ألف مشهد ومشهد (35)
فتوح نشاطي، أو الأستاذ "برافو"، واحد من فنانين الجيل الأول لـ التمثيل، بـ الذات المسرح، وفاكر إني قريت مقال لـ سمير العصفوري عن فتوح نشاطي، وازاي إن سمير كان بـ يحلم وهو صغير يكبر ويبقى زي الأستاذ فتوح، زيه في إيه؟
في إنه يبقى ساكن في المسرح، لا يمكن تروح في أي ساعة من اليوم، في أي يوم من الأسبوع، في أي شهر من السنة، وما تلاقيش الأستاذ فتوح في المسرح، يا إما بـ يقرا أو بـ يترجم مراجع، أو بـ يسجل ملاحظاته على مشاهد، أو بـ يخرج مسرحية. وكان كل ما يشوف مشهد يعجبه، أو يقرا حاجة يتأثر بيها، يقول لك: برافو، فـ سموه الأستاذ برافو.
وبـ يحكي سمير عن "شنطة فتوح"، اللي خرجت أجيال من معهد التمثيل، لأن نشاطي كان عنده شنطة، فيها أهم مشاهد المسرح العالمي، شنطة مليانة ولا شنطة حمزة، كان ييجي بيها لـ الطلاب في معهد التمثيل، والطلبة يقعدوا يستنوه:
أستاذ برافو جاب الشنطة؟
لسه
طيب
وأول ما ييجي يحط شنطته على المكتب ويسيبها ويخرج، والطلاب يقعدوا يفتشوا فيها، وكل واحد لابد هـ يلاقي فيها المشهد اللي بـ يحلم يأديه، وعلى هوامشه ملاحظات وتوجيهات الأستاذ برافو، فـ يتحول المشهد لـ مشروع تخرج الطالب.
سمير نفسه، قعد يفتش في الشنطة ع المشهد بتاعه، ما لقهوش، فـ راح للأستاذ برافو
أنا مالقيتش نفسي في الشنطة يا أستاذ
طيب.. هـ اتقدم إيه؟
حاجة عن نابليون
النسر الصغير، برافو، موجودة
لأ، رجل الأقدار لـ برنارد شو
بونابرت، برافو، شد حيلك. هـ تلاقيه في الجيب الثاني في الشنطة.
مكنش ممكن مشهد ما يبقاش في الشنطة.
لولا كام دور عملهم نشاطي في السينما، مكناش يمكن سمعنا عنه، زي كتير غيره، وعموما الأدوار دي ما خليتوش مشهور يعني، لكنه معروف شكلا، والسبب في المعرفة البسيطة دي دوره في "شارع الحب"، بروفيسور عزيز.
وأشهر مشهد لـ بروفيسور عزيز، لما راح يسأل عن عبد المنعم، فـ قابل مختار صالح (حسين رياض) وهو المفروض مشهد تراجيدي مؤثر، بس عن نفسي بـ أستقبله كـ مشهد كوميدي، أداء نشاطي المتأثر بـ شغله في فرقة يوسف وهبي، وأداء حسين رياض، والحوار المكتوب بـ يسببوا لي كريزة ضحك.
يعني مثلا لما عزيز يقول لـ مختار: "أنا مقدر شعورك لـ إن دي عقدة عمرك"، أو لما مختار يقتنع، ويغير وجهة نظره، ويتخلى عن رفضه ارتباط منعم بـ كريمة، ويبدأ يتبنى العلاقة ورعايتها. مفيش حاجة كده، مفيش أي منطق، بس برضه الواحد بـ يحب الحاجات الساذجة دي، يا أخي فيها سحر كبير.
وزي ما شنطة فتوح كان ليها دور في الحياة، كان ليها دور في الفيلم، لأنها هي اللي خلقت السسبنس في آخر الفيلم، لما رشدي الوسخ سقاه المنوم، وسرق من شنطته نوتة الغنوة، هي اللي خلت فيه فرصة لـ المشهد اللي فرقة حسب الله بـ تعطل مديرة المسرح، لـ حد ما نوصل لـ اليأس، فـ يظهر حسين رياض على حصانه الأبيض، حالق دقنه، ولابس بدلة المايسترو، (كريمة راحت له، فـ روح البيت، وحلق دقنه، واشترى بدلة على مقاسه، ولبسها، وقدر يروح المسرح في تلت ساعة) وراح قال جملته الخالدة: إنت اللي هـ تغني يا منعم، مع مونولوج مؤثر، من نوعية "الدمعة فرت من عيني".
وتبدأ الغنوة، اللي ليها كلام وحده ضروري، بس بكرة بقى.