الموقف الأمريكي الحائر من قطر.. انقسام أم ضغط؟
يبدو أن الإدارة الأمريكية تبقى حائرة في التعامل مع الأزمة القطرية، بين حالة من القلق تسيطر على أعضائها من جراء التقارب القطري الإيراني وبالتالي ضرورة فك الارتباط بينهما بإنهاء المقاطعة من جانب، ورؤية الرئيس الأمريكي القائمة على انتهاج سياسة الصبر من أجل فرض مزيد من الضغوط على الإمارة الخليجية حتى تكف عن سياساتها الداعمة للإرهاب من جانب آخر.
هذه الحيرة الأمريكية ربما تنعكس بصورة واضحة على ليس فقط على التصريحات المتضاربة في بعض الأحيان بين الرئيس الأمريكي وبعض مسئولي إدارته، ولكن أيضا على الموقف الأمريكي الذي يبدو فاترا تجاه الأزمة منذ بدايتها
معضلة قطر
الولايات المتحدة مازالت لم تقم سوى بدور محدود لحل الأزمة الخليجية، يتمثل في زيارتي وزير الخارجية الأمريكي ريكس تريلسون، للمنطقة، حيث أعلن في كل مرة أن الأزمة صعبة، بينما لا تلوح في الأفق أية حلول واضحة لها، في حين أنه من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة دعمها لدور الوساطة الذي تلعبه الكويت من أجل إنهاء الأزمة في إطار مجلس التعاون الخليجي.
يقول مساعد وزير الخارجية الأمريكية تيم ليندركينج، في تصريحات صحفية الأيام الماضية، أن الولايات المتحدة ربما لا تملك القيام بدور واضح لإنهاء الأزمة في ضوء حرب التصريحات والإعلام بين قطر ودول التحالف الرباعي العربي، موضحا أن المعضلة الرئيسية التي تقف عائقا أمام أي تطور لحل الأزمة الخليجية يتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف المتخاصمة.
وزير بدرجة مبعوث
إلا أن الموقف الأمريكي يثير العديد من التكهنات حول ما يدور داخل أروقة الإدارة الأمريكية، خاصة بعد إلقاء الكرة في ملعب الكويت، والاكتفاء بدعم الدور الكويتي، حيث يرى قطاع كبير من المتابعين أن الموقف الأمريكي يعكس حالة من الانقسام بين الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته،
من ناحيته، اعتبر الكاتب البحريني عبد الله الجنيد أن جولة ريكس تريلسون لمنطقة الخليج ربما لا تختلف عن أي زيارة أخرى يقوم بها مبعوث دبلوماسي، موضحا أن حتى طريقة استقباله في الرياض أو دعوته لحضور فعاليات مراسم توقيع مجلس التنسيق السعودي العراقي هو رسالة ضمنية مفادها أن مستوى التفاهم القائم بين واشنطن والرياض في شؤون الشرق الأوسط، قد يتجاوز الوزراء في بعض الأحيان، وفي حال تيلرسون قد تضطر العاصمتان إلى تقليص مهامه لرتبة مبعوث.
مزيد من التنازلات
ولكن بالرغم مما يبدو تعارضا بين موقف ترامب، القائم على معاداة إيران باعتبارها القوى الأكبر الداعمة للإرهاب في المنطقة، وبالتالي حلفاءها وعلى رأسهم قطر، من جانب، وموقف تريلسون من الأزمة القطرية، إلا أن هناك من يرى أن الموقف الأمريكي الذي يتسم بقدر كبير من البرود تجاه الأزمة القطرية، هو في ذاته وسيلة للضغط على قطر من أجل الاستجابة للمطالب العربية، دون تدخل أمريكي مباشر، وبدعم من الوسيط الكويتي.
يقول الكاتب الأمريكي ريتشارد مينيتر، في مقال منشور له بمجلة "فوربس" الأمريكية، أن انهاء الأزمة القطرية الآن لا يؤدي لأي تغيير، ولعل ما حدث من قبل في 2014 دليلا دامغا على ذلك، حيث قامت دول الخليج بسحب سفرائها من قطر، ولكن أعادتها بمجرد توقيع قطر على اتفاقية الرياض التي تقوم على توقف الدوحة عن سياساتها، وهو الأمر الذي أعاد قطر إلى سياساتها من جديد، وبالتالي فإن مجرد توقيع اتفاقية وقف تمويل الإرهاب بين قطر والولايات المتحدة ربما ليس كافيا، وبالتالي هناك حاجة لتنازلات أكبر، وهو الهدف الرئيسي من امتناع الطرف الأمريكي عن التدخل في الأزمة الخليجية بشكل مباشر.
إقرأ أيضا
كيف تورطت قطر في دعم الإرهاب لتخريب اليمن؟