التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:38 م , بتوقيت القاهرة

على الأصل دور

لتحكم على أي شخص جيدًا ابحث عن الأصل والتربية والبيت الذي خرج منه هذا الشخص لا عن انتمائه السياسي، والأصل غير مرهون بالمال، فكم من أناس خلوقة وبيوت محترمة لا تملك من المال الكثير لكن تعرف معنى التربية والأصول وسلوك التعامل جيدًا، فلا نعني بالأصل أن تكون سليل العائلة العلوية مثلاً ولكن الأصل سمعة وسلوك، ولفظ "أباً عن جداً"، هذا هو الأصل الكريم وعلى رأي المثل "اللي عنده أصل أحسن من اللي معندوش".


لم يكن يومًا التوجه السياسي معيارًا للحكم على الأشخاص بل هي بدعة ابتدعتموها منذ الخامس والعشرين من يناير، فتقسيمات المجتع التي قسمتموها وقطعتم بها أوصال المجتمع من فلول وإخوان وثورجية وسلف وعلمانيين، جميعها فيها الصالح والطالح كلٌ له وجهة نظره سواء بحسن نية أو سوء نية أو مضحوك عليهم، ولكنها وجهة نظر تعاملهم مع هذا الانتماء يرجع لأصلهم وتربيتهم.


هناك الكثير ممن أسميتموهم الفلول أصل وأدب وأخلاق وتربية، لم يستفيدوا من نظام سابق ولا ناقة لهم ولا جمل في نظام حالي، لكن لهم رؤية سياسية بما كان الأفضل لوطنهم و طرق التغيير ورفضهم للفوضى الخلاقة، إنها وجهة نظر قد تختلف أو تتفق معها ولكنها تحترم ولا تنتقص من أصلهم في شيء وإلا فأين الحريات !!


الثورجية الذين شوهت صورتهم من الغير أو حتى بأيديهم هم، كان منهم شخصيات محترمة أيضاً لم تسع لمصلحة لها، فلم يحركها سوى خوفها على البلد من تفشي الفقر والفساد وكان حلمهم حياة أفضل للشعب المصري، بل أن منهم من أصيب في الأحداث ولم يتاجروا بإصاباتهم ويتباكون في الصحف والإعلام وتعالجوا على حسابهم الشخصي بره و جوه مصر حتى نفذت أموالهم، ولم يستطيعوا إكمال العلاج، وأبى كبرياؤهم أن يطلبوا مقابل أو تكملة للعلاج، طبعًا وجهة نظر تحترم في حب الوطن أيا كانت تبعاتها و لا ينتقص من أصلهم شيئا .


حتى الإخوان أنفسهم مع فرق النسبة والتناسب، إلا أنه كان منهم الصالح أيضًا وعائلات طيبة كريمة على قدر من الالتزام والتدين ظنوا في ظل الفساد السياسي أن الإسلام هو الحل، لا يعيبهم حبهم لدينهم ولا ضحك الجماعة عليهم، بل وعمل غسيل مخ ليهم باسم الدين ما داموا نابذين للعنف وكارهين للإرهاب، بل أن منهم من انسحب بعد أن تكشّفت الحقائق وسقطت الأقنعة وعلموا أن الجماعة ما أرادت يوما نصرة الدين بل أن الإسلام منهم براء وأن كل ما يعنيهم الحكم والسلطة والمصالح، وأيضاً لا ينتقص توجههم الديني من أصلهم في شيء.


كما وجدنا فيمن سبق الصالح ووجدنا فيهم الطالح أيضًا وأبناء متسخة ولا علاقة للتوجه السياسي في ذلك، فهو حرية شخصية لا تستدعي خلافنا لو أردنا تحضراً ولكن "الرك" على الأصل، المشكلة كل المشكلة على أصحاب الأصل الرديء وعديمي التربية والأخلاق، كل توجه فيه المستفيدين وأصحاب المصالح والمنافقين وتابعي الموجة الرائجة حسب ما تودي الريح و أصحاب السبوبة الذين أتى لهم المال بعد جوع ربنا يكفيك شر الشبع بعد جوع فلا خير فيهم إلى يوم الدين، كل فصيل وتوجه سياسي يحتوي على نكرة راغبي شهرة فلا صيت لهم من قبل فصار توجههم السياسي، يوفر لهم تسليط الأضواء أو حتى شهرة في السوشيال ميديا وتعويض نقص الواقعي في الافتراضي عل و عسى يخرج من الافتراضي للواقعي وتضرب معاه.


مكسب مادي أو شهرة أو أيًا كانت المصلحة يبدأ السلوك واللسان يترجم هذا الدنو من الأخلاق والتربية وقلة الأصل لأفظع الشتائم والكلام البذيء والسلوك المشين وطبعا لا علاقة لذلك بقضيته أو توجهه السياسي، ولكن فتش عن الأصل الواطي والتربية والبيت الذي خرج منه علينا وابتلينا به.


أنت أنت بتربيتك بأخلاقك بعائلتك بسلوكك بلسانك مهما كان فصيلك السياسي أو توجهك، ابحث في البيوت التي أخرجت هذه الأشكال جيدًا، فالبيت والأسرة هو الدائرة الأولى والأهم من دوائر تنشئة الفرد وهي التي تغرس لديه المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر مؤسسات المجتمع، وإلا ما كان ظهر علينا هذا الكائن الحي وهو أقل من أن يذكر اسمه في مقال نراه ساجداً على الأراضي الأمريكية ملهوفًا على البيتزا والدونتس أنت سافرت أمريكا ولا عملت عملية اللوز!!


 أتفهم جيدًا أن يعاني المرء في وطنه ويشعر بالمرار والاضطهاد فيتركه حزينًا ويعيش في بلد آخر مضطرا، لكن المتربي الأصيل لا يرتمي سعيدًا في حضن وطن آخر كمن ترك حضن أمه وارتمى في حضن العاهرات.. صحيح على الأصل دور.