التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:49 ص , بتوقيت القاهرة

شارع النبي دانيال.. مجمع أديان الإسكندرية وحج المثقفين

شارع النبي دانيال، هو أحد الشوارع التاريخية العريقة بمدينة الإسكندرية، إذا سرت قليلا بين مبانيه العتيقة لأدركت كيف كانت الحياة في هذه المدينة قديما، حيث تمتزج أصوات أجراس الكنائس بالآذان بالتراتيل العبرية، شاهدين على حضارة مصر التعددية بين كافة طوائفها المختلفة.



من هو النبي دانيال؟


هو أحد أنبياء بني إسرائيل في اليهودية، ونفس الشخص في العهد القديم بالمسيحية، وُلد في أورشليم وأُتي به إلى بابل سنة 605 قبل الميلاد، بأمر الملك نبوخذ نصر، فتعلم هناك لغة بابل "الكلدنية" ورُشح إلى الخدمة بالقصر الملكي، وبعد 3 سنوات من التعلم اشتهر دانيال بعلمه وحكمته، ففسر حلمًا للملك نبوخذ نصر كان قد أقلقه، فساعده دانيال على كيفيه تجنب المخاطر التي تهدد حكمه.


خصص له نبوخذ نصر مكافأة على هذه الخدمة، فنصبه رئيسًا على جميع حكماء بابل، وفي هذا المنصب اشتهر بين أهل جيله بالكفاءة والحكمة في حل الأمور


وفي عهد داريوس المادي، تم تنصيب دانيال أول الوزراء الثلاثة في دولة مادي وفارس، فشعر البعض بالغيرة والحقد فقاموا بخطة للانتقام منه، فقد جعلوا داريوس يصدر أمرًا بمقتضاه أن لا تقدم صلاة إلا للملك لمدة 30 يومًا، وإلا سيلقى المخالف لذلك في جُب مليء بالأسود، ولكن دانيال لم ينقطع عن الصلاة ولذلك طُرح بين الأسود، ولم تهاجمه، بل مكث بينها في سلام، ولم يصاب بأي أذى، وكانت تلك معجزته.


وقد كتاب النبي دانيال السفر المعروف باسمه سفر دانيال، ويُحتفل بعيد نياحته في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 23 برمهات من السنة القبطي.


جولة في شارع النبي دانيال


المعبد اليهودى "الياهو هانبي"



يعود بناء معبد "الياهو هانبي" الموجود بشارع النبي دانيال إلى القرن 19، ويعتبر من أقدم المعابد اليهودية في مصر، حيث كان يحتضن الجالية اليهودية التي وصلت في مطلع القرن الماضي إلى أكثر من 40 ألف يهودي، وبداخل المعبد توجد مكتبة أثارية قيمة تحتوي على أكثر من 50 نسخة قديمة من التوراة، ومجموعة من الكتب والمخطوطات اليهودية التي يعود تاريخها إلى القرن 15.


وقد اعتادت الطائفة اليهودية في الإسكندرية، أيام الرئيس الأسبق مبارك، الاحتفال بعيد الغفران في معبد الياهو هانبي، وبالرغم أن عدد الطائفة لا يزيد عن 25 شخص إلا أنه كانت تأتي جموع اليهود من جميع أنحاء العالم وخاصة من فرنسا للاحتفال بعيد الغفران في معبد الياهو، التي تصل إلى أكثر من 5000 يهودي من جميع أنحاء العالم.


وفي عام 2012، أبلغت السلطات الأمنية بمحافظة الإسكندرية الجالية اليهودية بإلغاء شعائر الاحتفال بعيد الغفران، بسبب الظروف الأمنية التي تجعل تأمين أكثر من 5000 يهودي وافدين من جميع انحاء العالم للأحتفال أمرا صعبا في تلك الظروف.


