بروفايل| هند رستم.. نجمة فضلت "الكلاب" على سحر السينما
هناك بعض الكلمات الثابتة في مخزون المواطن المصري والعربي تجاه بعض نجوم الأبيض والأسود، إذا ذكرت الشقاوة، كانت الإجابة سعاد حسني أو أحمد رمزي، والرزانة صارت متمثلة في عماد حمدي، والقدير محمود يس، أما إذا ذكر الإغراء، فلن تتلعثم عند ذكرها.. "هند رستم".
ما بين الدخول والخروج من الوسط السينمائي، ثلاثة مشاهد تؤكد أن مقارنتها بـ مارلين مونرو ظلمًا، الأخيرة رمزًا للجمال والاغراء، بينما هند رستم تتفوق عليها – فضلاً عن الجمال - بالثقافة والوعي.
البداية / نهار خارجي / فيلم غزل البنات – الخمسينات
إطلالة مميزة لسندريلا الأربعينات ليلى مراد.. وتصوير أغنية "تمخطري وتمايلي يا خيل" يحتاج إلى بعض من المرح والشقاوة.. أنور وجدي أحاط البطلة بصحبة من الجميلات، يتمطين جميعهن الخيل، وعلى يمين ليلى، كومبارس صامت اسمها "هند حسن رستم". وقتئذ لم تكن من معادلات نجاح المشهد، لكن بعد سنوات أصبحت المعادلة: "دموع نجيب الريحاني.. وأغنية محمد عبد الوهاب.. وأناقة يوسف وهبي.. وشقاوة ليلى مراد.. وشباب أنور وجدي.. ثم هند رستم كومبارس صامت".
وسط / نهار داخلي/ شارع قصر النيل – الستينات
تدخل النجمة هند رستم إحدى المحلات الشهيرة، ومن وراءها أعين الباعة تلاحقها، وفتاة صغيرة تتبع خطاها، وفي غفلة من نجمة الإغراء، تبدأ المعجبة الصغيرة في لمس رداء نجمتها المفضلة، كأنها تتملس بعض من سحر الفن والسينما والاغراء، وتمر السنوات وتصبح تلك الفتاة نجمة مصر الأولى "نبيلة عبيد"، التي رأت يومًا حلمًا متجسدًا سكن خيالها دومًا اسمه "هند رستم".
نهاية / نهار داخلي/ البلاتوه -السبعينات
تجلس هند رستم أمام الإعلامي وجدي الحكيم، ورثاءها على ما وصلت إليه السينما المصرية يظهر عبر ميكروفون الإذاعة، أصبحت تشعر بـ "القرف" – وفق قولها – عندما تدخل بلاتوه التصوير، وتجد أن الوسط صار "سايح على بعضه"، التصوير الخارجي في الشارع، آنذاك كان أمرًا مستحدثًا، وبالرغم من موافقتها – دون ترحيب - على مجاراة تغير معالم السينما التي اعتمدت على "العُري" في تلك المرحلة، إلا إنها لم تقتنع بالألفاظ الخارجة في الأفلام، وكانت ترى أن السينما تهدف إلى التهذيب.
كما لم تستسغ التصوير خارج البلاتوه، جرت العادة وجود غرفة خاصة للنجمة، وهند شعرت أن التصوير في الشارع سيجعل منها "قردًا" في جبلاية. لذا لم يعد من الاعتزال مفر.. خرجت من البلاتوه ولم تعد بعد 123 فيلم؛ حفاظًا على هالة النجومية.
الابتعاد عن صخب الوسط الفني كان قرارًا نبع من ذاتها، هند رستم التي ملأت شاشات السينما شقاوة ودلع، لم تختر الاندماج الزائد مع زميلاتها، لذا لم يكن مستغربًا أن تجهل أين تقطن ماجدة الصباحي، ولم تدون في مفكرتها الخاصة رقم الفنانة شادية.
في المقابل كانت تفضل تربية الكلاب، كانت ترى في هذا الحيوان وفاءًا لم تجده في البشر، لدرجة جعلتها تأخذ مهدئات لمدة شهرين؛ حزنًا على وفاة أحد كلابها. وعندما سألها الحكيم: "أيهما ستحزن أكتر، السينما أم كلبها الميت؟"، كانت اجابتها قاطعة "كلبي الوفي".
"لن يأتي من بعدي من يقدم الاغراء مثلي"، هكذا رأت هند رستم، مكانها من تلك الأدوار، نافية أن تكون قدمت عُري في أفلامها، لذا لم تجد في مقص الرقيب مسببًا للرعب، لأنها كانت ترى أن الفنان الذي يحترم نفسه هو الرقابة نفسها.