التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 06:32 ص , بتوقيت القاهرة

Unthinkable - هل نحارب الوحشية والإرهاب بوحشية مضادة؟

هجمات إرهابية عنيفة عديدة هذا الأسبوع، عصفت بالشرق الأوسط، وبمصر بالأخص، واستدعت مواجهات أمنية شرسة. وكعادة هذه المواقف والصراعات عادت المُعضلة الكلاسيكية إلى الظهور:


ما حدود ممارسة العنف ضد خصم لا يضع لنفسه حدود في العنف؟.. ما حدود الدم ضد عدو لا يبالي بإرهاقه بحيرات؟.. هل الصواب أن نلتزم بأخلاقيات لا يلتزم بها العدو، فنصبح كملاكم لا يوجه ضرباته تحت الحزام، مع خصم لا يلزم نفسه نهائيا بنفس القاعدة؟.. أم الأصوب أن نحارب بنفس القواعد التي اختارها؟


الإجابات عديدة. نتوقف قليلا اليوم مع فيلم Unthinkable 2010 أو "ما لا يمكن تصوره" للمخرج جريجور جوردان، الذي مر مرور الكرام وقت عرضه، ويطرح تقريبا نفس الأسئلة.



ستيف أرثر (مايكل شين) مواطن أمريكي مسلم، قرر وضع 3 قنابل نووية في أماكن مختلفة داخل أمريكا، استعدادا لتفجيرات مهولة خلال أيام. الآن هو في قبضة العدالة، والخيط الوحيد للوصول إلى القنابل هو أن يعترف بمكانها. 


السلطات الأمريكية تخصص اثنين للمهمة. الأول هنري (صامويل ل جاكسون)، المختص بانتزاع الاعترافات وعمليات التعذيب السرية، بعيدا عن أعين القانون والمنظمات الحقوقية. هنري شخص متصالح مع عمله، يؤمن أن قانون البشر المسالمين عاجز عن حماية البشر المسالمين. وأن نقطة الضعف بخصوص الإرهاب، ليست في وجود الإرهابيين بقدر ما هي في وجود المتخاذلين الرافضين للعنف والدم والإرهاب، كسلاح إجباري لهزيمة الإرهاب.



الثاني هيلين (كاري آن موس). مُحققة تؤمن بالقانون والدستور، وترى التعذيب جريمة لا يمكن قبولها تحت أي مبرر. 


الوقت يمر وساعة الصفر تقترب، والكل تدريجيا يبدأ في التفكير جديا في أي اختيارات تعني النجاة.


السيناريست بيتر وودوارد رسم الشخصيات الثلاثة جيدا، وفاز الفيلم باختيارات تمثيلية مناسبة لها، وإن كانت كاري آن موس أقل من زميليها. مايكل شين تحديدا اختيار موفق جدا، ونجح في تقديم الشخصية في إطارها المطلوب لتفعيل المعضلة الأخلاقية. بشكل ما هو وحش لا يتراجع عن مهمته الدموية، وفي نفس الوقت يبدو أحيانا كشخص مسكين بائس لا يختلف عن آلاف البشر التي تقابلها يوميا.



الدور هو الأفضل تقريبا في تاريخه الفني، بعد أدائه الممتاز في فيلم Frost/Nixon 2008 للمخرج رون هوارد. ومن المؤسف أن هوليوود لم تستفد منه كثيرا بعد، وأنه استهلك موهبته لسنوات وسنوات في أدوار متواضعة، كان من ضمنها ظهوره المتكرر في سلاسل من نوعية The Twilight - Underworld وأدواره الصغيرة الهامشية التي كان آخرها في Kill the Messenger.


اقرأ أيضا: حطَّم القصة بذبح رسولها في Kill the Messenger


في المقابل لم ينجح السيناريو ككل، في تقديم إطار مقنع لطريقة تعامل السلطات مع تهديدات بهذا الحجم. وتسير الأحداث أحيانا بشكل ضيق التأثير وفاتر، كما لو كان التهديد يتعلق بجرائم قتل تقليدية، أو أن تواجد تهديد نووي حدث اعتيادي غير استثنائي للدرجة.



رغم هذه العيوب يشفع للفيلم في النهاية، نجاحه في تفعيل المعضلة الأخلاقية وإثارة فكر المتفرج ليجد نفسه في النهاية مُطالب بإجابة السؤال الرئيسي تماما كأبطال الفيلم:


هل يجوز/ يجب أن تتحول لوحش دموي لتوقف الوحوش الآخرين عن إتمام جرائمهم؟


السؤال جيد فكريا، وشبه إجباري حاليا بالنسبة لسكان الشرق الأوسط. والملاحظ أنه لم يوجد في الفيلم النموذج البائس الذي يترك الأخطار والأهوال، ويتفرغ لتبرير أفعال الوحوش. ربما لأنه نموذج أكثر سذاجة من أن يتخيله سيناريست أمريكي!


المعضلة الحالية في الشرق الأوسط، ليست في تحديد طريقة التعامل الملائمة مع الوحوش، بل هي وللأسف أن البعض لم يعرف بعد، من هو الوحش الحقيقي الذي ينبغي إيقافه!



باختصار:
فيلم مهم بسيناريو جيد يطرح معضلات وأسئلة واقعية حادة على المتفرج بخصوص الإرهاب، تُجبر أي عقل على تجاوز مراحل المراهقة الفكرية، بمنظورها الطفولي (الأبيض - الأسود). مع أداء ممتاز من مايكل شين - صامويل ل جاكسون.


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك