التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 11:58 م , بتوقيت القاهرة

الأزهر.. تاريخ من المعارك والبحث عن السيطرة

تعد مؤسسة الأزهر من المؤسسات العالمية الأكبر في العالم، وثالث أقدم جامعة في العالم بعد "الزيتونة" و"القرويين"، فهي المؤسسة الوحيدة التي ترعى الفكر المعتدل، وتعمل على تجديد الفكر الديني.


وخاض الأزهر على مدار التاريخ الكثير من المعارك ضد الدعوات المتطرفة والإلحاد والأفكار التي تدعو إلى التشدد والعنف، آخرها قضية تجديد الخطاب الديني، لكن السؤال المنطقي هنا: "هل الأزهر الشريف مؤثر أم لا؟".


"دوت مصر" يعرض لك موقف الأزهر الشريف من بعض الشخصيات التي أثارت جدلا بتصريحاتها، آخرهم الباحث في الشؤون الإسلامية إسلام بحيري.


تكفير فرج فودة



أثارت كتابات الدكتور فرج فودة، الكاتب والمفكر العلماني، جدلا كبيرا فى السبعينيات والثمانينيات، حتى اغتياله على يد الجامعة الإسلامية في 8 يوينو 1992.


شكلت كتابات فودة مادة للجدل بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين ومؤسسة الأزهر بشكل خاص، وكانت آراءه تدور حول ضرورة فصل الدين عن السياسة والدولة، وليس عن المجتمع.


شن الأزهر حملة قوية ضد فودة وأفكاره في ذلك الوقت، وفي 1992، نشرت جريدة "النور الإسلامية" بيانا من ندوة علماء الأزهر، ينص على تكفير فرج فودة، ويدعو لجنة شؤون الأحزاب لعدم الموافقة على إنشاء حزبه "المستقبل".


وبعد أسابيع من اغتياله، ألّف الدكتور عبدالغفار عزيز، رئيس ندوة علماء الأزهر، كتابا بعنوان "من قتل فرج فودة؟"، وكانت خاتمة الكتاب: "فرج فودة هو الذي قتل فرج فودة، والدولة قد سهلت له عملية الانتحار، وشجعه عليها المشرفون على مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار، وساعده أيضا من نفخ فيه، وقال له أنت أجرأ الكتاب وأقدرهم على التنوير والإصلاح".


"أولاد حارتنا" وتكفير نجيب محفوظ



أثارت رواية "أولاد حارتنا" جدلا واسعا منذ نشرها في سلسلة على صفحات جريدة "الأهرام"، وصدرت لأول مرة في كتاب عن دار "الآداب" ببيروت عام 1962، ولم يتم نشرها في مصر حتى أواخر عام 2006 عن دار "الشروق".


ومع نشر الرواية فى جريدة "الأهرام"، هاجم شيوخ الأزهر نجيب محفوظ، وطالبوا بوقف نشر الرواية، وتم تكفيره واتهامه بالإلحاد والزندقة، والخروج عن الملة.



وكانت كلمات الشيخ عمر عبدالرحمن، بعد نشر "رواية آيات شيطانية" لـ"سلمان رشدي"، أحد الأسباب التي روجت للدعوة لاغتيال "محفوظ"، حيث قال: "أما من ناحية الحكم الإسلامي فسلمان رشدي الكاتب الهندي صاحب آيات شيطانية، ومثله نجيب محفوظ مؤلف أولاد حارتنا، مرتدان وكل مرتد وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء، فلابد أن يقتل، ولو كنا قتلنا نجيب محفوظ، ما كان قد ظهر سلمان رشدي".



مصطفى محمود ومحاكمته



تعرض الكاتب مصطفى محمود، الذي ألف 89 كتابا، منها العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، لأزمات فكرية كثيرة، أولها عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه "الله والإنسان"، حيث طالب الرئيس جمال عبدالناصر بتقديم "محمود" للمحاكمة، بناء على طلب الأزهر، باعتبارها قضية كفر، لكن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب. بعد ذلك أبلغ الرئيس السادات، مصطفى محمود، بأنه معجب بالكتاب، وقرر طبعه مرة أخرى.



وخاض مصطفى محمود معارك كثيرة وصداما مع الأزهر الشريف وشيوخه، بسبب بعض الآراء التي كان يتبناها، وتتعارض مع أفكار الأزهر.


طه حسين وكتاب "في الشعر الجاهلي"



عام 1926، ألف طه حسين كتابه المثير للجدل "في الشعر الجاهلي"، وعمل فيه بمبدأ "ديكارت"، وخلص في استنتاجاته وتحليلاته إلى أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين.


تصدى له في ذلك الوقت العديد من علماء الفلسفة واللغة منهم مصطفى صادق الرافعي، الخضر حسين، محمد لطفي جمعة، الشيخ محمد الخضري، محمود محمد شاكر.


كما قاضى عدد من علماء الأزهر طه حسين، لكن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن، وتم تعديل الكتاب وحذف منه المقاطع الأربعة، التي أخذت عليه.



وكتب الشيخ عبدربه مفتاح، أحد علماء الأزهر، فى مقاله مجلة "الكواكب" آنذاك، وخاطب فيها طه حسين: "وكيف تزعم أيها الدكتور أن بعض العلماء أثار هذا الأمر، أمر كفرك وها أنا ذا أصرّح لك والتبعة في ذلك عليّ وحدي، بأن العلماء أجمعين وعلى بكرة أبيهم يحكمون عليك بالكفر.. وبالكفر الصريح الذي لا تأويل فيه ولا تجوّز، وأتحداك وأطلب منك بإلحاح أو رجاء أن تدلني على واحد منهم وواحد فقط، يحكم عليك بالفسوق والعصيان دون الكفر، أجل إني وأنا ومن بينهم أتهمك بالكفر وأتحمل تبعة هذا الاتهام، وعليك تبرئة نفسك من هذا الاتهام الشائن، والمطالبة بما لك من حقوق نحوي".


إسلام بحيري وازدراء الأديان



لعل أبرز تطورات المشهد، إصدار محكمة جنح مصر القديمة برئاسة المستشار محمد السحيمي، حكما بالسجن 5 سنوات لإسلام بحيري مع الشغل والنفاذ، لاتهامه بازدراء الأديان، وذلك بعد أن طالب الأزهر بوقف برنامجه لأفكاره الهدامة. وذلك بعد توجيه إنذار من الأزهر بوقف برنامجه، لانتهاكه الدين الإسلامي.


إسلام بحيري، مقدم برنامج "مع إسلام بحيري"، على قناة "القاهرة والناس"، رد بأن برنامجه يهدف لتقديم نظرة مخالفة للتراث الإسلامي المنقول، بعيدا عن المسلمات الموروثة. وأثار البرنامج جدلا كبيرا في الأوساط الدينية والثقافية، بسبب أفكاره. 


بحيري باحث ومفكر مصري، حاصل على درجة الدكتوراه من بريطانيا في تجديد مناهج الفكر الإسلامي، ومن أبرز الموضوعات التي  أثارت جدلا، بحث "زواج النبي محمد من عائشة في الثامنة عشر من عمرها.. أكذوبة".