التوقيت الأحد، 02 فبراير 2025
التوقيت 02:48 م , بتوقيت القاهرة

صورة بروفايل خالد أبو النجا.. وحرية الغثيان

(1)
على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قام الممثل خالد أبو النجا بتغيير صورة البروفايل واضعًا وجهه على خلفية شفافة لشكل قوس قزح بذات تركيب العلم المتعارف عليه للمثليين وللحركات المثلية حول العالم. والمثلية لمن لا يعرف هو الاسم المتداول حديثاً للميول العاطفية المتجهة لذات الجنس، وهو ما درج على تسميته في منطقتنا العربية عبر التاريخ بالـ(شذوذ).


(2)


مبدئياً رأي الممثل المذكور هو أمر يخصه وحده. واختيار الشخص لصورة ما تعبر عنه هو رضا حر منه عن التوجه الذي تمثله هذه الصورة. ومسؤوليته وقدرته على الدفاع عن هذه الفكرة أو ذلك المبدأ. فهناك من يرفع إشارة رابعة وهناك من يحتفي بيناير وهناك من يضع صورة السيسي أو صور لجنود أو علم مصر أو حماس.. وهكذا. كل منهم نعرف من مجرد الصورة شيئاً عما يقتنعون به. نعم لا شأن لك بالحكم على الشخص لكن من حقك لو أردت أن تناقش الفكرة وتنتقدها بل وتسفهها أحيانا. ولكن بما لا يتجاوز إلى السب أو التطاول أو التحريض. فهو حر في رأيه وأنت ( وأنا ) أحرار أيضًا.


(3)


هل لي أن أبحث رأي الدين ؟


بهذا نضيع الوقت في تعريف المعرف. فليس من الجديد أن أتحدث عن الرأي الديني الحاسم والقاطع الذي يحرم العلاقة المثلية. فضلاً عن استكمال رأيي الديني (الخاص) والمستمر بأن الفعل وإن كان حراماً بالقطع فعقابه عند الله وليس عند البشر طالما لم يؤثر على غير فاعله ولم يعلن عنه لإشاعته بين الناس. أما فقه الانتقام المريض فلا شأن لعقيدتي التي سأقابل بها الله به. أو بما يقوله أي أحد غيري مهما أُسبلت عليه الألقاب التقيدسية.


(4)


شجاعة !


عندما وضع الممثل تلك الصورة.. اعتبره البعض شخصًا مستفزًا لا يستتر إذا ابتلي عقله بفكرة يؤيدها، بينما يرفضها غالبية المجتمع المحيط ولهذا علق البعض على صفحته بما لا يليق ولا يصح. بينما جنح آخرون لاعتباره شجاعاً وبطلاً و صلباً في الدفاع عما يؤمن به ويراه صواباً . وأنا لست مع هؤلاء أو أولَئك . فالأولون تستفزهم كل الأشياء دون لحظة تفكير . ولا يواجهون مخاوفهم بالمعرفة والنقاش.. بل بالسباب. ومن وصفوه بالشجاعة.. فتلك لا أظنها صفة ملائمة . إذ وفي هذا الموضوع ذاته كتب كثيرون بدقة أكثر وجرأة كاملة صادمة بحق. أما مجرد وضع صورة دون إعلان واضح وصريح ومواجهة مباشرة فليس أكثر من ( شو) واستعراض. يمكن التراجع عنه أو التهرب منه لو اشتد الهجوم .


(5)


المثلية ذاتها .


أما عن المثلية الجنسية ذاتها فلست متخصصاً ولا دارساً معتمداً لأفتي فيها كما يجرؤ بعض المهرجين و الأدعياء. ربما أعرف ما يقول البعض من أنها تكوينٌ طبيعيٌ جينيٌ يولد المرء به. وعلى هذا يرد آخرون بإمكانية اعتبارها عيباً خلقياً يستوجب التدخل الطبي لعلاجه مثلها مثل ثقب القلب الذي يولد به أحياناً. ولو قال الأولون إن المثلية لا تهدد حياة الفرد ويجب احترامها باعتبارها طبيعة ولد بها وعدم التدخل الطبي فيها بالتغيير. فهؤلاء نرجو منهم مراجعة رأيهم فيما يتعلق بعمليات تجميل الأنف وشد الجفون. فإن كانوا لا يرون غضاضة في التدخل الجراحي فيها (رغم أنها طبيعة ولد بها الفرد أيضا ولا تهدد حياته!!). منها فمن باب أولى أن يتدخل الطب في محاولة اعادة الذكورة أو الأنوثة اللذان يتكاملان بيولوجياً وتشريحياً بما يؤهل علاقتهما الخالدة لإنتاج الحياة ذاتها.


