التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 09:59 م , بتوقيت القاهرة

حيادي حيادي.. لكِ حبي وفؤادي

في السنوات القليلة الماضية لا يوجد أحد لم يسب ويلعن الإعلام، مرورًا بكل الظروف التي مرت بها البلاد في الآونة الأخيرة ودور الإعلام في أثنائها وتأثيره على الأحداث، حتى أن الإعلاميين أنفسهم باتوا يعلمون بسباب الناس لهم وعدم رضاهم عن أدائهم، مدعين قيامهم بواجبهم الإعلامي على أكمل وجه من أجل الواقعية والجرأة في الطرح.


فكان لزامًا ومنطقيًا أن نسأل الناس الذين طالموا شتموا في الإعلام ما هو الإعلام الصح في نظرهم؟! وما الذي يريدونه من الإعلام؟


أي شخص من حقه أن يجيب عن هذا التساؤل، فالإعلام تحديدًا قائم على الجماهير العريضة، وآراؤهم أهم من أي مصلحة وما تؤول إليه الأمور وواجب أخذ رأيهم في الاعتبار.


قمنا بعمل هاشتاج على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان #الإعلام_يجب_أن_يكون  لمعرفة اتجاه ووعي الناس إلى أين!! وبالتالي معرفة جزء من أرائهم، عل وعسى يؤخذ في الاعتبار وتكون الأمور أفضل مما هي عليه الآن.


- الكثير كان له تحفظ على أن الإعلام محصور في أسامي محددة بعينها، فلابد من تغيير دماء الإعلام وإقحام الشباب وإعطاء الفرصة لهم وعدم احتكار أسماء محددة سنين طويلة بمبالغ طائلة دون وجود جديد في الأداء أو أسلوب الطرح.


- إجماع غير مسبوق من الناس على وجوب الحيادية في الإعلام وعدم الانحياز وكأنهم يفتقدونها تمامًا الآن، فإخفاء الأهواء والحيادية التامة هي أداة الإعلامي المحترف وهو الامتحان الذي سقط فيه الجميع بجدارة، وكان الأجدر الالتزام بالحيادية في نقل الخبر كما هو ولا يضيف عليه رأيه وقناعاته الشخصية والصراخ في أذاننا بما يريدون لنا أن نصدقه.


- لا يرى الناس وظيفة الإعلامي أنه من له معرفة بصاحب القناة أو كان يمتهن مهن أخرى لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالإعلام، بل المفترض  للأعلامي أن يدرس و يدرب على الإعلام والظهور أمام الناس على الأقل عامين كاملين، لأن واحدا منهم بجهل يستطيع إفساد الملايين، فالكثير من الآراء تُجمع على أن العاملين في الإعلام يجب أن يكونوا على قدر كبير من العلم والاحتراف والمهنية في فالإعلام دراسة وليس هواية كما يظن البعض، وأن يبتعد عن سيطرة رأس المال حتى لا يصبح بوقا لرجال الأعمال والمصالح، الوضع الذي أدى إلى انحدار مستوى الإعلام.


- موضوع يتأزم منه الجميع لا يمت بصلة للاحترافية والمهنية في شيء، وهو نبرة صوت الإعلاميين العالية، ولا أعرف من أين أتوا بهذا الصوت والتشويح بأنه إعلام؟!! الناس مستلقية في بيوتها تريد أن تستقي المعلومة أو التحليل ولا يقابلها سوى الصراخ والعويل، حتى أن الإعلام استحدث عليه ألفاظ جريئة، إذا كانت تلك الألفاظ موجودة في الشارع فليس مبررًا أن يحتويها الإعلام كمحاكاة للواقع مش فيلم سينمائي هو !!


- بعض الإعلاميين كانوا مهذبين ومحترمين عندما كانوا يعملون لدى تلفزيون الدولة، وما إن فتحوا قنوات خاصة بهم صاروا كالجالسين على مصطبة بلدهم في عزبة أبوهم والمفروض أن نرى هذا مهنية واحترافا. 


- وإعلاميون آخرون يتباهون بالتسريبات وكشف المستور، طيب جهد مشكور ووطنية غير مسبوقة، ولكن مكانه في الجهات المختصة للتحقيق فيه، تهمة الخيانة العظمى ليس مجالها التلفزيون يا مدعي المهنية والوطنية والمهلبية لا من أجل الشو الإعلامي والفضائح الجنسية التي لا تعني المشاهد أن يستمع لنص مكالمتها بقدر اهتمامه بصحتها ومعاقبة المخطئين.


جو الفضائح بات رخيصا جدًا في الإعلام المصري والتشهير بالآخرين أيًا ما كانت توجهاتهم، يفتخر أحد الإعلاميين بأنه أستاذ ورئيس قسم وشيطان رجيم وتاريخه الإعلامي يشهد بذلك في إلقائه الضوء على شواذ القاعدة والأقليات على أنها وباء يجتاح المجتمع مثل البهائيين والملحدين والشيعة، فيضع النار بجانب البنزين ويقولك نظهر الحقيقة!! الحقيقة في الأقليات وترك ظواهر مجتمعية واضحة ملء العين تمس عددا كبيرا من أفراد المجتمع!! الأفضل للإعلام أن يبتعد عن بث الفتن والتحريض وانتهاك حرمة الحياة الخاصة بدعوى الحرية.


نظرة خاطفة على الإعلام الغربي تجد تركيزا عاليا على الطاقات الإيجابية فهناك أيضًا غسيل نظيف يمكن نشره بخلاف الغسيل المتسخ.


- طالبت الجماهير العريضة الأكثر وعيًا من القائمين على الإعلام نفسه، أن يكون للإعلام نظرة مستقبلية ورؤية في تشكيل الوعي والمعرفة لا أن يعمل كرد فعل للأحداث بل له خطة مسبقة للتعامل مع الأحداث.


- هناك مطالبة أيضًا أن يكون الإعلام دقيقا في المعلومات التي يبثها بالذات المعلومات التاريخية لأن أُناس كثر يستقون ثقافتهم من التلفزيون والراديو، مؤسف أن يستقي الإعلام معلوماته من شبكات التواصل الاجتماعي دون التأكد من الخبر إلا بعد انتشاره وسريان النار في الهشيم، أبسط المعلومات في صحة خبر وفاة الشخصيات العامة صار متضاربًا مات لا ما ماتش!! يا عزيزي فارق كبير أن نعلق على الخبر "البقاء لله" أو "الشافي هو الله"، هل نضبت مصادر معلومات الإعلام فلم يجد لديه سوى شبكات  التواصل الاجتماعي وما تحويه من ترديد أكاذيب وشائعات!! هل وصلنا فعلاً لهذه الدرجة من الانحطاط الإعلامي دون تحري الصدق قبل نقل وتداول الخبر ؟!


- من الأشياء المهمة المُغفلة أيضًا جودة اللغة المتحدث بها الإعلاميين نحويًا وأدبيًا ونطقًا، وأن يتم تقديم باستمرار معلومات جديدة ولا يظل يلوك ما اهترئ من كثرة النقاش.


نهايةً الجميع مستاء مما يقدم وكان الأجدر بالإعلام أن يكون سُلطة رابعة وليس سَلطة فواكه، ليس على الإعلاميين تجاهل رأي الناس، الذي هو بالأساس سبب وجودهم وإلا ستزيد الفجوة بينهم وبين الناس وتصبح بئرًا أول من سيسقط فيه هو الإعلام.