التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 05:56 م , بتوقيت القاهرة

حكاية كل يوم

(صفحة من مذكرات أنثى ثلاثينية)

التاريخ:  أي يوم / أي سنة

السابعة والنصف صباحًا:

استقيظت اليوم متأخرة، كالعادة. أتمنى لو أتخلى عن العادة السيئة بمحاولة سرقة "خمس دقائق كمان". "نفسي أشبع نوم"! لماذا يبدو هذا مستحيلًا؟!

العاشرة صباحًا:

أنا في اجتماع ليس له أي أهمية، ومع ذلك هو اجتماع مهم جدًا. مهم لتضييع وقتي! ولذلك سأقضي ما تيسّر من وقت الاجتماع في محادثة مع شخصٍ قابلته منذ فترة في اجتماع آخر. بدا الشخص لطيفًا وأظهر اهتمامًا وإعجابًا وبادلته الإعجاب والاهتمام، ومن يومها ونحن نتبادل الرسائل النصية (أحيانًا!).

كيف كانت الحياة قبل اختراع التليفون المحمول؟!

الثانية ظهرًا:

انتهى الاجتماع. لا أريد الآن سوى القهوة والتركيز لإنجاز ما أفسده الوقت الضائع في الاجتماع "المهم". ولكن هذا الزميل لا ينفك أن "يأتي ليلى بأسباب ملفقة". لا تعجبني سخافته ولا تطفله ولا حججه ولا محاولات استظرافه. وهو لا يفهم الإشارة ولا يردعه الزجر.

لِمَ لا يصادق الرجال المتزوجون زوجاتهم بدلًا من "رمي بلاهم على خلق الله"؟!

السابعة مساءً:

فقرة التحرش المسائي اليومية كانت في مستوى المُحتمل، فقط أفراد الأمن وبعض عابري السبيل وسائق سيارة يبدو أنه يستغل سنواته على المعاش في محاولة إقناع أمثالي إنهم "يركبوا يوصلهم".

الثامنة مساءً:

وصلت لموعد لقاء أصدقائي بعد فاصل من "الرغي" في "الولا حاجة" حتى الصداع مع سائق التاكسي. الشوارع القاهرية مزدحمة كالعادة. والزحام يجعل من سائق التاكسي "عشرة" ويصبح لا مفر من مجاراته الحوار.

الثامنة والنصف مساءً:

أخيرًا ظهرت تلك الصديقة القديمة التي رتبنا من أجلها لقاءً بعد يوم عمل. بادرتني أول ما بادرتني بسؤال أزلي "مافيش حاجة جديدة؟". حاولت أن أخبرها عن دراستي وعن عملي، ولكنها استوقفتني قائلة "إيه أخبار العرسان؟". أجبتها إجابة ضبابية في محاولة لتجنب الموقف والعبور به لشاطئ الحوار الممتع الآمن ولكنها أصرت.

قالت بنبرة لوم "ما تشدي حيلك بقى". ولم تتوانَ صديقة أخرى أن تُعلق "هي اللي بتطفشهم، مافيش حد عاجبها". ثم أردفت ثالثة، "حرام عليكم، سيبوها تستمتع". وأكملت الرابعة "آه يا بختك، ماعندكيش جوز يقرفك ولا عيل تجري وراه، أنا كان فين عقلي لما اتجوزت".

تحولت دفة الحوار بعدها للأطفال ورعايتهم، ولكن إحداهن لم يفت عليها أن تذكرني "ما إنت ما جربتيش، ربنا يرزقك".

الحادية عشرة مساءً:

قابلت إحدى جاراتنا على السلم. استوقفتني للسلامات. ثم قررت أن تقص عليّ قصة ابنتها وزوجها ومشاكلهم. حاولت إسكاتها بالدعاء بصلاح حال ابنتها، فانتقلت بالقصة للحفيدة.

أحب أنا تلك الحفيدة والجدة تعرف. لم يفت على الجدة قبل أن تختم قصة الحفيدة بأن تقول "شدي حيلك علشان تلحقي تجيبي زيها".

الثانية عشرة صباحًا: (اليوم التالي)

أتصفح موقع "فيس بوك" قبل النوم. يشبه "الفيس بوك" صفحات الاجتماعيات لحد كبير، هذه فقرة تهنئة بزواج أو خطوبة أو مولود وأحيانًا ترقية، وهذه فقرة التعازي. أود لو يتوقف الناس عن الإعجاب بمشاركات إعلان خبر الوفاة. أقدر أن بعض الأفراد ينعى أحباءه بلغة جميلة، ولكن جمال اللغة لا يُبرر أبدًا أن "تدوس لايك" على خبر وفاة.

أتجنب الوقوع في فخ السياسة، وأتجنب الاشتباك في نقاش موضوع الساعة. أتصفح الرسائل، تحمل إحداهن رغبات حبيب قديم، وأخرى محاولات معجب لفتح حوار. كما تحمل المزيد من سخافات الزميل المتزوج الذي لا أعلم لماذا يصر على صداقتي ويترك صداقة زوجته.

ألقي نظرة سريعة على حساب الشخص الذي تبادلت معه الرسائل النصية لقتل ملل الاجتماع. أكتب "تصبح على خير" ثم أتراجع عن إرسالها. لا أعلم تحديدًا ما يدور في عقل هذا الشخص. يظهر متى أراد ويختفي متى أراد. يغمرني بالاهتمام كما يقتلني بالتجاهل. من الواجب الحرص، لأن قصص أمثاله دائما ما "بتقلب غم".

الواحدة والنصف صباحًا:

أضبط المنبه على أمل ألا أحاول سرقة خمس دقائق من النوم بعد موعد استيقاظي.  

بالتأكيد بكرة أحلى.