الكنيسة المرقسية



تعد الكنيسة المرقسية المطلة على شارع النبي دانيال هي أقدم كنيسة في مصر وفي قارة إفريقيا، حيث يرجع بناء الكنيسة إلى عام 62 ميلاديا، مع دخول المسيحية إلى مصر، وكانت مقرا لبطريرك الكنيسة منذ أن جاء القديس مرقس ورشم إنيانوس الإسكافي ثاني بطريرك على مصر من بعد مار مرقس.


واستمرت مقرا للكرسي البابوي لمدة ألف عام، ثم انتقل المقر إلى أرض الأنبا رويس بالعباسية، ويُعتقد أن المكان الموجودة فيه الكنيسة المرقسية هو نفسه بيت إنيانوس الإسكافي وهو أول من اعتنق المسيحية هو وأسرته على يد القديس مرقس، وتم تعميده هو وأهله وتحول بيته إلى كنيسة، وفي عام 68 ميلاديا توفى القديس مرقس، ودُفن بها، كما دفن بالكنيسة 47 من بطاركة كرسي الإسكندرية، ابتداء من مارمرقس حتى البابا شنودة الأول.


وللكنيسة 7 مذابح، أشهرها مذبح مار مرقس ومذبح مار جرجس ومذبح الملاك ميخائيل، وللكنيسة منارتان قديمتان، تم تجديدهما بواسطة قمصان خرسانية مع تزيينهما بنقوش قبطية، وتم تركيب أجراس جديدة في كل منارة أُحضرا خصيصًا من إيطاليا، ويوجد بالكنيسة المرقسية جزء من حجر الجلجثة التي أقيم عليها صليب السيد المسيح بأورشليم، وجزء من خشبة صليب السيد المسيح واردة من الفاتيكان، وجزء من حجر قبر العذراء مريم، ورفات القديس مارمرقس، ورفات القديس إنيانوس البطريرك رقم 2، ورفات الشهيد مارجرجس الروماني، ورفات القديس الشهيد يوحنا المعمدان، ورفات شهداء الفيوم، ورفات شهداء أخميم، ورفات شهداء حادث كنيسة القديسين.


جامع النبي دانيال



يرجع بناء جامع النبي دانيال في الإسكندرية إلى عام 1790 ميلاديا، وينسب الجامع إلى أحد شيوخ المذهب الشافعي، وهو الشيخ محمد دانيال الموصلي الذي جاء إلى الإسكندرية في نهاية القرن الثامن الهجري، واتخذ من مدينة الإسكندرية مكانا لتدريس أصول الدين والفرائض وظل بمدينة الإسكندرية حتى وفاته عام 810 هجريا، ودُفن بالمسجد وأصبح ضريحه مزارا للناس للتبرك به، بينما سمي المسجد فعلا على اسم الشارع وعلى اسم نبي العهد القديم وليس بالشيخ محمد دانيال.


وللجامع واجهة رئيسية واحدة هي الواجهة الجنوبية الغربية، ويقع بها المدخل الرئيسي للجامع حيث يؤدي إلى بيت الصلاة وينقسم إلى قسمين، قسم مصلى للرجال وقسم مصلى للنساء، ويتكون الجامع من مساحة مستطيلة واسعة يتقدمها صحن مكشوف، ويوجد بالناحية الشمالية الغربية منها أماكن الوضوء.


أزبكية الإسكندرية


يعتبر شارع النبي دانيال بالنسبة للمثقفين والأدباء بمثابة سور الأزبكية بالقاهرة، حيث يأتي إليه جميع المهتمين بالقراءة والثقافة من جميع محافظات مصر خصيصا، يشتهر بانتشار المكتبات الثقافية المختلفة، بداية من ميدان الشهداء إلى محطة الرمل، حيث تصطف الأكشاك والفرشات التي تبيع الكتب المستعملة في مختلف المجالات الثقافية والتاريخية والأجنبية والكتب الأدبية والعلمية، إلى جانب مجلات العلوم والطب المختلفة، كما يوجد مكتبات خاصة لبيع الكتب النادرة التي يصعب العثور عليها في أماكن أخرى.