التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 05:32 م , بتوقيت القاهرة

شايب وعايب.. تفتكر ؟!

الرجال يواجهون المراهقة في سن الستين وما أدراك ما الستين، بسبب التقدم التكنولوجي والطبي لم يعد هذا سن المهكعين ولكن العقول فقط تتغير، فيقومون بأفعال غريبة تفقدهم احترام المحيطين، هل هذا يرجع إلى أسباب نفسية أم عضوية؟!


علماء النفس يرون أن التصرفات المشينة مرتبطة بطبيعة الشخصية أكثر من ارتباطها بالنشاط الجنسي أو الرغبة الجنسية، لكن في أحيان كثيرة التصرفات الغريبة سببها يرجع إلى أسباب مرضية لها جانب عضوي وآخر نفسي، الجانب العضوي مثل بدايات التدهور في خلايا المخ والخلايا العصبية وهي بدايات الخرف أو العته، فلا داعي لظلمهم والحكم على تصرفات قد تكون خارج إرادتهم أو ترجع لعامل نفسي كالإحباط والوحدة.


يعتقد علم النفس أنه إذا وجدت بعض الرجال بعد الستين المعروف عنهم طوال حياتهم بالوقار والالتزام، تصدر منهم بعض التصرفات التي تخدش الحياء وتميل إلى بعض الانحراف الجنسي سواء في التعبير في الكلام أو بإلقاء النكات الخادشة للحياء أو التحرش بالنساء أو مشاهدة أفلام بها محتوى جنسي، فأول شيء لابد أن نُفكر فيه أنه قد يكون يعاني من مشكلة عضوية، بمعنى أنه من المعروف أن المخ بعد سن الستين يبدأ في الضمور، وأن هناك جزءا من المخ، وهو الفص الأمامي الجبهي مسؤول عن الحكمة في التصرفات هو الذي يكون الشخصية، ويجعل الشخص يعي الصح من الخطأ، فبعد سن الستين يبدأ حدوث ضمور في بعض خلايا المخ فمن الممكن أن يكون الضمور أخذ مركز التحكم الاجتماعي، معنى هذا أن الضمور أدى إلى فقدان الحكمة الاجتماعية فتظهر منه تصرفات معيبة.


لذلك دائمًا وأبدًا عند ظهور تصرفات غريبة معيبة بعد سن الستين لا نرجعها لأسباب نفسية واجتماعية فقط، بل ننظر للأسباب العضوية أيضًا، خصوصًا أن التغيرات السلوكية لا تكون العرض الوحيد الذي بمحتواه يحدد الطبيب ضمور بعض خلايا المخ، ولكن قد يصاحبها أعراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم للشخص منذ  فترة طويلة أو إصابته بمرض السكر فهي أمراض تساهم في حدوث الضمور بنسبة أكبر، إذا انتفت الأسباب العضوية يبدأ الأطباء في التفكير في الأسباب النفسية.


الرجال بعد الستين تجدهم يتكلمون كثيرًا ويفعلون قليلاً فمثلما للشباب أزمة منتصف العمر، فللمسنين أيضًا أزمة نهاية العمر سواء كان الزوجة على قيد الحياة، وانقطع الود بينهم أو الزوجة توفيت ويعيش وحدة وجفاف عاطفي.


شكاوى الأبناء من مراهقة الآباء في هذه السن على أنها نزوة أو جنون كثيرة، وخاصة أن الأبناء يعتقدون أن آباءهم في مثل هذه السن المفترض أن تكون رغباتهم قلت في الحياة عملاً بالمثل القائل: "رِجل برا ورِجل جوا".


 يرى بعض الناس من العاقلين المتفهمين لهذه المرحلة العمرية في رأي هؤلاء الأبناء الظلم والقهر في مجتمع منافق ويتساءلون في دهشة هل تريدون لآبائكم الموت، وهل الرغبة تموت عند الرجال في هذه السن؟! بل أن من يعبر عن مكنونه أو ما يسمونه أبناؤهم مراهقة هو صدق مع النفس والمجتمع، بل هو أفضل من أن يكون مناققًا يظهر في العلن ما يخفيه في السر.


أعجبني مرة جرأة ورد رجل في السادسة والسبعين من عمره على ابنة تشتكي من مراهقة والدها بعد الستين فقال: لم يختلف شعوري منذ نعومة أظافري نحو النساء وكأني مازلت ابن الثامنة عشرة عامًا والفكرة الغلط السائدة عند كثير من الناس أن الأشخاص المتقدمين في السن لا عواطف لهم ولا رغبة جنسية، بل على العكس حب أبيكي للنساء دليل على أن فكره صاف وقلبه راض متسق وواضح مع نفسه، في الوقت الذي يفعل الشيء نفسه كثير من الرجال ولكن بشكل سري مدعين الاحترام ظاهريًا.


وجهة النظر الحقيقية ليست في نظرة المجتمع لهذه المراهقة، ولا داعي للخجل منها لأنها بتحصل في أحسن العائلات، لكن المهم هو كيفية احتواء هؤلاء الآباء في هذه السن كأصدقاء وليس كأبناء بدون خجل أو غضاضة ومحاولة معرفة الأسباب هل هي عضوية أو نفسية أم أنها متطلبات ورغبات عادية طالما في نفس طالع ونفس خارج !! هل هي مراهقة متأخرة أم طلب للرعاية؟!


هم في عمر متقدم يبكي ويضحك لا حزنًا ولا فرحًا، كعاشق خطا سطرًا في الهوا ومحا، لو كنا ندرك ما يحملوه من شجن بعد أن انتهى منهم ربيع العمر وزهرة الشباب لكنا أرفق ممن قسى وصفح .