استراتيجية قطر الرياضية.. بحثا عن هوية وطنية أم لإخفاء دعمها للإرهاب؟
في الوقت الذي تواجه فيه إمارة قطر اتهامات متلاحقة حول دعمها للإرهاب، يبدو أن الرياضة تبقى سبيلا مهما لدحض مثل هذه الاتهامات، باعتبارها أحد الوسائل المهمة التي يمكن من خلالها الترويج لفكرة الانفتاح على العالم، من خلال استضافة العديد من الشخصيات الرياضية من مختلف دول العالم على أراضيها، وكذلك تنظيم البطولات الدولية التي تلقى رواجا دوليا كبيرا، بالإضافة إلى كونها وسيلة لخلق هوية وطنية، على غرار ما فعلته البرازيل من قبل.
السياسات الرياضية القطرية أثارت العديد من علامات الاستفهام في السنوات الأخيرة، خاصة وأنها ارتبطت بأعمال مشبوهة، ولعل أبرزها وقائع الفساد التي شابت عملية اختيارها لتنظيم مونديال 2022، وهو الأمر الذي يعكس أن الأمر ربما يتعدى في أهدافه مجرد تحقيق "مجد رياضي"، وإنما يعكس تطلعات النفوذ والهيمنة السياسية التي تسعى الإمارة إلى تحقيقها على حساب القوى الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط.
خدعة الانفتاح
ولعل استضافة قطر لأحد لاعبي التنس الإسرائيليين خلال بطولة قطر المفتوحة للتنس، والتي أقيمت في الدوحة في يناير الماضي، دليلا دامغا حول استخدام الإمارة الخليجية للرياضة، لتحقيق أهدافها، خاصة وأن الحدث الذي شهد وجودا اسرائيليا على أرض قطر تزامن مع زيارة أجراها أحد أبرز المدافعين عن اليهود في الولايات المتحدة، وهو المحامي الأمريكي ألآن ديرشويتز، إلى الدوحة بناءا على دعوة مدفوعة الأجر.
يبدو أن وجود اللاعب الإسرائيلي في قطر كان ملهما بالنسبة للمحامي الأمريكي، والذي كتب مقالا أشاد فيه بالإمارة الخليجية بسبب ما أسماه انفتاحا على إسرائيل، بينما قارن بين موقف كلا من قطر والمملكة العربية السعودية، في ضوء رفض الأخيرة لاستضافة لاعب إسرائيلي خلال بطولة كأس الملك سلمان للشطرنج، والتي عقدت في ديسمبر من العام الماضي في العاصمة السعودية الرياض.
هوية وطنية
إلا أن تسييس قطر للرياضة ليس بالأمر الجديد، حيث أن الإمارة الخليجية سعت إلى استخدام ما يمكن تسميته بـ"بيزنس" كرة القدم لتحقيق مآربها السياسية منذ أكثر من عقد من الزمان. فقد أنفقت شركة "قطر للاستثمارات الرياضية" أكثر من مليار ونصف دولار منذ عام 2012 للحصول على امتيازات كبيرة، من جراء شراء عدد من أكبر أندية أوروبا، وأبرزهم باريس سان جيرمان، وعقد الصفقات الخيالية، على غرار صفقة نيمار، بالإضافة إلى ما يقارب حوالي ملياري دولار يتم انفاقها حاليا في إطار الاستعداد لتنظيم مونديال 2022.
يرى البرفيسور سيمون تشادويك، والذي يعمل أستاذا بكلية سالفورد للأعمال البريطانية، أن اهتمام قطر بالرياضة يأتي في إطار ترسيخ هوية وطنية للدولة، والتي تبدو حديثة العهد في المجتمع الدولي، حيث تسعى الإمارة الخليجية لجعل الرياضة، وخاصة كرة القدم، بمثابة السمة المميزة لها، على غرار البرازيل، حيث يشعر القطريون أن كرة القدم ربما تضعهم على قدم المساواة مع الدول الأخرى في العالم.
دحض الاتهامات
التحرك القطري في مجال الرياضة يهدف ليس فقط إلى تحقيق النفوذ السياسي، ولكن أيضا دحض الاتهامات التي تلاحقها بدعم الجماعات والتنظيمات الإرهابية في العالم، وذلك من خلال استضافة كبار اللاعبين في العالم، على غرار لاعب فريق برشلونة السابق تشافي هيرنانديز، والذي يلعب حاليا في فريق السد القطري، حيث سعت الإمارة إلى استخدامه لمجابهة الحملة التي أطلقتها الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب، من خلال فيديو مصور للاعب الإسباني، يدعو من خلال لرفع ما أسماه "الحصار" المفروض على قطر.
يقول تشادويك، في تصريحات أبرزها موقع "ذي ميديا لاين" اليوم الاثنين، أن قطر استطاعت استخدام استضافة عدد من النجوم العالميين في عالم كرة القدم لمجابهة أزماتها السياسية، من خلال الترويج الإعلامي لوجود هؤلاء النجوم على أراضيها وبالتالي دحض الاتهامات التي تلاحقها.
اقرأ أيضًا..
بعد شعارات "المقاومة" الزائفة .. "غزة" معبر قطر للتعاون مع إسرائيل