا من كلية الفنون الجميلة للمجتمع؟

قبل النظر فى دور الكلية، لابد من التركيز على الدور الذى تقوم به الجامعة ووزارة التعليم العالى تجاه كلية الفنون الجميلة، حتى تستطيع القيام بدورها فى دعم المجتمع بالقيم الفنية والتجميل والمنظومة واحدة، ولذا لابد من الاهتمام بجوار الأكل والشرب، بتطوير التعليم والبحث العلمى والصحى، والذى يمثل الدورة الدموية للمجتمع، ولكن الأمل فى القيادة السياسية الحالية التى تحاول إعادة تصحيح مسار الدولة.

 

محافظ الإسكندرية الجديد.. هل سيكون على قائمة أولوياته اقتراحات بترميم التماثيل أو الأعمال الفنية الخاصة بالمدينة؟

نتمنى ذلك، فهو يتحمل مسئولة فى منتهى القساوة ولكن لصغر سنه ولأنه من أبناء الإسكندرية وأدرى بمشكلاتها، فهو مبشر واعتقد أنه سيتكمل المنظومة التى بدأت على يد حمدى عاشور ومرت بعهد عبد السلام المحجوب ، وسيكمل الضلع الثالث لمثلث ازدهار الإسكندرية التى أهملت كثيرًا فى السنوات السابقة.