ولو تساءل بعض الظرفاء (لماذا نقف عائقاً أمام مشاعر وعواطف بعض الناس لمجرد أنها تختلف عنا أوعما تعودنا عليه ؟؟). ورغم كون هذا الرأي غير جدير بالجدية أصلاً..  فأذكرهم ونفسي بأن هناك مشاعر تتولد عن البعض نحو محارمهم ( الأب تجاه ابنته والابن تجاه أمه مثلاً)، فهل علينا لا فض فوكم ألا نقف أمام هذه ال(مشاعر)!! هل المطلوب منا أن نبتسم لها ونعتبرها مجرد عاطفة مختلفة؟ أو نصفق لمن يريد أن يقنن وضعها.


بالله عليكم اجلسوا في أي جانب فأنتم تشوهون المحاولات الوليدة والجادة نحو احترام الحريات السياسية والفكرية والاقتصادية بنزقكم ورغبتكم في الصدام بلا جدوى اللهم إلا الخسارة المؤكدة.


(6)


قانوناً


في الدولة الحديثة - أو التي يجب أن تسعى للحداثة كفرض عين للبقاء- السيادة للقانون وحده لا سواه . ومن له رأي ديني أو عرقي أو مذهبي أو شخصي يحرم أو يرفض أويجرم فعلاً أو قولاً يجب أن يدرك أنه مجرد رأي لا مردود واقعي له ولا يجب أن يكون .لأن التأثير الحقيقي الوحيد و التقييم العملي المعتبر للأفعال هو مدي قانونيتها ولا شيء آخر.


وبما أن القانون المصري لا يجرم المثلية الجنسية صراحة في أي نص له. فإن إعلان التضامن معها هو أمر قانوني أيضاً . بينما السلطات القضائية المصرية ( تطبيقياً ) درجت على التعامل مع المثلية ( اللواط ) على أساس أنها معرفة في القانون بكلمة الفجور . لكن شروط التحريض عليه لا تنطبق على ما نتحدث عنه هنا.


(7)


الليبرالية .
هل انتصرت الليبرالية في مصر في ترسيخ دعائمها الجادة وأثبتت نجاحات حقيقية لحياة المصريين لدرجة أن ينبري كثير من الداعين المعتبرين لها لمناقشة تفصيلة ثانوية تافهة مثل حق المثليين ؟ ألا يعلمون أن هناك لغطا كبيرا وجادا في المجتمع الأمريكي نفسه (كمثال طازج )  حول تقنين زواج المثليين؟ هل يعلم ليبراليونا إلى أي حد تخسر دعوتهم  لمجرد رغبتهم السخيفة في تصفيق جوقة المريدين التي لا تتعدى المئات؟


أنتم أحرار في أن تؤيدوا حقوق المثليين.. لكنني أرى أنكم تضعفون أي جبهة بمجرد وجودكم داخلها .


(8)


الخلاصة


رأيي الديني الذي يحرم العلاقة المثلية ورأيي الشخصي الذي يرتاح لاعتبارها مرض عضوي أو نفسي و سلوكي يجب علاجه هو رأي حر من حقي أن أعبر  عنه و أنتصر له مثلما من حقك أن تنقضه .


ولو كان لأحد الحق في أن يكون مثلياً .. فإن لي ولغيري الحق في ذات اللحظة أن نشعر بالغثيان. ( والغثيان لمن لا يعرف هو شعور جارف بالرغبة في القيء يحدث كثيراً عندما يرى الإنسان ما تعافه نفسه أو يشمئز منه).