على خطى الاخوان وداعش.. الأطفال وقود المعارك التي يخوضها أردوغان
في الوقت الذي تثور فيه ثائرة العالم جراء الانتهاكات التي ترتكبها القوات التركية في مدينة عفرين السورية، يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لإثارة المزيد من الجدل بمزيد من الانتهاكات، ولكن هذه المرة بحق طفلة لم يتجاوز عمرها بضع سنوات، من خلال وعد قدمه لها بالتكريم إذا ما أستشهدت في مدينة عفرين السورية.
كلمات أردوغان تأتي في إطار تجمع لأنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والذي يترأسه أردوغان، حيث أثارت تلك الكلمات حالة واسعة من الجدل بين المتابعين، إلا أنها في الوقت نفسه أثارت تساؤلات حول المغزى وراء مثل اطلاق مثل هذه الدعاية.
الطفلة أمينة.. وقود معركة أردوغان في عفرين
يبدو أن خطاب الرئيس التركي للطفلة "أمينة"، التي ارتدت الزي العسكري، يأتي في إطار سياسة الشحن المجتمعي لإضفاء انطباع لدى الرأي العام سواء في الداخل التركي، أو حتى على مستوى المجتمع الدولي، بأن الانتهاكات التي يرتكبها النظام التركي في مدينة عفرين السورية تحظى بتأييد شعبي من قبل كافة طوائف الشعب التركي، ومن بينهم الأطفال، من خلال التأكيد على استعداد هؤلاء الأطفال للموت من أجل درء خطر الارهاب الذي تمثله الميليشيات الكردية، وبالتالي دحض الاتهامات التي تلاحق النظام التركي بمحاولة احياء داعش في منطقة الشمال السوري.
يقول الباحث مصطفى أمين عامر، والمتخصص في شئون الحركات الإسلامية، أن موقف أردوغان من الطفلة التركية لا يختلف كثيرا عن مواقف تبناها العديد من الديكتاتوريين في مختلف دول العالم، من أجل تصدير صورة الزعيم الذي يحظى بتأييد شعبي كبير من قبل كافة طوائف المجتمع، لعل أبرزهم هتلر وموسوليني.
وأضاف عامر، في تصريح لـ"دوت مصر"، أن الأطفال كانوا بمثابة وقود لهؤلاء الزعماء من أجل حشد التأييد لمعارك خاضها هؤلاء الزعماء لاتخاذها، بينما لم يكونوا هؤلاء الأطفال مدركين لها أو لأبعادها، موضحا في الوقت نفسه أن استخدام هؤلاء الأطفال بهذه الطريقة يمثل انتهاكا صارخا لكافة المواثيق والقوانين المعنية بحقوق الأطفال.
شو إعلامي.. محاولة لاخفاء هدف حملته في عفرين
أهداف الرئيس التركي من المعركة التي يخوضها في عفرين تبقى محل شك إلى حد كبير، خاصة وأن توقيت المعركة يبقى محل تساؤلات، في ضوء الانتصارات التي تحققها وحدات حماية الشعب الكردية على داعش ونجاحهم في تقويضهم إلى حد كبير، ففي الوقت الذي يبادل فيه النظام التركي العداء للأكراد، إلا أن هناك شكوك حول محاولة أردوغان إحياء داعش من جديد، وبالتالي فربما تصبح لغة الشعارات، وما يمكننا تسميته بـ"الشو" الاعلامي الذي يمارسه الرئيس التركي، وسيلة للتغطية على الهدف الحقيقي وراء حملته في المدينة السورية.
يقول قائد سابق في داعش يدعى فرج، في تصريحات نقلتها صحيفة "الاندبندنت" البريطانية قبل أسابيع، أن جزء كبير من المقاتلين الذين يحاربون وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين هم مقاتلين سابقين في داعش، موضحا أن نظام تركيا سعى إلى خداع العالم في بداية العملية العسكرية بايهامهم بأن القوات التركية تقاتل داعش، لكنها في الواقع تقوم بتدريب عناصر التنظيم من أجل ارسالهم إلى عفرين لقتال الأكراد.
استخدام الأطفال.. امتداد لاستراتيجية داعش والاخوان
إلا أن ظهور الطفلة التركية "أمينة"، على المسرح في حشد لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، تحفيزها على الاستشهاد مقابل الوعد بتكريمها بوضع علم تركيا على جثمانها، ربما يعيد إلى الأذهان أيديولوجية استخدام الأطفال من قبل الجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان الارهابية، وكذلك تنظيمات أخرى كتنظيم داعش والقاعدة، مقابل وعود أخرى بـ"الجنة"، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كان النظام الحاكم في تركيا يتجه نحو اتباع نفس النهج الذي تتبناه الجماعات المتطرفة.
يرى عامر أن استخدام الأطفال يعد بمثابة أحد الاستراتيجيات التي تتبناها الجماعات المتطرفة، حيث كانت جماعة الإخوان سباقة في هذا الإطار من خلال تأسيس ما يسمى بالجوالة خلال عهد مؤسس الجماعة حسن البنا، والذي قام بتشكيل فريق من الأطفال الذين تم تلقينهم أفكار الجماعة، ليكونوا قاعدة أساسية لإفراز المقاتلين في الجماعات الجهادية، كما أنهم كانوا بمثابة البنية الأساسية لما يسمى بالتنظيم الخاص الذي ارتكب العديد من العمليات الإرهابية فيما بعد.
وأضاف الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية أن داعش اتخذت نفس النهج، فيما يسمى بـ"أشبال الخلافة"، حيث تم تنظيم العديد من المعسكرات لهم في "البوكمال" والرقة في سوريا وكذلك في مدينة الموصل العراقية، موضحا أن ما فعله أردوغان مع هذه الطفلة لا يختلف كثيرا عن رؤية هذه الجماعات المتطرفة.
إقرأ أيضا
معركة أردوغان في عفرين.. "الخليفة المزعوم" لا يأبه بأمن العرب مقابل النفوذ